بقلم: خالد أشيبان
دخلنا شهر مارس واختتم البرلمان دورته العادية الأولى ومازالت البلاد تسير بدون قانون مالية يحدد النفقات الحكومية القطاعية ويعطي الملامح الأولى لإستراتيجية الحكومة “البنكيرانية”. لن ننتظر الجديد لأن قانون المالية لن يأتي بالجديد سوى صندوق تضامن بقيمة مليوني درهم، وبعض الإجراءات والصناديق الأخرى التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
مجموعة من التناقضات يصعب فهمها !!
فالحكومة ترتقب تحقيق نسبة نمو تصل إلى 4% في أحسن الأحوال وهي نسبة، حسب الخبراء الاقتصاديين، ستزيد من نسبة البطالة, وتخفيف العجز التجاري غير وارد لان الحكومة ستعتمد في الأساس على الطلب الداخلي الذي هو في الأساس مرتكز على الواردات.
لن يرد في قانون المالية أي إجراء يهدف إلى إصلاح النظام الضريبي وجعله نظام تصاعدي يتلاءم مع طبيعة النسيج المجتمعي في المغرب. ففي مغرب اليوم يؤدي الأغنياء نفس المقدار الضريبي للطبقة المتوسطة ويتساوى أمام الجهاز الضريبي من يتقاضى 15.000 درهم ومن يتقاضى 150.000 درهم. في مغرب اليوم لا يؤدي الضريبة كبار الفلاحين الذين يغزون السوق المغربية و يصدرون منتجاتهم لأوروبا. في مغرب اليوم لا يؤدي الأغنياء ضريبة على الثروة ويستفيدون كغيرهم من مغاربة الطبقات المتوسطة والكادحة من مساهمة صندوق المقاصة في أثمنة البنزين والكهرباء والمواد الغذائية.
جديد قانون المالية هذا العام هو خلق صندوق للتضامن، وهو عبارة عن مجموعة من المنح ستعطى مباشرة للفئات المستهدفة دون أن نعرف من هي وكيف ستصلها المنح ولأي غرض. فأصدقاؤنا في الحكومة لم يفهموا أن الطبقة التي تحتاج المساعدة في المغرب هي طبقة كبيرة وواسعة تتعدى نصف الساكنة التي يثقل أكتافها غلاء المعيشة ومحدودية الإمكانيات.
كان بالأحرى بحكومتنا أن تخصص منح دراسية في المستوى لجميع طلبة المستوى الجامعي وتوفير شروط العيش الكريم لهذه الفئة التي تعاني اليوم في صمت بمنحة تقدر ب 650 درهم كل ثلاثة أشهر. كان بالإمكان إتباع القرار الشجاع للسيد عزيز الرباح بالإعلان عن قائمة المستفيدين من المأذونيات (الكريمات) بقرار أخر شجاع ينهي اقتصاد الريع وينظم قطاع النقل ويتيح فرص للشباب لإطلاق شركات ذاتية للنقل داخل المدن وخارجها حسب دفتر تحملات واضح المعالم.
لن يأتي قانون المالية بجديد يذكر بخصوص الاقتصاد الرياضي الذي تعتمده كل دول العالم المتقدم اليوم كمصدر أساسي لرفع الناتج الداخلي ومحاربة البطالة. وسنعيش أعوام أخرى من الفوضى والارتجال ونأتي بعد ذلك لنتساءل عن سر غياب النتائج الرياضية المذهلة وعدم بروز الأبطال المغاربة. كيف لهؤلاء الأبطال أن يبرزوا والميزانية المخصصة للشباب والرياضة لا تتعدى 0,6 في المائة من ميزانية الدولة. كيف لهؤلاء الأبطال أن يبرزوا ومازلنا ننتظر أن تجود الطبيعة علينا ببطل أو بطلة من أعالي الجبال أو عمق الصحراء.
لن يكون هناك جديد يذكر بخصوص الجهوية الموسعة التي تعتبر اليوم أكبر تحدي. فلن يكون هناك أي تقدم إذا لم يأتي من الجماعة التي هي القاعدة، ولن تكون هناك أي تحولات مجتمعية ما لم تكن جماعاتنا ملتزمة اجتماعياً تضع المواطن في مقدمة الأولويات. ننتظر اللمسة السحرية لفيلسوف الحكومة السيد بوليف لإيجاد الحلول الكفيلة بإنهاء معاناة مواطني العمق المغربي وفك عزلتهم واستخدام السجناء لبناء الطرق والأنفاق والقناطر بذل تركهم داخل السجون ينتظرون إفراجا أو عفواً ليخرجوا من السجون في نفس الحالة النفسية التي دخلوه بها.
ننتظر الكثير والكثير ولم نرى بعد أي تغيير …