الملكية في المغرب تتغير، ما من شك في ذلك، تغيير يطال بنية الحكم، وأيضا أسلوب إدارة الملفات الأكثر حساسية…منذ خطاب العرش العام الماضي، يبدو الملك سائرا، وبإصرار، على طريق التوافق مع روح ومنطق الدستور الجديد، وهو يظهر من مرونة تسيير مؤسسات الدولة نفس ما يظهر من صرامة في ممارسة مهامه الدستورية في قضية الصحراء، لكن الملف الديبلوماسي، في أبعاده المرتبطة بالشراكات الاقتصادية يشكف عن طموح رجل دولة يخطط بأفق استراتيجي…لنقل باختصار إن هناك أربعة مفاتيح لفهم الملكية المغربية الجديدة:
1-إنها تبدو أكثر ارتباطا بالعمق الإفريقي للمغرب ولامتداده العربي والإسلامي، دون الاستغناء عن أوروبا وأمريكا التي أصبحت التعاقدات معها تتم بحسابات عائدات المصالح المشتركة والحزم في الموقف حين يتم المساس بالمصالح الوطنية.
2-في الصحراء، تخلت الملكية عن مفهوم الاستفتاء التأكيدي لمغربية الصحراء، وتبنت مقترحا للحكم الذاتي، وهي إن كانت تدبر ملف الصحراء بمرونة تراعي التوازنات الدولية والموجة الحقوقية العالمية، إلا أنها تعلي من قيم الانتماء الوطني، وبعد أن كانت الصحراء مربكا للديمقراطية، أصبحت تسوية نزاع الصحراء تسير جنبا إلى جنب مع البناء الديمقراطي.
3-لم تعد الملكية المغربية ملكية تنفيذية مطلقة، فهي تنتفي في الدستور الجديد بوظائف التحكيم والضمان والسيادة، لكنها في نفس الوقت تبدو عنصر تنشيط للمشاريع المهيكلة للاقتصاد الوطني، وتحرص على الإبقاء على الطابع الإنساني والاجتماعي لمشاريع القرب، إنها ملكية شديدة الارتباط بالميدان وبالأقاليم، حريصة على توازن فرص التنمية بين الجهات بعدما كانت في السابق تعط بالأولوية لبناء الدولة الملكية القوية.
4-الدستور ظل فيه الملك وفيا لما سبق وأن صرّح به من ضرورة احترام التأويل الديمقراطي للدستور، في العديد من المحطات بدا أنّ الخلل يوجد في الوفاء الأسطوري من طرف النخبة السياسية للتقاليد المرعية كما أطّرها دستور 1996 وليس للتعاقدات الجديدة، كما وردت في دستور 2011.