وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تكشف عن أول أيام شهر جمادى الآخرة لعام 1446 هجرية
تحتضن مدينة فاس، ابتداء من اليوم الاثنين وإلى غاية يوم الأربعاء 21 دجنبر 2011، الدورة الثالثة للمؤتمر السنوي للشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد.
ويشارك في هذا المؤتمر الإقليمي الهام حوالي 150 مشارك يمثلون هيئات رسمية معنية بمكافحة الفساد في العالم العربي، وكذا ممثلون عن القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، إضافة إلى عدد من الخبراء المغاربة والأجانب.
يذكر أن رئاسة الشبكة العربية التي ترأسها اليمن حاليا في شخص أحمد الآنسي ستؤول إلى المغرب في شخص عبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وذلك إلى غاية انعقاد الدورة الرابعة للمؤتمر خلال سنتين.
في ما يلي نص كلمة عبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة في الجلسة الافتتاحية صباح اليوم الاثنين 19 دجنبلا 2011.
“بسم الله الرحمن الرحيم،
السيد أحمد الآنسي، الرئيس الحالي للشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد،
السيدة علياء الدلي، ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي،
السيد محمد رضوان بن خضراء، ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية،
أصحاب المعالي والسعادة، السادة رؤساء الوفود وأعضائها،
حضرات السيدات والسادة،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
يشرفني أن أشارككم، أشغال المؤتمر الثالث للشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد، الذي ينعقد اليوم بمدينة فاس، العاصمة العلمية للمملكة المغربية.
كما يسعدني أن أرحب بالسيد ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأصحاب المعالي والسعادة، السادة رؤساء وأعضاء الوفود العربية الشقيقة، وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية، وفعاليات المجتمع المدني والقطاع الخاص، متمنيا لضيوفنا الكرام مقاما طيبا ببلدكم الثاني المغرب.
حضرات المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
إن المملكة المغربية، وهي تحظى بشرف تسلم رئاسة الشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد، لكلها اعتزاز وافتخار باحتضان هذا المؤتمر الذي تزامن هذه السنة مع انعقاد المؤتمر الخامس للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد، والدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بمدينة مراكش، اعترافا من المنتظم الدولي بالمجهودات التي تبذلها بلادنا في تفعيل آليات التعاون العربي الإقليمي والدولي لتطويق الفساد.
وإنها لمناسبة لأشيد بنجاح المؤتمرين السابقين للشبكة العربية في كل من عمان بالأردن سنة 2009 وبعدن باليمن سنة2010، والذي نتشرف بتسلم رئاسة المؤتمر الثالث منه هذه السنة، مقتنعين تمام الاقتناع بأهمية الدور الذي لعبته كل من الرئاستين السابقتين في تعضيد وتفعيل التعاون العربي في مكافحة الفساد عبر قنوات هذه الشبكة العربية التي نلتئم فيها في هذا الجمع الكريم.
كما أود أن أثمن المجهوذات المحورية التي تقوم بها جامعة الدول العربية، كإطار للعمل العربي المشترك والمسؤول، في سبيل التنزيل الجيد لأحكام المواثيق والاتفاقيات العربية والدولية ذات الصلة بمكافحة الفساد.
وأغتنمها فرصة كذلك، لأنوه بالدور الأممي البناء والتواصل المثمر والدعم المادي والتقني الذي يقدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للشبكة العربية من أجل تعزيز جهوذ الدول العربية في مجال النزاهة ومكافحة الفساد.
حضرات المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
إن الجميع ليتفق اليوم على أن مكافحة الفساد أضحت أولوية الأولويات، وإحدى الرهانات الكبرى المطروحة على جدول أعمال أعلى المستويات، الحكومية منها وغير الحكومية، لما يشكله الفساد من تهديدات حقيقية لأمن واستقرار المجتمعات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
إن تطور الإجرام الدولي العابر للحدود، ليفرض اليوم المزيد من التكتل الدولي، عبر تفعيل آليات للتعاون الأمني والقضائي والمؤسساتي، سواء في إطار إقليمي عربي- عربي أو عربي – دولي، بغية تطويق مختلف مظاهره.
من أجل ذلك، فإن التئام مثل هذا الجمع المبارك في المملكة المغربية، يؤكد من جديد مستوى التقدم الذي نلامسه اليوم في تفعيل التعاون العربي العربي للتصدي للفساد، انطلاقا من التخليق البنيوي لمختلف مستويات الحياة العامة في أوطاننا العربية إلى محاربته وقائيا وزجريا وإصلاحيا، كشرط أساسي لتكريس مبادئ الحكامة الجيدة.
