الأميرة للا مريم تترأس حفلا بمناسبة الذكرى الـ25 لبرلمان الطفل
بقلم: يونس دافقير
مشروع المغرب الديمقراطي ما يزال بحاجة إلى حركة 20 فبراير، ما من شك في ذلك، لكن ما يؤرق شريحة واسعة من الديمقراطيين اليوم، هو ما إن كانت الحركة تعي بالفعل وجود هذه الحاجة، وما إن كانت مستعدة لإعادة النظر في مآلات التأسيس.
لنتفق أولا حول هذه الحاجة الديمقراطية الملحة، لقد ساهمت عشرين فبراير في تحقيق النقلة النوعية لوتيرة الإصلاح الديمقراطي وتعزيز البناء الحقوقي، بل إنها رفعت سقف ما كان منتظرا قبل ميلادها بأشهر قليلة، لكن العملية كلها ما تزال مجرد خطاطة قيد التنزيل، وتحتاج لكثير من اليقظة، والتواجد الحركي للشارع من أجل الضغط حتى لا يقع الانحراف عن المسار.
من بين أصعب ما قد يحدث في المغرب اليوم هو أن يخفت الوهج النضالي للشارع، ويتم تمييع حركاته الاجتماعية، إن الارتخاء السياسي والاجتماعي سيولد النكوص، ويدفع نحو عودة التحكم في المشهد السياسي بأدوات ولاعبين أكثر جدة، وسيجعل الاستبداد يرتدي من جديد قفازات حرير أكثر نعومة.
لا شيء مضمون في السياسة وخطاطات التغيير مثلما ينبئنا بذلك التاريخ، لذلك تبدو لي حركة 20 فبراير كما لو أنها صمام أمان في مواجهة هذه الردة الواردة، لكن هذه المسؤولية التاريخية هي اليوم أكبر من الوضع الحالي للحركة، إن مسافة شاسعة صارت تفصل بين الأرضية التأسيسية للحركة وبين واقعها الآني، ويوما عن يوم، تجري مراكمة الأخطاء القاتلة ومزيد من التوغل في راديكالية بدون عقل وعدمية جارفة، حتى صرنا أمام صورة مشوهة لنسخة بدت ذات يوم أصيلة ملهمة للتغيير.
كل الفاعلين السياسيين والحركات الاجتماعية يضطرون في لحظة تاريخية ما إلي تشخيص الذات لأجل تصحيح المسار، لننظر إلي الاتحاد الاشتراكي وحزب الأصالة والمعاصرة مثلا ، الحزبان يعترفان بأخطائهما ويدخلان مرحلة المراجعة الذاتية. فهل الحركة صاحبة وحي منزل وممارسة معصومة من الخطأ حتى لا تخضع لمثل هذا المنطق.
بالنسبة لي، التحدي الأول في وجه الحركة هو أن تنتقل من أن تكون مجرد واجهة نحو أن تصبح العمق، وهذا يقتضي بالضرورة فك ارتباطها بالقوى السياسية التي تستغلها إما في تصفية حساباتها مع النظام أو في التنفيس عن عجزها الذاتي في ميادين الجماهيرية، إن حركة شبابية ببضع مئات من المناضلين وسيدة قراراتها، هي أفضل بكثير من حركة تجمع الآلاف لتضعهم تحت وصاية منتظري الخلافة والحالمين بديكتاتورية البروليتاريا.
وثاني تحديات الحركة، في تقديري، هو أن تقطع في ثقافتها مع العدمية السياسية، إن الحوار مع الدولة ممكن، والفعل السياسي النضالي من داخل الدستور القائم ممكن أيضا، والمقاربة التشاركية في الحرب على الفساد تبدو اليوم في المتناول، كما أن اليقظة في مراقبة تنزيل الدستور تسمح برصد نواقصه واختلالاته، وحينها يكون رفع مطلب تغيير الدستور من جديد ذو قيمة ومصداقية …
لست أعطي دروسا ولا نصائح… فقط هذه متمنيات مواطن آمن يوما بالفبراريين، وما زال طامعا في تجديد إيمانه.
عن الزيملة “كيفاش”