فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
أوضح بيد الله أن روس أدخل ملف الصحراء المغربية إلى الباب المسدود في دوامة جديدة على مستوى المفاوضات الغير الرسمية التي أصبحت تدور في حلقة مفرغة.
وقال محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، في حوار خص به يومية “الصباح” في عددها لنهاية الأسبوع إن “المغرب له علاقة جيدة مع الأمين العام للأمم المتحدة ومع هذه المنظمة الدولية، هذه مسألة مفروغ منها، والمغرب عضو في مجلس الأمن، ولدينا دور طلائعي، بقيادة جلالة الملك في منظومة الأمم المتحدة”. وأضاف أن “المغرب يحترم إلتزاماته الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالنزاع ويحترم الشرعية الدولية، ولكنه لن يرضخ لأي شكل من أشكال الضغط والمساومة…”
وذكر بيد الله أن “دور المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة يتجلى في تسهيل حوار الأطراف المعنية بالنزاع كوسيط، والإسهام في إيجاد حل متوافق حوله، لكن روس تجاوز حدود اختصاصاته، وأصبح طرفا في النزاع. الأدهى من ذلك أنه أشرف على تسع اجتماعات دون تحقيق أي تقدم في المفاوضات”.
وأكد بيد الله أحد الرموز الصحراوية، أنه “منذ سنوات والأمر يقتصر على مفاوضات غير رسمية. أكثر من ذلك أن روس كان حريصا على تغيير صلاحيات ومهام “المينورسو”، ليصبح لها دورا سياسيا شبيها بـدور “المراقب العام” يريد أن يحولها إلى فاعل سياسي في المنطقة ومراقب للإدارة الترابية مع أن الجميع يعترف بشرعية تطبيق القوانين المغربية في أقاليمه الجنوبية، إضافة إلى أن تقرير المبعوث الأممي تضمن عبارات تمس بكرامة المغرب والشعب المغربي وبوحدة بلادنا”.
واعتبر بيد الله أن “التقرير الأممي لم يشمل الوضع الكارثي لحقوق الإنسان بمخيمات تندوف ولا مشكل مصطفى سلمة وحرمانه من زيارة عائلاته وأطفاله الصغار.وتحولت المفاوضات التمهيدية إلى هدف في حد ذاته، ولم يقدم أي مساهمة إيجابية”.
وفي نفس السياق، هنئ بيد الله الحكومة على سحب الثقة منه، معتبرا أن هذا القرار يعكس في جوهره قناعات الرأي العام الوطني بكامله نظرا للإجماع الحاصل حول هذه القضية.
وقال في هذا الصدد “هذه ليست هي المرة الأولى التي تسحب فيها الثقة من مبعوث أممي فقد رفضت الجزائر مبعوثين قبله”. وأردف قائلا: “كريستوفر روس وسيط بين أطراف النزاع والوساطة تنبني على شروط وتوافق بين الفرقاء، وشكلها وحدودها ومواصفاتها يمكن أن تتغير إذا زاغ الوسيط عن الإطار الذي حددته الأطراف، وهذا ما وقع الآن”.
واعتبر بيد الله أحد العارفين بخبايا ملف الصحراء، أن خطأ كريستوفر روس يتمثل في كونه “بدأ المفاوضات من الصفر في الوقت الذي كان ينبغي أن ينطلق من تراكمات سابقيه. وتحديدا، كان ينبغي أن يبدأ من حيث انتهى سلفه بيتر فان فالسوم، إذ كان عليه أن يُسهم في إعادة بناء جسور الثقة بين الأطراف المعنية، وبين المحتجزين في مخيمات تندوف مع أهاليهم، لكنه عمق الشرخ بين الأطراف”.
وأوضح نفس المتحدث أن “مقاربة روس أثبتت فشلها، وأدخلنا في مفاوضات غير رسمية تتمطط باستمرار دون تحقيق أية نتيجة تذكر”، مؤكدا أنه “من المستحيل أن يستمر المغرب في تقديم التنازلات، وأعتبر أننا وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها من غير المقبول أن نقدم أية تنازلات أخرى”.
وحول المقترح المغربي لإقامة حكم ذاتي، وصف رئيس مجلس المستشارين هذا المقترح بـالجدي وبكونه يتمتع بالمصداقية والواقعية، معتبرا أنه يعد العرض الوحيد الذي يمكن الأطراف المعنية إلى الوصول إلى حل سياسي دائم وعادل على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”.
