يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
هل هناك عقلاء يقودون أكبر حزب في البلاد؟ هل هناك عقلاء داخل حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية؟ إنه السؤال الذي يطرحه كل متتبع مع توالي حماقات بعض قادة الأغلبية، فإلى أين نحن سائرون؟
كل مرة يطلع علينا بعض قادة العدالة والتنمية بتصريح كأنهم لا يسيرون أمر البلاد، وآخر تقليعة لأحدهم هي أن العدالة والتنمية أخطأ عندما لم يطالب بقانون العزل السياسي، وتحدث عن الثورات في مصر وتونس وليبيا، حيث نزلت كتائب الأمراء السابقين في القاعدة إلى العاصمة وحاصرت وزارتين من أجل المطالبة بإقرار قانون العزل السياسي.
صاحبنا توهم أنه وصل إلى الحكم هو وأقرانه على متن سيارة طويوطا مصفحة وأنه كان قائدا لمليشيا ويريد اليوم أن يجبرنا على ما نحن له كارهون.
“بوانو” نسي أن الإنتخابات هي التي أوصلت حزبه إلى الحكومة بعد إقرار دستور جديد ، وأن العدالة والتنمية صوت له الناس لأنه لم يخرج لشوارع التيه رغم أنه كان في المعارضة، وأنه اختار طريق الإستقرار من أجل تعزيز المكتسبات الديمقراطية للشعب المغربي وليس من أجل إقرار دكتاتورية حزب معين وتشطيب الساحة السياسية من كل خصوم الحزب ومنعهم من الكلام والحركة، فليس زمن ديمقراطية الاتجاه الواحد والصوت الواحد والصحيفة الواحدة الذي يريد الشعب. والدولة لن تكون مجبرة اليوم وغدا على اختيار من يرضى عنه “بوانو” وذراعه الإعلامي لتحمل مسؤولية خدمة المغاربة في هذا الموقع أو ذاك.
“بوانو” أكبر عقلاء العدالة والتنمية يقول لنا أن حزبه ضيع الفرصة، رغم أنه حزب لازال يحتفظ بأكبر فريق تشريعي في الغرفة الأولى تحت قيادة عبد الله بوانو، الذي يمكنه أن يتقدم بمشروع قانون العزل السياسي وينشر للمغاربة لائحة الممنوعين من ممارسة السياسة لأنه لحد الآن لم يفهم أحد مفهوم العزل السياسي الذي يرتضيه لنا العدالة والتنمية، وأنه يتحدث عن نماذج مصر وتونس وليبيا.
فالذي يحكم ليبيا الآن وكما في علم الجميع هو الفوضى، ففي طرابلس العاصمة يحكم أتباع القاعدة، وفي بنغازي يحكم ورثة الحلف الأطلسي، أما في باقي ليبيا فكل من استيقظ قبل الآخرين يحكم ليوم وليلة، وكل واحد يحدد حسب سعر السوق ضريبة المرور في طرقات ليبيا، و”بوانو” مطالب اليوم بزيارة بلاد ليبيا بعد إقرار العزل السياسي حتى يعرف حقيقة العازل والمعزول وبلد العزل المعزول.
إذا كان بوانو يقصد بالعزل السياسي كل الأحزاب التي نازلت الحزب في الإنتخابات الأخيرة وما قبلها فممثلوها يوجدون في البرلمان بالقرب منه ويمكنه أن يعزلهم ويعزل منهم من هم وزراء في الحكومة الحالية والوزراء السابقين وكل الذين تحملوا المسؤولية الإدارية في ظل الحكومات السابقة وسيجد أن من حزبه كثير من القادة الذين تربوا في الإدارة المغربية وكانوا مسؤولين عن قرارات إدارية كثيرة وله في الحكومة الحالية على الأقل وزيران، وكم تمنى المغاربة أن يكونوا أكثر من اثنان حتى يستفيد المغرب من تجربتهم في التسيير و في تدبير القطاعات التي استؤمنوا عليها.
أما إذا كان “بوانو” يقصد بالعزل السياسي كل الذين خدموا الدولة من خارج الأحزاب ويريد اليوم أن يقتص منهم كما يفعل بمعية بعض أذرعه الإعلامية فهو يوم لن يراه أبدا لا هو ولا غيره، لأن المغرب دولة يحكمها دستور ومؤسسات وكل مؤسسة تمارس اختصاصاتها في الحدود التي رسمها القانون الأسمى للأمة، أما الفكر الانقلابي الذي يستنير به صاحبنا فهو فكر إنهار في اليمن و مصر و سوريا و ليبيا و سينهار أينما وجد لأنه فكر إقصائي إستئصالي لا علاقة له بثقافة وتقاليد المغاربة، اللهم إذا كان قادة العدالة والتنمية وليس “بوانو” وحده اختاروا هدف الانقلاب على الدولة من داخل الدولة، وأن الأمر مطروح بإلحاح، فإنها مناسبة لكي يعود الجميع إلى مصدر الشرعية ويعرف كل واحد حقيقة ما يريده هو و ما يريده المغاربة، و أن يكونوا واضحين أمام الشعب في موقفهم من المؤسسات التي ارتضاها المغاربة لأنفسهم بعيدا عن المواقف التي يتخبط فيها أكبر حزب في المغرب من قول الأشياء و ضدها، وإذا كان الأمر يتعلق بإختلاف في الرؤى داخل الحزب الذي يقود حكومة المغاربة، فمن الأجدر له أن يخلو إلى نفسه و يمارس حقه في اختيار خطه حتى يكون كل الشركاء السياسيين للحزب على معرفة بحقيقة نواياه.
لقد عاش المغاربة في بعض الأوقات على ثقافة “شي يكوي وشي يبخ” واعتبروها من باب ممارسة السياسة السياسوية لبعض الساعين إلى التموقع داخل هيئاتهم كلما جد جديد أو كان الحزب على أبواب استحقاقات تنظيمية، لكن هذه الثقافة لم تتجاوز يوما حدود ما هو مقبول في “التنوعير السياسي”، الذي يروم خدمة الشخص على حساب الانضباط للخط السياسي العام للحزب، لكن ما يحدث اليوم من انزلاقات يجعل الجميع يتساءل عن خلفيات ثقافة الإنقلابات التي يروج لها بعض قادة الحزب وعن البرنامج الحقيقي الذي يقود اليوم الأغلبية الحكومية.
إذا كان “بوانو” وغير “بوانو” يريدون انقلابا على الشرعية الدستورية وأن يثوروا في وجه النظام السياسي للدولة المغربية فما عليهم إلا أن يقولوها بكل وضوح حتى يعرف المغاربة حقيقة مخططاتهم، وهل يحتكموا إلى صناديق الاقتراع أم إلى غيرها ويعرفوا هل قطع الحزب مع الخط الإنقلابي من أيام الشبيبة الإسلامية أم لازال يحن إلى أيام التنوعير بإسم الإسلام.
أكورا بريس