على هامش اللقاء الذي نظمته جمعية أصوات للمرأة والطفل مساء السبت 10مارس ببلدية سيدي بوعثمان إقليم الرحامنة، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، كان لــ” أكورا” لقاء مع الشاعرة العصامية المراكشية حفيظة بن ساكور صاحبة ديوان” زفة الخلود”، الشاعرة التي انغمست بكل جوارحها لتعانق الكلمة دون أن تدري عذابها، الشاعرة التي استطاعت أن تتجاوز الصعاب وتبصم اسمها من ذهب في الساحة الثقافية بالمدينة الحمراء دون أن تنال حقها. “أكورا” إلتقت الشاعرة حفيظة بنساكور التي حدثتنا عن مسارها وبداياتها مع الشعر:
“بدأت اشتغل بالمركز الثقافي الفرنسي بمدينة مراكش كمنظفة سنة 1986، توالت الأيام، لم يكن حينها شغلي الشاغل سوى كسب دريهمات من هذا المركز لأسد بهم رمق أسرتي. داخل هذه المؤسسة كانت مجموعة من التظاهرات الثقافية والفنية تعقد بشكل مستمر وتترك في داخلي احساسا بضرورة القيام بمثل هؤلاء المثقفين، إلى حين تنظيم الدورة العالمية الأولى لمهرجان الشعر بنفس المركز سنة 2004، أنذاك، كان احساس غريب يخالجني ويدفعني إلى اعتناق الكلمة”.
الشاعرة حفيظة بنساكور، وهي تتحدث لـ”أكورا” وتفصح عن حكاية حبها للشعر، وكيف انطلقت في دروبه وتعلمت الغطس في بحوره، كانت تعطي درسا لبقية النساء اللواتي همشن أنفسهن، وظللن حبيسات البيوت دون الانفتاح على محيطهن، واخراج ما في جعبتهن من طاقات وابداعات تفوق الرجل في كثير من الأحيان.
“أين أنا من حبه؟” أول قصيدة تخطها حفيظة، تخاطب فيها المركز الثقافي الفرنسي الذي تشتغل فيه منظفة، قصيدة لا زالت تحفظها عن ظهر قلب كما تحكي لـ”أكورا”، فأين هي فعلا من حبه؟ وأين هي من حب وزارة الثقافة؟
لم أتوقف عنذ هذا الحد، تضيف الشاعرة، كنت أداوم على القراءة والتعلم، حتى صرت أتحدث العربية الفصحى بطلاقة دون أن يثنيني توقفي عن الدراسة من السلك الابتدائي عن ذلك.
للشاعرة المراكشية حفيظة بنساكور التي تحملت عبء الأسرة كما تحمل سيزيف الصخرة، ديوان آخر بلغة موليير “فقط من أجل الحب” لم يجد طريقا إلى المطبعة حتى يكون في متناول من يعطون قيمة للقراءة وللإبداع، كيف استطاعت الشاعرة كتابة ديوان باللغة الفرنسية ؟ تحكي المراكشية ابنة الحي المسمى بمدينة النخيل ب”ديور المساكين”، ذات يوم كنت بمدينة الصويرة ألاعب الماء، كنت أقول في نفسي” يا ربي هاد الناس بغاوني نوصل ليهم كلامي عاوني”. بدأت أشتغل في عملي اليومي كمنظفة وأحاول أن انتهي بسرعة حتى يبقى لي الوقت لتعلم اللغة الفرنسية بخزانة المركز، وبفضل الله تمكنت من ذلك حتى صرت الآن أتحدث بها مع الأجانب بطلاقة.
لم تقف الشاعرة التي وجدت زكية لمريني رئيسة مقاطعة جيليز بمراكش بجانبها وقامت بطبع ديوانها الأول”زفة الخلود” عند هذا الحد، فالمرأة استطاعت تحدي الظروف، لتنغمس في لغة شكسبير وتكابد حتى صار لها ديوان يحمل اسم” سماء حبي” لم يجد هو الآخر طريقا للطبع شأنه شأن بقية الدواوين الأخرى.
الشاعرة حفيظة التي ظلت تعتز بمهنتها كــ”منظفة”، لم تنس مهنتها التي كانت سببا في اقترابها من الشعراء وتنهل من المعرفة ومن بحر الكلمة، فقد أعدت ديوانا بعنوان” المكنسة الحافية” هو الآخر ينتظر ” الإفراج”ّ عنه ليكون في متناول محبي القراءة.
كانت الشاعرة حفيظة بنساكور التي ازدادت سنة 1960 بمدينة شاعر الحمراء محمد بن ابراهيم والتي حصلت على عدة جوائز من اتحاد كتاب المغرب وشاركت في مهرجانات ثقافية بمراكش وغيرها،وهي تتحدث لـ”أكورا” دون أن تفصح عن ذلك، تحمل بداخلها عتابا للمهتمين بالشأن الثقافي بالمغرب، فدواوينها (المكنسة الحافية، جنون المرايا، أنين الأرض،) لا تزال حبيسة غرفتها لم تخرج لحيز الوجود حتى ترى بعينيها كيف أن فلذات أكبادها تجوب هنا وهناك وتقطع البحار لتصل إلى الضفة الأخرى.
لدي العديد من الدواوين بالعربية والفرنسية والانجليزية، وأنا الآن منكبة على كتابة رواية عن المختار السوسي تؤرخ لزمن الستينيات بديور المساكين، إلا أنني لم أجد من يساعدني في طبعها باستثناء ديواني الوحيد الذي تكلفت به الأستاذة زكية لمريني” هكذا تحدتث الشاعرة حفيظة بنساكور لــ”أكورا”، فهل ستصل رسالتها للمهتمين بالشأن الثقافي ؟
أكورا بريس – عبد الإله شبل – مراكش