بقلم: جمال الموساوي، كاتب وشاعر مغربي
أحيانا أتشبث بحلم ما يباغتني على مهل، كأنه حادث طريق. هناك الكثير من الأسئلة تصلح لجواب واحد. العالم الآن أكثر نمطية من أي عصر آخر. أنا أيضا… فقدت شهيتي للكلام بشكل آخر واستعضت على ذلك بالتجول في حدائق خارج حدس المخيلة. أنا في العالم، حيث شئت. وهمٌ من تلك الأوهام التي توحي بها السرعة الهائلة للأشياء. لم تعد رجلاي ثقيلتين وهما تنحتان طريقي نحو النهاية. أتدحرج بلا تعب نحو مهواي. كأن الروح تدفع الجسد ليتوارى بسرعة في الزحام. باب الموت لا أثر فيه لأي فجوة هو الآخر. هم هنا. كلهم. الذين أعرف والذين أجهل. سيان !
وبسبب اعتبارات ربما تتعلق بالوعي، وربما بغيره، ليست لدي الكثير من الأوهام على هذا المستوى، فأنا أطرق هذا الباب كما لو أنني أحك رأسي بين الفينة والأخرى، وأتردد دائما عليه لرؤية أفواج الداخلين منتظرا دوري في الصف. الأكثر أهمية بالنسبة لي أنني غير مستعجل على الإطلاق… وكل ما هناك أنني أحاول استباق الأشياء قليلا والجلوس في انتظار وصوله إلي، وأنني لست في معركة أو ساحة للمصارعة، فوصوله إيذان لي بأني انهزمت أخيراَ، لأن معركة الحياة لا يمكن كسبها على أي حال عندما يتعلق الأمر بمواجهة الموت. كسبها يعني أن الموت لا يزال يسمح لك بمتسع كي ترى نفسك أكثر في مرآة الآتي، وتستطلع مدى قدرتك على جعل تلك المرآة لا تتخلى عن صورتك عندما يتقرر الانسحاب… هكذا يكون الانتصار على هذا المستوى انتصارا خادعا، لأن الموت عدو جبان. يتحكم في مصير الكائن، وينهكه وينهشه في صمت وبشكل خفي، ويطعنه أخيرا من الخلف ودون أدنى دعوة للمبارزة.
لهذا، ليس أمامي إلا أن أستثمر في الفراغ. الشعر نسيجٌ كي أدعي أنني أخوض حربا ضروسا على بوابات الخلود، وأنني أقاوم الموت بما يجعل منه صانع مأساة ويحولني إلى صاحب ملحمة !