المختار الغزيوي، صحافي من طينة خاصة، لأن ما تعكسه كتاباته من أفكار ومواقف يتماهى مع حقيقة شخصيته، فكم هي الأقلام التي تطرب وتبهر، لكن حقيقة أصحابها شيء آخر. ولأن المختار ليس من هؤلاء فقد كان معه هذا الحوار.
– ما رأيك في “الحراك الصحفي” الذي ظهر مؤخرا قبل وبعد تعيين الحكومة الجديدة، تضارب في الآراء، تعيين “حكومة صحفية” قبل الحكومة الحقيقية”؟
هذا الأمر أعطانا تصورا واضحا حول الدور الذي يريد البعض للصحافة أن تظل رهينة به وبلعبه في البلد، دور الجهاز الفاقد للمصداقية الذي تتلاعب به “المصادر المطلعة” و”جيدة الإطلاع” و”المقربة من حيث لا أدري”، حيث تابع الرأي العام تكوين حكومة وهمية كل يوم على امتداد الفترة التي دامها تشاور بنكيران مع حلفائه الحكوميين من أجل الخروج بالتشكيلة الحكومية الحقيقية.
الأمر مس مصداقية الصحافة المغربية طبعا, لكن المسألة ليست جديدة, فالقارئ يعتبر أننا جميعا بلا مصداقية, والحرب الحقيقية التي ينبغي أن يخوضها مهنيو القطاع الذين يمارسون الصحافة فقط ولا شيء غير الصحافة هي أن نستعيد هذه المصداقية, فهذه المهنة إما ستنظف نفسها, وإما ستموت.
علينا أن نقولها اليوم لأنفسنا بكل الصراحة العارية: المغاربة ماكيتيقوش فالصحافة ديالهم”, وهم ليسوا مخطئين مائة بالمائة في هذا التصور عنا, لأن جزءا كبيرا من الحرفة مهمته هي الاختلاق, مهنته الافتراء, وديدنه اليومي هو نشر الأخبار وفق درجات القرب والبعد من جهات ومن أناس معينين, وهذا الأمر لن يتقدم بنا خطوة واحدة إلى الأمام …
– ما تعليقك على الخروج الإعلامي الأخير لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، الذي توعد الصحّافة ونعتها ب”العدوة”؟
أنا كنت حاضرا في اليوم الدراسي الذي نظمه حزب العدالة والتنمية, ولم أر أن بنكيران توعد الصحافة بشيء. رئيس الحكومة كان يعقب على كلام قاله نقيب الصحافيين المغاربة يونس مجاهد بخصوص الإعلام العمومي وكيفية تعامله مع حكومة بنكيران حيث شبه مجاهد تعامل هذا الإعلام بتعامله مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي, وقال إنه إعلام يتحول في أحايين كثيرة إلى إعلام غير محايد, بل وخصم أحيانا”. بنكيران قال تعقيبا على الكلام إنه يقبل من الصحافة أن تكون خصما له لكن عندما يتأكد أنها عدو مغرض فسيحاربها بلا هوادة, وأعتقد أنه لم يتوعد إطلاقا الصحافة، بل الذي وقع هو أن من لم يحضروا اللقاء اكتفوا بما سمعوه من همهمات ومن نقل غير أمين لهذا الكلام لكي ينخرطوا في “جدبة” أعتبرها غير مفهومة على الإطلاق, وتكشف عن أشياء سيئة للغاية في جسمنا المهني. لقد كان نور الدين مفتاح حاضرا وكان جمال الدين الناجي حاضرا وكانت نادية المليلي حاضرة وكان عدد كبير من زملائنا حاضرين, ولو توعد بنكيران الصحافة فعلا لما صمتوا لكن شيئا من كل هذا لم يقع, والتدليس والتضليل اشتغلا مجددا لخلق نقاش فارغ ولا أهمية له على الإطلاق
– بخصوص المواقع الإخبارية الالكترونية، أتعتقد أنها تقدم فعلا قيمة مضافة للصحافة بالمغرب، أم أنها-حسب رأي البعض- تنتشر مثل الفطر دون أن تقدم الشيء الكثير لزوارها؟
أعتقد أنها أصبحت فاعلا رئيسيا في المشهد الإعلامي اليوم أحب ذلك من أحبه وكرهه من كرهه. المواقع هي فاعل جديد استطاع اعتمادا على ما تتيحه التقنية الحديثة من تفاعل سريع أن يقطع في أشهر معدودة كثير الخطوات التي قطعتها الصحافة الورقية أو المكتوبة في سنوات عديدة. هذا الأمر لا يعني أن كل المواقع تتشابه، أو أنها كلها قدمت إضافة فعلية للمشهد الصحافي. هناك مواقع تبذل جهدا واضحا على المستويين المعرفي والمهني لكي تبدي احترامها للمتلقي الذي تتوجه إليه, ولكي تسجل مشاركتها في بناء هذا الإعلام المغربي الجديد, وهناك بالمقابل “أشياء” أنا أستحي من تسميتها بالمواقع, تكتب ما تريد دون أدنى اعتبار للمهنة ولا لأخلاقياتها, وأغلبية المشتغلين فيها ليسوا صحافيين بل مجرد أناس وجدوا طريقة ما للتنفيس عن غيظهم أو عن مكبوتاتهم بممارسة مهنة هي “مهنة من لا مهنة له” في هذا البلد الأمين.
– نشرت على صفحتك بالفايسبوك أنك تعرضت لمضايقات من طرف محسوبين على جماعة العدل والإحسان، كيف ذلك؟ وهل من رسالة تود تبليغها لقرائك وأصدقائك بخصوص هذا الموضوع؟
نشرت بالفعل نموذجا من الرسالة التي تم تعميمها في الفيسبوك والتي وضعت إسمي وصورتي وبريدي الإلكتروني وطلبت من رواد الموقع الشهير أن يملؤوا بريدي الشخصي سبا وشتما وهو الأمر الذي قام به بعضهم على أسوء وجه للأسف الشديد, وأعتقد أن الأمر دليل على ضيق الأفق الذي يحرك بعضنا وعلى عدم قبولنا بالرأي الآخر في الوقت الذي يتشدق فيه كثير الناس برغبتهم في تغيير الوضع وإدخال الديمقراطية إلى البلد, لكنهم يرسبون في أول امتحان بسيط يصادفونه بهذا الخصوص, أي امتحان قبول الآراء التي لا تروقك, وإبداء الاستعداد لمناقشتها وإفحامها بالحجة عوض سب أصحابها ورميهم بالنعوت التي لا تغير من واقع الأمر شيئا, وأنا دائما أكررها ولا أمل من ذلك, هذا الأمر طبيعي وعادي فنحن “لازلنا في التحضيري ديال الديمقراطية, ومن الطبيعي أن “يتميز” من بيننا كثير من الكسالى, مقابل قلة قليلة من المجتهدين”.
أكورا بريس: نبيل حيدر