فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
بقلم: خالد أشيبان: فاعل سياسي وجمعوي
شهيرة هي تلك الكلمة التي ألقاها الملك الراحل محمد الخامس عند عودته من المنفى وحصول المغرب على استقلاله «لقد خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر». كلمة تنطبق نصاً ومضموناً على المرحلة التي نعيشها اليوم في بلادنا، فسنة 2011 كانت حافلة بالأحداث والتغييرات ما يجعل منها سنة تعدل خمسين سنة مرت بعد الاستقلال. وإذا بي أتخيل الملك الراحل يلقي كلمته اليوم.
فما حصل خلال السنة التي ودعناها أعاد النظر في الأسس التي تبنى عليها الدولة ورسخ البديهيات التاريخية التي يتمسك بها المغاربة. فالملكية ومغربية الصحراء اتفق الجميع على أنهما خطان أحمران، والتقدم كلمة اجتمع الجميع عليها، والديمقراطية رهان أكد الجميع على ضرورة كسبه، والعدالة الاجتماعية قدرٌ لا مفر منه، والتوزيع العادل للثروة هو أكبر تحديات المرحلة … وكل هذا وذاك رهين بنجاح الجهاد الأكبر “الجهوية المتقدمة”.
فالمواطن المغربي اليوم تطلعاته وانتظارا ته كبيرة جداً يستحيل على جهة لوحدها تلبيتها، ما يجعل اليوم من تضافر جهود الجميع وجعل المصلحة العليا للوطن فوق أي اعتبار أمر محتم. فكل إصلاح لن يكون مجدياً إلا إذا لمسه المواطن في حياته اليومية. فئة عريضة من المغاربة هم أناس بسطاء لا يشكل الدستور ولا البرلمان هاجساً لهم بقدر ما يشكل القوت اليومي وملبس الأولاد ودراستهم ثقلاً يعجز الكثير منهم عن تحمله.ومن هنا تأتي أهمية البعد الجهوي لمختلف السياسات القطاعية.
فالدستور الجديد أتى بالجديد فيما يخص البعد الجهوي وأعطى أهمية كبيرة لدور المنتخبين المحليين ورؤساء الجماعات ومجالس المدن والجهات. هؤلاء هم المسئولون الرئيسيون عن هموم المواطنين وهم أول المعنيين بتوفير حاجياتهم. فالمسئول المحلي هو المعني ببناء المدرسة والمستوصف والمكتبة والملعب ودار الشباب، و بترصيف الطرق وجمع الأزبال والتنسيق مع جميع الجهات لضبط الأمن ومحاربة الفقر والهشاشة وتوفير المنح الدراسية وتشجيع المقاولات المحلية وإيصال ما استعصى من المشاكل إلى البرلماني والوزير.
عندما يقوم رؤساء الجماعات ومجالس المدن والجهات بدورهم سيتمكن البرلماني من القيام بدوره الرقابي والتشريعي على أحسن وجه، وسيكون بمقدور الوزير القيام بمهامه الرئيسية والتركيز على أمور إستراتيجية. فوزير التعليم مثلاً يجب أن يكون همه الأول هو سد الخصاص بالمدارس والثانويات وتحيين المراجع بدل تضييع الوقت في معالجة الأمور التي من المفروض أن يهتم بها المنتخب المحلي كتوفير الماء والكهرباء بالمدارس وتوصيلها بالطرق وعزلها بالأصوار. وزير الصحة يجب أن يوفر الأطباء بجميع الجهات وبكل الاختصاصات و يفتح مراكز استشفائية جامعية جديدة ويعمم التلقيح بعيداً عن دور المنتخب الجماعي المسئول عن بناء المستوصفات وتأهيلها لتسد حاجيات الجماعة.
فهناك اليوم تداخل في المهام والمسئوليات يجب تخطيه بسرعة، كما يجب التسريع بتنظيم الانتخابات المحلية والجهوية لإفراز نخب جديدة قادرة على رفع التحدي الجهوي وتنزيل البعد الاجتماعي للدستور الجديد وتمثيل المواطن بشكل يحفظ كرامته قبل أي شيء آخر. فالوقت يضغط والشعب ينتظر والأنظمة من حولنا تتهاوى وأمامنا اليوم فرصة تاريخية لتكريس الاستثناء المغربي، الشيء الذي لن يتأتى إلا برجال ونساء بعقليات جديدة مواطنة مضحية بسخاء تضع المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار.