بقلم: خالد أشيبان
ظهر أخيراً قانون المالية المنتظر (المهدي المنتظر) ولم يأت بأي جديد يذكر. أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه قانون مالي لسنة مالية بيضاء، لن يحدث أي تغيير خلال هذه السنة على الأقل. فجميع القطاعات حافظت على ميزانياتها مستقرة مع خلق بعض الصناديق الجديدة (التي لم أفهم يوماً ما دورها واليات تسييرها) وتغيير أسماء بعض الصناديق الأخرى للتمويه لا غير.
تم رصد 26204 منصب شغل لهذه ألسنة سيكون لقطاعات الداخلية والتعليم والدفاع والصحة والعدل والحريات نصيب الأسد منها (أكثر من 20000 منصب)، ما يدفعني إلى طرح أكثر من تساؤل حول عدد المناصب المخصصة للقطاعات الأخرى (28 قطاع). فقطاعات كالسياحة والشباب والرياضة والأسرة والمرأة والتضامن والصناعة التقليدية والجالية وتحديث القطاعات هي قطاعات حيوية لا أظنها تتوفر على ما يكفيها من الموارد البشرية للقيام بمهامها كما يجب في إطار سياسة للقرب تجعل هذه القطاعات فعلاً في خدمة المواطن.
قانون المالية لهذا العام لم يعطي الأولوية لقطاعات جديدة وانخرط في مسلسل الاستمرارية في سياسات الحكومات السابقة. و هنا نطرح سؤال جوهري حول الوعود الانتخابية للحزب الحاكم اليوم، فمن خلال قانون المالية ترسم الأغلبية معالم السياسة التي ستتبناها وكيفية تنزيلها على أرض الواقع ومصادر تمويلها. قانون المالية لهذا العام لم يأتي بالجديد في هذا النطاق ولم يعطي الأولوية لقطاعات جديدة على حساب قطاعات أخرى حظيت بالأولوية في سياسات الحكومات السابقة، ليبقى المغرب لسنة أخرى إضافية يدور في نفس الحلقة المفرغة.
تكلفة صندوق المقاصة تم التعامل معها بنفس الطريقة الكلاسيكية المألوفة وسط ظرفية اقتصادية واجتماعية استثنائية غير مألوفة :
– الجفاف الذي سيدفعنا لاستيراد القمح بوتيرة مختلفة عن السنوات الماضية و سيؤزم من معضلة البطالة..
– سعر البترول الذي يعرف ارتفاعاً صاروخياً وصل إلى 125 دولار للبرميل والذي سيؤثر على الفاتورة الطاقية للبلاد.
– أزمة دول منطقة الأورو وتأثيرها على الاستثمارات الخارجية و توافد السياح الأجانب.
– عجز الميزان التجاري الذي يصعب تخطيه وتراجع مدخرات البنك المركزي من العملة الصعبة.
كل هذه العوامل تجعل وضعية الاقتصاد الوطني اليوم وضعية جد حساسة قابلة للمزيد من التدهور في أي لحظة ويحتم على الحكومة الحالية إيجاد حلول للنهوض بقطاعات بديلة قادرة على توفير فرص الشغل كقطاعات الرياضة والسياحة الداخلية والتركيز على البعد الجهوي لجميع السياسات القطاعية بعيداً عن تلك النظرة الشمولية التي تخطط للمغرب وكأن جميع جهاته وأقاليمه تتوفر على نفس الخاصيات والموارد.
كنا نأمل أن يأتي قانون المالية لهذه السنة بالجديد لكن ولسوء الحظ “فاقد الشيء لا يعطيه”.