مات بوعبيد وتولى اليوسفي قيادة الحزب، وباعتباره من قادة المنفى عمل عبد الرحمان اليوسفي كل ما في وسعه ليعود أحد أبرز قادة الإتحاد في المنفى محمد الفقيه البصري إلى المغرب.
كان من المنتظر أن تكون العودة عادية وأن تخصص لها صحافة الإتحاد تغطية قبلية ومواكبة، حتى يتم طي صفحة الفقيه بالمنفى في انتظار التناوب التوافقي والتصالح بين الدولة والجناح الانقلابي داخل الإتحاد الاشتراكي، لكن جناح خيار النضال الديمقراطي لم يكن ليقبل بعودة الفقيه بكل أخطائه إلى الصفحات الأولى لصحافة الإتحاد، وكانت رائعة محمد البريني “لا سلفية في الإعلام” الرد المباشر، أحمد ويحمان كان حينها صحافيا متعاونا بمكتب الرباط قبل أن يطرده محمد الأشعري ويصدره إلى مقر الجريدة بالبيضاء.
معركة طرد البريني من جريدة الإتحاد كانت أيضا معركة ويحمان، من هنا دخل الرجل محراب الفقيه ودنيا الفقيه وتاريخ الفقيه، وانغمس الرجل في ذات الفقيه وقضاياه، وانفتح على القومية العربية وقضاياها، لا تجده إلا حيث يوجد ظل الفقيه وتاريخه.
الفقيه عاش في سوريا وليبيا والجزائر والعراق، وزار اليمن الجنوبي أيام عبد الفتاح اسماعيل، وعرف قادة المقاومة الفلسطينية أيام الإقامة في حي المزة الراقي بدمشق. وويحمان ورث الدفاع عن الديكتاتوريات العربية وورث الدفاع عن جبهة الصمود والتصدي التي كانت تغطي بسخائها الفقيه، وأهل الفقيه منذ معسكرات الزبداني في دمشق، عندما كان الفقيه يشرف على ماكينة صنع ثوار بدون مجد ويقبض الثمن مقدما.
عاشر الفقيه بعد عودته من المنفى واستفاد من ترسيمه في جريدة الإتحاد قبل أن يجد طريقه إلى البلديات، حيث الموظفين غير المنتجين بالمئات، وحيث الفراغ المنتج لأصحاب الهوايات السبع.
هواية التضامن مع الديكتاتوريات العربية وعدم الانتصار لإرادة شعوب ديكتاتوريات الصمود والتصدي لم يعد لها بريق، ولم تعد تولد الوزن الاعتباري في الشارع العربي، لقد ظهرت بشاعة جيوش الصمود والتصدي في شعوب كل العواصم العربية في إدلب وحماه و ريف دمشق ومصراتة وأجدابيا ودير الزور ودرعا، فكان لابد من قضايا أخرى من أجل لازمة الحضور الأبدي في الشارع، حتى ولو سقط المرء في الدفاع عن قضايا خاسرة أخرى وبحث لها عن لبوسات تعطيها لازمة الوجود.
وايحمان
معركة مول اللبن ليست معركة ويحمان، ومع ذلك فهو يدخلها دفاعا عن صديقه الأمازيغي رشيد نيني، الذي كان وفيا لنفسه قبل أن يقدم له الصحفي الفرانكفوني سمير شوقي في أحد الأيام مول اللبن، الذي عرف كيف يوظف نيني في معاركه الفاسدة التي أراد لها أن تأخذ بعدا حقوقيا، لكن الفاسد فاسد، ورشيد نيني دخل معركة فاسدة ارتباطا وهدفا، وقدم نفسه قربانا لمول اللبن، الذي استباح قلمه ووجهه حيث أراد حتى حوكم من أجله، من أجل الدفاع المستتر عن مغرب الفاسدين المستترين وراء عباءة الشركات والأرصدة ليخلو المغرب لهم، ويكون نيني قلم اللوبيات التي تعرت كما تعرى نيني في معركة لم يفهم أنها ليست معركته ولو كانت مربحة ماليا، إلا عندما فضل ألا يجيب عن أسئلة القاضي ويقاطع المحاكمة لأن فيها كشف المستور عن علاقة اللوبي بوكالة أنباء “رانيني ستار”.
لقد آثر نيني الصمت حتى لا يغوص في خبايا عموده وارتباطات العمود الذي كان يتغذى من منابع الفساد في ذروة الحراك، لأنه عندما تلقى الأمر باستهداف قلاع محاربة الفساد في مكتب أحد المحامين الكبار، لم يتلق التفاصيل، واختار أن يبحث عن التفاصيل التي قد تفيد المطلوب في الساحة الحقوقية، حيث تكثر الشهادات وتغيب الحقيقة الحقوقية، لأن أم المعارك تبيح حتى الكذب الذي قد يفيد المطلوب. وهكذا كان عندما غلبت “شطارة مول اللبن” جشع صاحب القلم الذي لان في يد الفاسدين، وتاهت الحقيقة بين أسطر العمود.
أكورا بريس: الافلاطوني ناقر الفأرة الالكترونية