طالبت الفنانة الشابة “ليلى البراق” بإحداث جامعة للفنون المغربية بهدف الحفاظ على تراث وتاريخ الفن بالمغرب، واعتبرت من جانب آخر عبر حوارها مع أكورا” أن الفنان المغربي ملزم بالقيام بمجموعة من الأدوار أهمها دوره في إطار السياسة الموازية لخدمة مختلف القضايا الوطنية وتصحيح الصور المغلوطة عن المغرب لدى الآخر، مبدية استعدادها للعمل بالمجان كمسؤولة خدمة للفن والثقافة ببلادنا.
– إذا عدنا إلى الجائزة التي حصلت عليها في البينين ما الدور الذي يمكن للفنان القيام به خدمة للقضايا الوطنية؟
شرف كبير لي ولوطني الحصول على تلك الجائزة التي هي من حق المغرب وكل شعبه، لأن بلدي هو من علمني وأعطاني الكثير وبالتالي أي نتيجة أجنيها الآن هي من حقه، أعتقد أن الفنان ملزم بالقيام بما يسمى بالسياسة الموازية وأظن أن هذه هي السياسة الحقيقية التي يجب أن تمارس لأن الفنان يقوم بزيارة العديد من البلدان، وفي حالة المغرب فإننا عندما نزور بلدانا إفريقية تتاح لنا فرصة هامة فالمغرب ليس عضوا في الاتحاد الإفريقي بسبب مشكل الصحراء، وبالتالي فالفنان المغربي بإمكانه تصحيح بعض الأفكار المغلوطة عن بلده، وبالتالي فدورنا ليس فقط تنشيطيا من خلال الغناء بل لدينا إمكانية الحديث والتعبير وتوضيح مجموعة من الحقائق التي يجهلها الآخر عنا، أعتقد أن الفنان الحقيقي هو من يجيد الدفاع عن وطنه بمختلف الوسائل المتاحة لديه.
– إذن لا يمكن للمثقف العمل بمعزل عن السياسة، فهل مستعدة لغوض تجربة الفنانة البرلمانية مثلا؟
إنها ظاهرة صحية أن يحاول الفنان الدفاع عن حقوق زملائه وتصحيح المجال الفني عن طريق ولوجه عالم السياسة، ولكن عليه ألا يبتعد كثيرا عن المجال الذي يعرفه. بالنسبة لي كل شيء مبني على الدراسة، وأتمنى أن ينجح الممثل “ياسين أحجام” في تجربته من خلال وضع الثقافة في مقدمة عمله ونضاله السياسي، أما مشروعي فهو متابعة دراستي وإذا اقترح علي أي عمل له علاقة بالثقافة وقتها سأقبل العمل بشكل أستطيع معه الدفاع عن الحقل الثقافي ببلادنا لأني حينها سأعمل على أساس الدراسة والخبرة الفنية التي أكتسبها يوما بعد آخر، لو اقترح علي تمثيل المغرب مثلا على المستوى الثقافي فلن أرفض وسأحاول العمل بقدر كبير من المسؤولية كما أني مستعدة للعمل بدون مقابل من أجل خدمة الفن والثقافة في بلدي.
– من خلال الدستور الجديد وقيادة الصبيحي لوزارة الثقافة كيف تتوقعين النتائج خلال الفترة المقبلة؟
للأمانة قرأت الكثير من المقالات حول الوزير “محمد أمين الصبيحي” كما سبق لي وقابلته خلال حفل تأبين الراحل “عبد النبي الجيراري” فلمست الحس الثقافي لديه مع إمكانيات العمل وتطوير حقل الثقافة ببلادنا، وكنت قد اقترحت عليه أننا بحاجة إلى إحداث جامعة للفنون المغربية لأن الفن علم قبل أن يكون للتسلية أو للترفيه أو”النشاط والجرّة”، وأعتقد أنه كفى من التفكير بالفن بهذه الطريقة فحتى الأغنية الشعبية أصبح لزاما أن ندرس تاريخها وندرس مختلف أنواع تراث بلادنا. لا يعقل أن بلدا كالمغرب بتاريخه وتنوع ثقافته وغنى تراثه أن يهمل كل هذا لنروّج بالمقابل لثقافة أخرى لا ترقى إلى مستوى الغنى والتميز المغربي، كما أن الاستقرار الذي يحظى به المغرب عليه أن يستثمره مبدعوه في خدمة الثقافة والفن ومن تم الترويج للمغرب ليحقق الفن أكثر من هدف حيث يشتغل بالموازاة مع السياسة وفي نفس الوقت يكون دافعا للترويج للمنتوج الثقافي والسياحي لبلادنا.
