أكورا بريس: ن ص
خلال تقديمه لإدغار موران، أكّد نور الدين الصايل، مدير المركز السينمائي المغربي، أنه من الصعب تقديم تعريف محدد لهذا الرجل، الذي نجد فيه الفيلسوف وعالم الاجتماع والسينمائي والمحلل النفسي، إلى غير ذلك من ميادين الفكر التي اشتغل عليها، وهو ما أكدّه موران بعد تسلمه الكلمة، محبّذا ألا يتم وضعه في خانة فكرية محددة.
وقد تطرق إدغار موران، الوجه البارز في السينما والفكر، خلال بداية حديثه إلى التعريف بالسينما والعودة إلى بداياتها ذات يوم من سنة 1895 بأحد الصالونات الباريسية، لتتطور بعد ذلك شيئا فشيئا، مؤكدا أن حقبة العشرينيات والثلاثينيات، التي اتسمت بالسينما الصامتة خلّفت بدورها العديد من الروائع السينمائية خصوصا مع النجم شارلي شابلن، لتأتي بعد ذلك السينما الناطقة “التي اكتشفت الصمت” على حد قول إدغار موران، والتي نقلت لنا الأصوات وتميزت بإدماج الموسيقى التصويرية، هي التي بدورها خلّفت نجوما سيبقون، لا محالة، خالدين في تاريخ السينما العالمية.
ويؤكد إدغار موران أن السينما، عكس جميع الفنون الأخرى، تتسم بطابعين هما الصناعي والتجاري، كما أنها تحتضن العديد من الفنون الأخرى كالموسيقى والكتابة والرسم والديكور… إلا أن الهاجس التجاري لم يقف حاجزا أمام السينما العالمية بأن تقدم لنا أعمالا خالدة وروائع سيتم الاحتفاظ بها في خزانة السينما العالمية، وذلك يعود إلى وعي المنتجين بضرورة تقديم الجديد، إذ لا يمكن إنتاج نفس الفيلم مرتين، مما يفتح الباب أمام الصراع الأبدي بين الإنتاج والإبداع، وهو صراع يؤول كل مرة إلى طرف.
وعن دور السينما الفكري، يقول إدغار موران أن السينما أداة لا تؤسس لأفكار جديدة بقدر ما تكرّس الأفكار الموجودة مسبقا، مستشهدا على ذلك بالأفلام السينمائية الأمريكية التي تم إنجازها خلال حقبة الحرب العالمية الثانية لمحاربة العنصرية بين الجنود البيض ونظرائهم السود في الجبهة. ومن جهة أخرى، يبقى موران مقتنعا أن الحياة الواقعية تبقى دائما أجمل بكثير مما تقدمه لنا السينما، لأننا، إنسانيا، نتقبل الآخر أكثر، والدليل على ذلك هو تعاطف الجمهور مع شارلي شابلن مع أنه كان يجسد أحيان دور المتشرد الذي يجوب الشوارع دون هدف، وكذلك حبه لشخصية العرّاب “Le Parrain ”، التي جسّدها مارلون براندو وألباتشينو، حيث، إلى جانب شقه الإجرامي، كان المشاهدون يركزون على شخصيته الإنسانية وسط أفراد عائلته.
هذا وقد عبّر إدغار موران للحاضرين عن سعادته بتواجده بالمغرب وترأسه لجنة تحكيم الدورة الثالثة عشر من المهرجان الوطني للفيلم، وأبدى تجاوبا كبيرا مع جميع الحاضرين، حيث ردّ بتفصيل على الأسئلة التي خاطبت فيه السينمائي والفيلسوف وعالم الاجتماع.