وقال في هذا السياق:”لدينا أمل كبير في إمكانية حل معضلة المغاربة المحتجزين في المخيمات، هذه قضية تكتسي أهمية بالغة بالنسبة للمغرب، الاستمرار في مسلسل المفاوضات غير الرسمية سيكون وخيما بالنسبة لمستقبل المنطقة. والنزاع المفتعل في الصحراء يمكن أن يجد طريقه إلى الحل إذا رغبت الجزائر في ذلك. الحل الدائم والنهائي تتحكم الجارة الجزائر في نصفه، فالضغط ينبغي أن يمارس على الجزائر التي تمتلك مفتاح حل هذا النزاع”.
وجدد بيد الله التأكيد على أن “المينورسو” “لا يمكن أن تلعب دور “المراقب العام” في المنطقة، فهذا يُحيلنا إلى مرحلة الاستعمار، كذلك ينبغي التركيز على مسألة عودة المحتجزين إلى بلادهم ليتمتعوا بالحقوق التي يتمتع بها إخوانهم المقيمون في الأقاليم الجنوبية الذين يشاركون في بناء المغرب الجديد، على جميع المستويات وفي جميع القطاعات بدون استثناء…المغاربة جميعهم ينتظرون من إخوانهم العودة ليُسهموا معهم في تدبير الشأن المحلي، وفق المقترح المغربي الذي أقر الجميع بأنه يحظى بالجدية والمصداقية، ويعتبر الحل الواقعي والمناسب لإنهاء النزاع المفتعل”.
وبخصوص الانعكاسات الايجابية على حل النزاع المفتعل بالأقاليم الجنوبية، قال بيد الله “من المؤكد أن يؤدي حل هذا النزاع إلى إعادة بناء المغرب الكبير، وتحقيق التكامل المغاربي، الذي يشكل عاملا أساسيا في تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة”.
“لا تنسوا ـ يضيف رئيس الغرفة الثانية ـ أننا نضيع نقطتين من الداخل الإجمالي الخام لبلادنا بسبب غياب بناء صرح المغرب الكبير، وبالتالي الرأي العام الدولي يعرف أن بناء هذا الإطار المغاربي سيكون من أكبر عوامل ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة”.
واستحضر في هذا الإطار الوضع المقلق في مالي وغينيا بيساو، والوضع المتفجر في عموم منطقة الساحل والصحراء الكبرى التي تعاني ظروفا صعبة وخطيرة على مستوى الاستقرار والأمن…
وأكد بيد الله، أن حل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، “سيساعد على رفع تلك التحديات و مواجهة المخاطر مستقبلا. هناك ضرورة لتحقيق اندماج جهوي الذي تمليه الجغرافيا والتاريخ والمصالح المشتركة. إن ما يجمع شعوب المنطقة أكثر مما يفرقها .. والدبلوماسية الموازية تلعب دورا رائدا في هذا المجال”.
وبخصوص سيناريوهات ما بعد كريستوفر روس” قال بيد الله “سيأتي مبعوث جديد، ويتحمل المسؤولية ذاتها، فقط نتمنى أن يبدأ عمله من حيث انتهى عمل بيتر فان فالسوم، المبعوث الأممي السابق إلى المنطقة، ولايميل إلى منح المينورسو سلطة سياسية في المنطقة ولا دور “المراقب العام”. وينبغي أن يمارس ضغوطا أكثر على النظام الجزائري الذي يمتلك مفتاح حل النزاع المفتعل بأقاليمنا الجنوبية.
وأضاف بيد الله “لدي قناعة راسخة أن إخواننا بمخيمات تندوف يدركون أن مصالحهم الآنية والمستقبلية تكمن في قبول حكم ذاتي موسع في إطار الوحدة الترابية والوطنية المغربية والذي يفتح لهم وللأجيال المقبلة آفاقا رحبة ملؤها الحرية والكرامة والعيش الكريم، وبذلك سيساهمون في بناء صرح المغرب الكبير بدوله الخمس وفي استتباب الأمن والسلام في المنطقة، وفتح أبواب الأمل والمستقبل الزاهر أمام الأجيال المقبلة”.
أكورا بريس