الحصيلة السنوية للأمن الوطني: إحصائيات مكافحة الجريمة بكل أنواعها والتهديدات الإرهابية
هل الأمير المنبوذ رجل ديمقراطي؟ هل الأمير المنبوذ رجل صادق؟ هل ما قاله هو الحقيقة؟ هل الأمير المنبوذ مهموم حقيقة بنا وبمشاكلنا وأنه يحبنا أكثر مما يحب نفسه؟ هل الأمير المنبوذ ينبذ كل الأشياء المرتبطة بالإمارة؟ هل الأمير المنبوذ هو إنسان مواطن ويؤمن بقيم المواطنة؟
إنها أسئلة مطروحة علينا جميعا، على كل الذين عاشروه، على كل الذين عرفوه عن قرب، على كل الذين وردت أسماؤهم في كتاب الأمير.
هل الأمير المنبوذ رجل ديمقراطي سؤال قد نجيب عليه جزئيا من خلال ما كتبه ومن خلال ما هو متداول حوله.
كل الذين يعرفونه يعرفون أنه لا يحلل الوقائع إلا إنطلاقا من ذاته، كل الذين تحلقوا حوله يعرفون أنه متسلط، أناني، لا يعطي إلا لكي يأخذ و لا يعطي إلا حيث يستفيد أكثر، لا يتكلم إلا عن نفسه.
كل الديمقراطيين الذين اكتسبوا صفة الإنتماء إلى جيل الديمقراطيين يستمدون مشروعيتهم النضالية من مرحلة ما قبل 1999، في مرحلة 1999 التي يسطرها الأمير في كتابه، وهي مرحلة بالنسبة له لم تحضر فيها قضايا الديمقراطية بل حضرت مشاكله الشخصية ومشاكله العائلية.
الصراع مع الحسن الثاني انطلاقا مما كتب صراع من أجل الحداثة والتقدم و الديمقراطية، فلو كان الرجل ديمقراطيا لأعلن تمرده أيام سنوات الرصاص، وكان تمرده بالصورة الطوباوية التي يقدم بها نفسه لرفض كل الثروة التي تركها الوالد والتي اكتسبها من مغرب ما قبل1999.
لو كان الرجل ديمقراطيا فعلا لرفض جواز السفر الديبلوماسي والإقامات والأملاك والأموال التي ورثها في عهد لعبت فيه الصفة الأميرية عاملا مهما في الإنتشار والتوسع والتراكم.
وحتى عندما سعى إلى إلصاق صفة الديمقراطي بنفسه وأنشأ معهدا في “برنستون” بأمريكا لم تكن أبحاث معهده مهتمة بالديكتاتوريات، بل كانت مصوبة نحو بلدان التحول الديمقراطي، نحو النماذج الأكثر انفتاحا في المنطقة العربية، لم يكن مهووسا إلا بالمغرب والأردن، حيث قضى فترة تدريبية بمعهد الأمير الحسن بن عبد الله بن طلال ولي عهد الأردن السابق، ووفاءا له اشتغل على الأردن، أما البلدان العربية الأخرى فهي بالنسبة له ذات أهمية ثانوية المهم هو إبتزاز الملكيات العربية قبل أن تأتي القطيعة ويتم الحسم معه.
في سنوات الرصاص، كان الرجل مهووسا بالمال، لقد كانت الأرقام التي بسطهاحول مشاريعه صادمة، هكتارات في الناضور وهكتارات في المضيق ومدينة بكاملها في ضواحي الرباط أراد أن يدخلها قصرا إلى المدار الحضري، يتكلم عن 3000 هكتار مملوكة له أراد أن ينشأ فيها مدينة بيئية وصادف العراقيل كما يقول.
يتحدث الرجل عن الشركات التي يملكها في كل دول العالم و عن عدد المهندسين الذين يشتغلون معه في كل دول المعمور وعن مشاريعه المنتشرة في جنوب شرق آسيا، ولم يطرح سؤالا واحدا على نفسه، كيف تمكن من تصدير كل هذه الأموال من المغرب إلى الخارج؟ إنه سؤال المواطنة.
المواطنة لا تكون بالكلام الكبير، المواطنة تبدأ من إحترام القانون، هل تعود عائدات صادراته من الحوامض إلى المغرب أم يتم الإحتفاظ بها في الخارج؟ المواطنة سؤال كبير.
