بلاغ للديوان الملكي حول ترؤس الملك محمد السادس لجلسة عمل خُصصت لموضوع مُراجعة مدونة الأسرة
لغرافي أثناء المناقشة
شهدت قاعة الندوات محمد الكتاني بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة تطوان يوم الأربعاء 26 – 12 – 2012 مناسبة علمية متميزة سواء من حيث الأسئلة المعرفية، أو الحضور الكثيف لنخبة من الأساتذة والطلبة الذين وفدوا إلى رحاب كلية الآداب لمتابعة فعاليات مناقشة الرسالة العلمية ،التي تقدم بها الباحث “مصطفى الغرافي” لنيل درجة الدكتوراه في الآداب في تخصص معرفي دقيق هو “البلاغة وتحليل الخطاب”.
تمحورت أطروحة الباحث حول موضوعٍ الكشف عن مظاهر انسراب المواقف الفكرية والآراء المذهبية في ثنايا الرسالة البلاغية التي توخى ابن قتيبة توصيلها إلى مخاطبيه من خلال نصوصه النثرية انطلاقا من تصور يرى أن البلاغة صفة في كل خطاب يوجه عنايته إلى تحقيق وظيفة تأثيرية زائدة على وظيفة التعبير والإخبار. ولما كانت أنواع الخطاب النثري عند ابن قتيبة منطوية على قصدية وساعية إلى غاية فإن تحليلها من منظور بلاغي يغدو أمرا سائغا بل ومطلوبا. ومن هنا كان هذا البحث يمثل مسعى صاحبه إلى قراءة تراث ابن قتيبة النثري قراءة بلاغية نسقية بوصفه نصا واحدا جمعا، مترابط الأجزاء في مستوى القول والخطاب، موحد المرامي في مستوى الغايات والمقاصد. ذلك أن تدقيق النظر في نصوص ابن قتيبة النثرية يكشف عن كونها جارية إلى تحقيق غايات فكرية عقدية وأخرى خلقية اجتماعية. ولما كانت هذه الغايات لا تنفصل عن مقتضيات الفكر السني الذي صدر عنه ابن قتيبة في تأليفه، فقد آثرنا النظر إلى أنواع خطابه النثري في ضوء المقصدية الفكرية والعقدية التي افترضنا توجيهها لبلاغة هذا النثر اعتقادا منا أن النظر إلى نصوص ابن قتيبة النثرية في ضوء السياق الثقافي والعقدي الذي انبثقت عنه يساعد على تقديم فهم أعمق لطبيعة البلاغة النثرية التي تفرزها هذه النصوص؛ فالنظر المتأمل يكشف أنها صيغت في ضوء الفكر السني الذي صدر عنه صاحب هذه البلاغة.
وقد تكونت لجنة المناقشة من الدكتور محمد الأمين المؤدب رئيساً، والدكتور محمد مشبال مشرفاً ومقرراً، والدكاترة : عبد الرحيم جيران ، نزار التجديتي ومصطفى حنفي أعضاء.
وعن أسباب اختيار “بلاغة النص النثري” عند ابن قتيبة موضوعا لرسالته، فقد قال الباحث المغربي “مصطفى الغرافي” ل”أكورا بريس”:
“يرجع اختيارنا “بلاغة النص النثري” عند ابن قتيبة موضوعا لهذا البحث إلى ندرة إن لم نقل انعدام الدراسات المخصصة لفحص هذا الجانب من تراثه الغني والمتشعب. فإذا كانت الدراسات العامة التي عنيت ببحث إنجازات ابن قتيبة الناقد الأدبي والمفكر الاسلامي وافرة، فإنه لم توجد، في حدود علمنا، دراسة اختصت ببحث تراثه النثري من زاوية بلاغية، حيث لم تتجه همم الدارسين إلى هذا التراث إلا في مناسبات قليلة وعارضة. إذ لم ير نقاد الأدب في نصوص ابن قتيبة النثرية ما يستوجب العناية أو يبعث على الاهتمام، فأسقطوه من حساباتهم النقدية جملة وتفصيلا؛ فلم يذكره زكي مبارك في كتابه “النثر الفني”، ولم يعرج عليه أنيس المقدسي في “تطور الأساليب النثرية”، ولم يشر إليه محمد كرد علي ضمن الناثرين العشرة الذين فحص إنتاجهم في “أمراء البيان” كما لم يعن بنثره شوقي ضيف في “الفن ومذاهبه في النثر العربي”، ولم يعرف بأدبه عبد الله كنون في كتابه “أدب الفقهاء”.
لم يلتفت الباحثون إلى دراسة نثر ابن قتيبة فظلت بلاغته النثرية محجوبة عن الدراسات النقدية المعاصرة”.
وعن الغيات التي وجهت الأطروحة ذكر الباحث مصطفى الغرافي أنه حاول في هذا البحث أن يختبر مدى نجاعة الدراسة البلاغية في الكشف عن جوانب من الخطاب النثري عند ابن قتيبة ظلت محجوبة عن الدراسات النقدية المعاصرة. ويعتقد الباحث أن هذا النثر كان في حاجة إلى مثل هذا البحث من أجل إبراز القيم البلاغية والأبعاد الإنسانية والإيديولوجية التي زخر بها .ويعترف الباحث تواضعا فيما يبدو أنه لم يوف أنواع الخطاب النثري عند ابن قتيبة حقها من الوصف والدرس، ولكن حسبه أنه فتح مجال البحث في صلة الأنواع النثرية بقضايا العقيدة من منظور البلاغة النوعية مما أسعفه في وضع اليد على كثير من ملامح البلاغة النثرية التي جسدتها في تراث ابن قتيبة نصوص متغايرة من حيث خصائصها النوعية واستراتيجياتها الخِطابية “.
وختاما عبر الدكتور “مصطفى الغرافي” عن شكره العميق للاعلامية المجدة سمية العسيلي على اهتمامها بالتعريف بهذه الأطروحة التي تناولت خطاب ابن قتيبة من منظور بلاغي، والشكر موصول كذلك للقائمين على موقع أكورا بريس على جهودهم في خدمة الإعلام والقراء.
أكورا بريس: سمية العسيلي.