شهدت الملاعب الخضراء موهبة إريك كانتونا الساطعة مع أندية فرنسية مثل «مارسيليا» و«بوردو» – وبالطبع المنتخب القومي الفرنسي – ثم أندية انكليزية مثل «ليدز» و«مانشيستر يونايتد». وهنا صار معبودًا لجماهير الكرة الانكليزية، بغضّ النظرعن أنديتها، وبلغ قمة شهرته العالمية، قبل تقاعده عن الكرة، مستجيبًا لأضواء السينما.
الآن يتخذ كانتونا خطوة هائلة في اتجاه مختلف تمامًا بإعلانه نيته السعي إلى منصب الرئاسة نفسه في بلاده. فقال إنه بدأ فعلاً جمع التواقيع، التي يفرضها القانون، قبل تسجيله في قائمة المتنافسين على المنصب الأعلى.
بشأن هذه التواقيع، فإن كانتونا بحاحة إلى 500 منها، ولكن ليس من وسط الجمهور، وإنما من المسؤولين المنتخبين إلى مناصبهم الرسمية، وذلك قبل انقضاء الشهر المقبل.
وقد بعث في هذا الصدد بخطابات إلى عدد مختار من عمداء المدن والبلدات الفرنسية، يسألهم فيها وقوفهم خلفه باعتباره «مواطنًا يعنى بشؤون البلاد وأهلاً لمنصب الرئاسة».
نقلت الصحافة البريطانية قوله في خطابه، الذي نشره على صفحات «ليبيراسيون»: «الحسّ الوطني يلزمني برفع صوتي بشكل أعلى من أي وقت سابق لتحمّل المسؤولية الكبيرة، خاصة في هذا الزمن الذي تواجه فيه بلادنا خيارات صعبة، ستكون بالغة الأهمية لمستقبلها».
وأدان كانتونا في خطابه محدودية الفرص أمام شباب فرنسا، وما وصفه بالظلم الاجتماعي، الذي يتخذ أشكالاً متعددة وعنيفة ومنتظمة، كما قال.
يذكر أن المرشحين إلى الرئاسة الفرنسية سيخوضون انتخابات الجولة الأولى في نيسان (أبريل) المقبل. وسيتواجه المرشحان، اللذان يحصلان على العدد الأكبر من الأصوات في الدورة الثانية الحاسمة، في مطلع أيار (مايو) لاختيار أحدهما رئيسًا.
وتورد الأنباء أن مرشح الاشتراكيين، فرانسوا أولاند، يتقدم حاليًا بهامش كبير على الرئيس نيكولا ساركوزي.
وبالرغم من نجوميته الرياضية والفنية، فإن فرص كانتونا الحقيقية في الوصول إلى قصر الإليزيه تكاد تكون معدومة، حتى في حال تمكنه من جمع التواقيع اللازمة لاعتماده متنافسًا رسميًا، وأيضًا حتى في حال فوزه في الدورة الانتخابية الأولى. والسبب المباشر في هذا الوضع هو أنه يخوض المعركة منفردًا، ويفتقر أي ماكينة حزبية تقف وراءه وتدعمه.
لهذا فيبدو أن السبب الذي يحدو بكانتونا – المليونير بأموال نشاطاته الرياضية والفنية والدعايات التجارية لمختلف كبريات الشركات مثل «ناكيه» و«لوريال» – لإعلان ترشحه للرئاسة رغم علمه أنه لن يفوز بها هو محاولته لفت الأنظار الى ما يعتبره ظلما اجتماعيا ماحقا في بلاده. وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها هذا النجم إلقاء الضوء على هذا الأمر.
ففي ديسمبر / كانون الأول 2010 دعا الفرنسيين لسحب أموالهم من البنوك والمؤسسات المالية بسبب دورها في خلق الأزمة المالية العالمية على حد قوله. لكن دعوته هذه ذهبت أدراج الرياح إذ لم يستجب لها أحد. لكن يبدو أنه لم يفقد الأمل في تنبيه مجتمعه الى نوع الأمراض التي يعاني منها فأعلن ترشحه منافسا للعمالقة السياسيين أمثال ساركوزي وأولاند.
ومهما يكن فقد اتضح في العديد من الحالات السابقة أن للعمل السياسي بريقا أشد لمعانا من ذلك المتوفر في مضمارات الرياضة والفن. فقبل أيام قليلة أوردت «إيلاف» أن المغني السنغالي المعروف عالميا يوسو نْدور ينوي أيضا خوض المعترك الأكبر ومنازلة السياسي المخضرم عبد الله وادو، زعيم «الحزب السنغالي الديمقراطي» الذي يتولى الرئاسة في الدولة الواقعة بغرب افريقيا منذ ابريل / نيسان 2000.
ويبدو أن دافع كانتونا هو نفسه الذي حدا بالمغني الافريقي لاتخاذ قراره. فقد قال هذا الأخير في بيان إعلانه نيته السعي للرئاسة: «حان الوقت لاستعادة السلطة من الذين ينفردون بخيرات البلاد بينما يعاني شعبها من العطالة والفقر».
أكورا بريس: عن موقع “إيلاف”