حضرات المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
لقد ترجم المغرب إرادته السياسية في مكافحة الفساد بانضمامه للاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، توقيعا ومصادقة، معلنا عن تشبثه الراسخ بالمعايير الدولية للنزاهة والشفافية ومحاربة الفساد.
في هذا السياق، تم الارتقاء بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة في إطار الدستور الجديد لسنة 2011 إلى هيئة وطنية مستقلة للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، حتى تتمكن من إرساء المنظومة الوطنية للنزاهة، على غرار باقي هيئات الحكامة الجيدة التي أفرد لها الدستور بابا مستقلا، مع التذكير بالمبادئ التي ترتكز عليها.
حضرات المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
لقد اختيرت “المشاركة المجتمعية في مكافحة الفساد، وآفاق تطوير آلياتها في البلدان العربية”، موضوعا محوريا لهذا المؤتمر، اعترافا من الشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد بالدور الطلائعي الذي يمثله المجتمع المدني، كشريك أساسي ووازن في إعداد وتتبع تنفيذ سياسات مكافحة الفساد، بما ينسجم مع مقتضيات الاتفاقية الأممية في إشراك المجتمع في منع الفساد ومحاربته.
وبهذا الاختيار تكون الشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد في مؤتمرها هذا، قد تفاعلت مع تطلعات الشعوب العربية الراغبة في غد أفضل، قوامه سيادة القانون، ووسيلته النزاهة، وغايته الرفاهية.
ولا يخفى عليكم، أن دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد لا يقل أهمية عن دور الأجهزة والمؤسسات الحكومية المعنية، تحقيقا للتوازن الموضوعي المفروض ضبطه في مواجهة الفساد، بما يجعل المشاركة المجتمعية فاعلا أساسيا ومحوريا في مراقبة وتتبع تنفيذ البرامج والسياسات العمومية ذات الصلة، وفي النهوض بالتحسيس والتربية على قيم النزاهة، وكذا في تشجيع التبليغ عن أفعال الفساد.
حضرات المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
إن الاعتراف بالأدوار المحورية للمشاركة المجتمعية في مواجهة الفساد، يستدعي كذلك الوقوف على الإكراهات التي تعترض عمل جمعيات المجتمع المدني في المجال، والعمل على توفير الآليات القانونية والتنظيمية لتيسير وتبسيط مساطر تأسيس الجمعيات والاعتراف بها كمطالب بالحق المدني، ومساندة أنشطتها لتمكينها من المشاركة الفعلية في تكريس ثقافة النزاهة ومحاربة الفساد.
مثل هذه الإكراهات التنظيمية، لا ينبغي أن تحجب عنا كذلك، حاجيات المجتمع المدني إلى الدعم المادي والتقني من أجل بناء قدراته الذاتية في المرافعة ومناصرة قضايا مكافحة الفساد، ومساعدته على ممارسة مختلف
أدواره الاجتماعية من خلال تمكينه من الحق في المعلومات، والمساهمة في تبني برامج تربوية للتوعية والتثقيف ونشر الوعي الجماعي بتهديدات الفساد. وإذا كانت القناعة راسخة لدى الجميع بأهمية المجتمع المدني في مكافحة الفساد، كقوة اقتراحيه مؤثرة في توجيه السياسات العمومية، فإن الوعي بهذه الأهمية يزداد كذلك بضرورة توطيد علاقات التواصل المستمر بين جمعيات المجتمع المدني في الوطن العربي من أجل تبادل التجارب والخبرات الناجحة في الرفع من الوعي والمرافعة في قضايا الفساد وتعبئة المجتمعات المحلية لتحقيق المزيد من التطور في جهود مكافحة الفساد.
حضرات المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
لي اليقين، أننـا لن ندخر جهدا طيلة أشغال هذا المؤتمر في تعضيد دور المشاركة المجتمعية العربية في مكافحة الفساد، وإعطائها المكانة اللائقة بها والدور الفعال الذي تستحقه، من خلال الوقوف على التجارب المثلى لهذه المشاركة المجتمعية، والخروج بتوصيات بناءة تضاف إلى باقي المكتسبات التي حققتها الشبكة العربية في المؤتمرين السابقين، وما خرجنا به كمنتظم دولي في إعلان مراكش حول التدابير الوقائية في المؤتمر الأممي في دورته الرابعة.
حضرات المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
أرحب بكم مجددا، متمنيا من الله العلي القدير، السداد والتوفيق في أشغالنا بما يخدم صالح الأمة العربية، وبما يقوي من العزيمة الدولية في تدعيم مبادئ النزاهة ومكافحة الفساد، تأسيسا لمقومات مجتمع عربي ودولي آمن يحظى فيه الجميع باستتباب قيم النزاهة وبالاستقرار والرفاهية.
وفقنا الله جميعا في مبتغانا.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.
فاس في 19 دجنبر 2011.