– ماذا عن ألبومك الأخير؟
الألبوم مغربي مائة بالمائة اشتغلت عليه رفقة مجموعة من الفنانين المغاربة منهم “نبيل الخالدي” و”حميد الداوسي” ومجموعة من الموزعين منهم “جلال الحمداوي”، أعتقد أن إصدار ألبوم بمواصفات مغربية في ظل المشاكل التي يعرفها القطاع خاصة على مستوى الإنتاج هي عملية مشجعة وبادرة سيستحسنها الجميع دون شك، وهي فرصة ستساعد على تطوير الأغنية المغربية، ومن هذا المنبر أتمنى أن تكون هذه فرصة لفتح الباب أمام أصحاب رؤوس الأموال للتفكير في الدخول في مشاريع فنية بطريقة تضمن لهم الربح خاصة من خلال الحفلات والمهرجانات.
– ما الذي ميز هذا الألبوم وجعلك تجزمين أنه سيساعد في تطوير الأغنية المغربية؟
أولا هذا الألبوم استغرق مدة سنة ونصف، ثانيا أعتبر أنه يوقع على نضج فني من ناحية المواضيع المطروحة ومن حيث التوزيع ونوعية الموسيقى، الألبوم يشمل جميع أنواع الموسيقى والإيقاعات المغربية وتعمدنا ذلك لرد الاعتبار للتراث المغربي الغني جدّا وفكرنا أن نستغل تراثنا المحلي الغني عوض أن نبحث عن ألحان شرقية وإيقاعات مستهلكة في الوقت الذي تتوفر بلادنا على تراث غني وغير مستهلك، فإذا كانت لبنان مثلا تشتهر بالدبكة، فالمغرب لديه كناوة، ركادة، الإيقاع الأمازيغي، ثم الموسيقى الحسانية، والطقطوقة الجبلية وغيرها من الألوان المتميزة والتي يحاول الآن فنانون عالميون استغلالها فكيف لا يمكننا نحن كمغاربة أن نهمل هذا التنوع ونبحث عن الموسيقى الشرقية مثلا؟
– معنى هذا أنك غير مستعدة للهجرة إلى الشرق بما يحمله هذا التوجه من شهرة وانتشار؟
ليس لدي مشكل في الأداء بأي لهجة سواء مصرية أو لبنانية أو خليجية، لكن سيبقى السؤال بماذا سأتميز عن فنانو تلك البلدان؟ طبعا في البداية كنت أقوم بأداء أغاني “أم كلثوم” و”عبد الوهاب” وهذه مدارس كبيرة، لكن بعد أن أخذت نوعا من الخبرة بدأت أبحث عن نفسي وعن هويتي، وطبعا لن أجد نفسي إلا في الأغنية المغربية وفي ثقافة وطني، أعتقد أن “جنات” مثلا لم تقدم أغاني بلهجة مغربية قبل أن تطرق باب مصر وهذا لم يشكل لها مشكل مع جمهورها في المغرب، في حين أن العملاقة “سميرة سعيد” بدأت من المغرب ونجحت في وطنها من خلال أغاني مغربية ظلت إلى اليوم خالدة وعندما اختارت مصر كانت قد وقعت على اسمها في بلدها وهذا شكل الأساس الذي بنت عليه نجاحها في القاهرة، طبعا هذا لا يمنع أنني وجميع المغاربة لا زلنا نعاتب “سميرة سعيد” لأنها لم تخدم الأغنية المغربية من موقعها كنجمة كبيرة ومتألقة ومشهورة على مستوى الوطن العربي ولكن يظل افتخارنا بها عظيم لأنها بنت بلدنا، فمع كل إطلالة نشعر بمغربيتها وانتمائها لنا وانتماءنا لها. لذلك أنا مهتمة بأن يكون لي أصلا اسم داخل بلدي وأبصم على حضوري بالمغرب قبل أن أفكر في أداء أي لون عربي أو أوربي آخر لكن طبعا دون التفكير في الاستقرار خارج المغرب فهذه الفكرة غير مطروحة على الإطلاق لدي.
أكورا بريس / حوار خديجة بـراق