بيان مشترك: المغرب و’سانت لوسيا’ عازمان على تعميق تعاونهما الثنائي
بقلم: علي مسعاد، كاتب وصحافي مغربي
في زمن إنتشرت فيه، الأمراض الصامتة المزمنة، بين الكثير من الناس، أصبحت لا تسمع غير الشكوى، من الضعف وقلة الحيلة والأرق، وهي الأعراض الأكثر إنتشارا بين جيل اليوم، جيل “المروكو مول” و”البلاك بيري” .
هل كان لهذه الأمراض، أن تنتشر لولا التربة الخصبة، التي وجدت في نفوس العديدين، من قلة الإيمان و ضعفه والهرولة وراء المال والغنى الفاحش بأي وسيلة وأي ثمن، فضلا عن غياب الوازع الأخلاقي، لدى الكثيرين.
يحدث كل هذا والعالم المعاصر عرف قفزة نوعية من حيث التطور والتقدم ، لكن من حيث العمران والهندسة المعمارية، لكن من حيث بناء الإنسان كروح وجسد وعقل، فالخواء والفراغ لدرجة ضاعت المعايير الأخلاقية بين بني الإنسان، وأصبح الفرد منا يقاس بمقدار إمتلاكه لحاسوب وكاميرا رقمية وهاتف نقال وسيارة وأفخم المنازل، معايير مادية محضة، لا مكان فيها للأخلاق والمبادئ والمثل العليا.
فأنت تكون متدينا ونبيلا وشهما ومتخلقا بخلق القرآن، فأنت أقرب إلى الغباء منه الطيبة، وأن تملك آخر صيحات الموضة فأنت ” إبن زمانك” ومحط إعجاب الكثيرات والكثيرين وكل الأعين تتعقب خطواتك، إن إعجابا أو حقدا أو حسدا .
ما غاب عن جيل ” التي جي في”، أن انتشار سبب الأمراض المنزمنة الصامتة هو الابتعاد عن الروحانيات، وإلا ما تفسير العديدين لظاهرة إنتشار ” الرقية الشرعية” بين الدروب والأزقة و الشورع و حتى القنوات الفضائية، فالكل أصبحا متخصصا في إيجاد الحلول للمس والحسد والعين والجن وغيرها من الأعراض المتربطة بغياب الوازع الديني لدى جيل “البلاي ستايشن” .
الجيل الذي أضاع ” بوصلته ” وأصبح تائها بين الإسلام والعلمانية، بين العرب والغرب، بين الأصالة والمعاصرة، فلا هو من هؤلاء ولا من هؤلاء لدرجة تغيرت لهجته ولغته، فلا هو عربي ولا عرنسي ولا يمتلك غير رموز “الشات ” بلا إحساس وبلا أفق ثقافي .
لدرجة أصبحت حياة العديدين بلا طعم، فأغلبهم يأكلون بلا شهية، يمارسون الجنس بلا لذة، يعيشون ليومهم بلا أفق، قاطعوا جذورهم وتاريخهم بلا رحمة ولا شفقة.
يقضون يومهم في قاعة الإنتظار، إنتظار الذي يأتي وقد لا يأتي، فالتقدم والحضارة لا تعني أوتوماتيكيا، أن تمتلك حسابا بنكيا وآخر صيحات الموضة في التكنولوجيا والألبسة، وأن تكون “إبن زمانك ” ليس أن تخرج إلى الشوارع كل يوم أحد، وأن تكون “مناضلا” لا يعني البتة أن تكون إنتهازيا ووصوليا، فلكي تكون كذلك عليك أن تعرف نفسك وأن تكون أنت أنت ولا أحد غيرك، تحس بآلام الآخرين وأن تتخلق بخلق القرآن وأن تكون خليفة فوق الأرض، بما تعني الكلمة من معنى.
لأن الذي يحدث اليوم، وتتحدث عنه الصحف ونشرات الأخبار، من زنا المحارم وقتل الأرواح وإستغلال الضعفاء وذوي الحاجة والسرقة والاغتصاب، ليست من النبل في شيء ولا من الحضارة والتقدم والدهاء والذكاء وغيرها من المصطلحات الرنانة، أو بتعبير لغة الشارع “القافز” كجبدها من فم السبع”، والتي لم تقدنا إلا إلى الهلاك والخوف وعدم الثقة في بعضنا البعض، حتى أصبحت حياتنا “جحيما ” لا يطاق .
فهل من “التقدم ” في شيء ، أن ينطوي كل فرد على ذاته و كل أسره على نفسها و كل قبيلة على حدودها ، في زمن تقول عنه وسائل الإعلام ، أنه عصر تماهت فيه الحدود و أصبح العالم قرية صغيرة ، بفضل الأنترنيت و الساتل ؟ا أم هو الجشع و الطمع وحب المال و الهرولة ورائه ومن أجله ولأجله ، هي أسباب ” إنغلاقنا ” على ذواتنا و إحساسنا ب” التعاسة ” الداخلية ” في زمن أغاني غرف النوم و ” بوس الواوا ” .