كعادته نجد الفنان الملتزم “مارسيل خليفة” حاضرا دوما إلى جانب القضية الفلسطينية وكل القضايا الانسانية حيث سخر لها حياته وموسيقاه منذ زمن بعيد.. فجعل فنه الملتزم سراجا ينير دروب الملايين، ومنارة تهدي الحيارى إلى بر الأمان، فزواج الفن بالروح، بالإنسانية والحياة، فكان النتاج خليط أعطى للعالم العربي سيمفونية بطابع الاشتياق والحنين، الإرادة وعلو الهمة، التفاؤل والأمل.. وإن أغانيه ومقالاته حول القضية الفلسطينية ودعمه المستمر لها ما هي إلا مجرد قطرة في تاريخه النضالي المعروف ومسيرته المتضامنة معها.. لذلك نجده كما عودنا دوما يشارك هموم غزة الأخيرة على صفحاته بمقالاته المعبرة والمتضامنة مع فلسطين الحرة..
يقول مارسيل خليفة: إن للفلسطينيين وطناً وإن اسم هذا الوطن فلسطين،بالموت يرفع أطفال غزّة سماء جديدة لأحلامهم، يعيدون الارض الهاربة، يختاط الواقع بالأسطورة في ذلك الزقاق، في تلك الساحة، يطلعون من أرضهم يلعبون ويكتبون النشيد المغمّس بالدم والحياة هذه الأرض لأبنائها، منذ الازل وإلى الأبد كان الأولاد يعدّون السنين، وحبّات المطر ليكبروا هؤلاء المولودون على الحراب، وعلى عتبات الزنازين، وعلى طرق غير معبدّة، وفي زمن الاحتلال هم يدلّون التائهين على الطريق، يطلعون من هنا ومن هناك، من خيمة نازحة،
من رصاصة من كتاب من تراب، من وطن الوطن في وسع الهزائم أن تخلع خيامها، وترحل الى الجحيم لأن هناك شعلة واحدة ، مرفوعة على أصابع الأولاد في غزّة ومهما حشدوا لها من ليل جديد لا مفر من الحريّة ها هي صورة الفلسطيني، تتحوّل إلى مشهد يومي ولا شيء يدعو إلى الالتباس إن للفلسطينيين وطناً وإن اسم هذا الوطن فلسطين وإن فلسطين هي الارض التي أنشأ عليها الاسرائليون دولتهم . إنها الارض نفسها وليست أرضاً أخرى . إن سكّان المخيّم هم أصحاب الارض التي أقيمت عليها المستعمرات . إن هذا يقيم على أنقاض ذلك ، بعدما اقتلعه وأودعه النسيان حاولت الكاميرا اليوم أن تبحث عن الاصول والجذور وأن تصوّر ما تحت المكان وما تحت الوردة لن تصوّر الكاميرا اليوم مساحة الفارق الحضاري بين بيت في مستعمرة يربّي البطّ والتفاح وبين بيت من صفيح في مخيّم لن تصوّر تلك الطفلة النظيفة في البيت الاول وهي تلعب البيانو وذلك الاب الذي يقرأ وتلك الام التي تصفف الزهور بل ستصوّر تلك الطفلة في بيت الصفيح وفي الخيمة النازحة ، تلعب بالقمامة وذلك الاب الذي يسرد التاريخ وتلك الام التي تقشّر البصل وتغسل الثياب في وعاء ماء واحد آلاف من الأطفال الفلسطينيين أمام الكاميرا من أين جاؤوا ؟
والكاميرا التي كانت تصوّر الجمال المصطنع والكمال المرتّب صارت تصوّر الآخر إن الآخر موجود، الكاميرا تنقل صورة الفلسطيني المدافع عن الحريّة وصورة الحريّة لا تحتاج الى تعليق..