كل الإستثمارات التي طرحها في المغرب هي استثمارات في المجال العقاري حيث الربح السريع، وهي استثمارات غير مواطنة بإعتبار أن العقار موضوع كل الإستثمارات هو عقار موروث وليس عقارا مشترى.
“العقار ديالي وارتو والأبناك تقرضني مجموع الإستثمارات وأنا الذي أحقق الربح”، كل الذين يفهمون في الإقتصاد يعرفون أن إقتصاد الريع ليس هو الإمتيازات كمأذونيات النقل التي توزع على فقراء الأمة كما يتصورون، أو الإستثمارات التي تحقق الربح السريع أما الإستثمارات الحقيقية فهي تطال الميدان الصناعي والذي يتطلب الإستثمار فيه سنوات وسنوات حتى يسترجع المستثمر الرأسمال الأصلي ويبدأ في جني الأرباح.
كل تاريخ الرجل في الإستثمارات لم يكن إلا هوسا بالريع وليس إنخراطا في الإقتصاد المواطن.
الرجل يريد أن يلعب دورا في حاضر ومستقبل المغاربة ويعتبر نفسه من طينة أخرى، طينة مستقبلية، فما عليه الآن إلا أن يبدأ بنفسه ويعلن للرأي العام كل ممتلكاته بدون أن يتنازل عنها، يعلنها فقط للرأي العام، وسيكتشف المغاربة أنه مقاول فاشل كما ورد في كتابه عن مشروع إستخراج الطاقة في بريطانيا الذي عوض أن يعطيه “الديازال بيو أعطاه الصابون البلدي”.
الصابون البلدي في المغرب معروف منذ الزمن الأغبر،المغاربة ليسوا في حاجة إلى مختبرات بريطانيا لكي يكتشفوه.
لقد نوه الرجل تنويها خاصا برجال أعمال، من بينهم البنكي عثمان بن جلون، الذي أدى عن الأمير المنبوذ، فواتير عندما كانت عنده أزمة سيولة، لكن الأمير لم يقل إذا كان قد سدد الفواتير أم لا؟ فلو تطوع أحد الفضوليين وأقنع عثمان بن جلون بالكلام ستعرف حقيقة الأمير المواطن وستعرف حقيقة الإقتصاد المواطن.
لو إستطاع أحد أن يقنع باطرون إحدى شركات الطيران العملاقة بالكلام ستعرف حقيقة الأمير المواطن. فالمواطنة قيم والقيم سلوك وممارسة و ليست شعارات نستهلكها في جلسات النميمة حتى ولو كانت متلفزة. لقد قرأت الكتاب طولا وعرضا علني أجد قراءة مؤسساتية للتطور السياسي في المغرب ولم أجد غير أمير يعتبر نفسه “مكروها” يتحدث عن حريم أجداده، وأبيه الذي قدمه كمنحرف وعمه الذي يعرفه المغاربة، قدمه كرجل قضى عمره في المقالب وعن رفض عمه إختياراته المدرسية والأكل الذي كان يأتي من دار المخزن إلى عائلته بعد وفاة الأمير مولاي عبد الله، وتهميش الملك الراحل له عندما كان يدير أمور الدولة وعدم إشراكه في المفاوضات حول التناوب وأثناء زياراته للخارج ولقاءاته مع رؤساء الدول.
بمعنى أنه لو كان الملك الراحل على رأس ملكية برلمانية، فإنه كان سيفرض نفسه ديمقراطيا في لقاءات الملك الراحل مع القيادة السعودية أو في مفاوضات الملك مع قيادات الكتلة.
فالديمقراطي الحقيقي هو الذي تعطاه الفرص الحقيقية ولا يكون دكتاتوريا، إن علاقة الأمير بالصحافة المغربية هي أكبر دليل على سلوكه السلطوي. الرجل لا يريد إلا الأقلام التي تعبده وتعيش من أجله وماله، لا يصل إلا لمن آمن به كفاعل محتمل.
وما كتبه أحد الصحافيين الذين عاشروه ورفضوا وصايته حول إحتقاره للصحافيين كفيل بإعطاء صورة واضحة حول الأمير المواطن، ومن فتح عليه باب جهنم عليه أن يتبرع بلهيبها، لقد طرح نفسه في الساحة كأمير منبوذ وطالت مدفعيته أكثر من فاعل، فلننتظر إذا كانت حقيقة حقائقه كأمير منبوذ ومكروه صادقة أم مخدومة.
وإلى الحلقة القادمة.