الإعتداءات الإرهابية في باريس أبطالها معروفون، القتلة عاشوا في فرنسا ومن الهامشية تعلموا التطرف و ثقافة القتل، الجميع تحدث عن القتلة الإخوة كواشي و أحمد كوليبالي، الجميع تحدث عن ثقافة القتل و ربطوها بالإسلام غير المتسامح، ربطوها بالقاعدة و بداعش، لكن آلة القتل تم تهميشها في التعاطي مع الحدث، فمن أين أتت آلة القتل؟ من أين أتت بنادق الكلاشنيكوڨ؟ و من أين أتت قادفات الصواريخ و المسدسات؟ لم تأت من مخازن داعش أو القاعدة في اليمن، لقد أتت من بلجيكا فهل كانت الأجهزة الأمنية في فرنسا أو بلجيكا لا تعرف أن بروكسيل هي مصدر كل الأسلحة المهربة من أوروبا الشرقية التي تُستعمل في الجريمة المنظمة و العمليات الإرهابية في أوروبا و غير أوروبا.
لقد سبق للمغرب أن فكك خلايا مسلحة بأسلحة حربية آتية من بلجيكا و الأكثر من هذا، لقد ساعد المغرب السلطات البلجيكية في فك لغز سلسلة من الإغتيالات التي نفذها بليرج و اللذين معه فوق الأراضي البلجيكية.
لقد سبق للمغرب أن فكك خلايا مسلحة أبرزها خلايا حركة المجاهدين في المغرب، نعم المجاهدين و ليس الليبراليين، المجاهدين و ليس الديمقراطيين، و مع تفكيك كل خلية نفس الإسم كان يتردد في محاضر الإستماع علي عراس، هو الذي أدخل الأسلحة من بلجيكا، كل الأسلحة التي دخلت المغرب لم يكن وراءها إلا عراس أو بليرج، هل الأمر يتعلق بتجار أسلحة كانوا يوردون الأسلحة من أجل المال؟ لم يكن الأمر كذلك، لقد كان عراس عضوا مؤسسا لحركة المجاهدين و كانت حركة المجاهدين تتساهل أمنيا في كثير من قضاياها التنظيمية، وحدها هوية عراس كانت السر الذي كان يحتكره أمراء الحركة أو دائرتهم المقربة، لأن الرجل كان مكلفا بالدعم اللوجستكي و بٱستثمارات الحركة و شراء و إدخال الأسلحة للمغرب و كان مكلفا بعصب الحرب و جناحها العسكري و ضرب السرية التامة على إسمه يضمن استمرار الحركة. عراس كان يدير ٱستثمارات الحركة و أسلحتها ، فهناك أسلحة ٱشتراها من بليرج وهناك أسلحة باعها له، و كانت له ٱرتباطات كبرى بكل تجار الأسلحة الحربية و الفردية في بلجيكا.
لقد كشف المغرب إبانها شبكة تهريب الأسلحة من أوروبا الشرقية المرتبطة بعلي عراس و عبد القادر بليرج، لكن ديمقراطية بلجيكا لم تسمح إلا باعتقال الجزائري رابح بن عتو الذي ارتبط إسمه بالأسلحة التي هربها علي عراس إلى المغرب و لم تطل كل تجار و مهربي الأسلحة الذين يعملون فوق الأراضي البلجيكية بتنسيق تام مع مهربي السلاح في أوروبا الشرقية على الرغم من أن بلجيكا ضبطت بناءا على معلومات وفرها المغرب، أسلحة ثقيلة و قاذفات صواريخ، فإن ديمقراطيتها لم تسمح بمتابعة المجرمين و الإرهابيين إلى النهاية لأن كشف كل أسرار تهريب الأسلحة التي كان وراءها بليرج و عراس كان فيه كشف لعوراتهم أمام الرأي العام البلجيكي.
لقد انتظرت بلجيكا حتى يتم ضرب باريس بأسلحة حربية لتتحرك و تقوم بعمليات استباقية في إتجاه العائدين من سوريا و تعلن للرأي العام البلجيكي أن الجناة كانوا مدججين بالأسلحة و المتفجرات و حتى بدون أن نعرف التفاصيل و نختصر عليهم الطريق، فشبكات بليرج و عراس التي تركوها نائمة لها ارتباط بما حدث و سيكون لها ارتباط بما سيحدث.
علي عراس الإرهابي القتال، الحامل للجنسية البلجيكية ظل لسنوات حرا طليقا، تحت حماية الديمقراطية البلجيكية إلى أن تلقفه مشكورا القضاء الإسباني و سلمه للمغرب، لكي يضع المغرب حدًا لمخططاته الإرهابية.
عندما ضربت فرنسا تحرك الجميع من أجل مراجعة شاملة لقانون الإرهاب و إطلاق اليد للقضاء و الأجهزة الأمنية الفرنسية حتى تكون لها الحرية أكثر في تتبع و مراقبة الإرهابيين بقرار إداري أو قضائي، و لا صوت واحد خرج في أوروبا يتغنى بالحريات الشخصية أو غيرها الجميع يريد الإجهاز على الإرهابيين، الجميع يرفض عودة الإرهابيين إلى أوروبا، الجميع يريد إسقاط الجنسية عنهم و هناك اليوم من يرفض حتى دفن الإرهابيين فوق التراب الفرنسي، لقد اختفت كل الحقوق الفردية و لم تبق إلا الحقوق الجماعية، و هناك من يفكر في مراكز اعتقال شبيهة بغوانتانامو فوق الأراضي الأوروبية أو على الأقل سجون خاصة بالجهاديين و منهم من يطالب بحرمان قدماء الجهاديين حتى من الحق في العمل، كما حدث مع فريد بن يطو، أمير الإخوة كواشي لقد كان متدربا في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية و عقب الأحداث منع من التدريب و عرف الجميع بأنه حتى و لو نجح في الحصول على دبلوم ممرض فإنه لن يسمح له بالعمل في المستشفيات العمومية و بطبيعة الحال لن يقبله أي مستشفى خصوصي.
إنه الغرب عندما يضرب في عقر داره فإنه يستحل جميع الحلول و الإجراءات و يعطيها مسوغا ديمقراطيا أو قانونيا و يربطها بالحرية.
أما نحن فكل ٱرهابيينا يتعامل معهم الغرب كأنهم سجناء رأي، إلا إذا كانوا يستهدفون المصالح الغربية، فهل تحركت الجمعيات الحقوقية الفرنسية للدفع بعدم دستورية سحب الجنسية الفرنسية أو الإنجليزية من الإرهابيين، لا لم يحدث و لن يحدث هذا بالمرة. حقوق الإنسان هي فقط وسيلة لكي يسود الإرهاب عندنا كما ساد في ليبيا و سوريا و اليمن و تونس و مصر.
علي عراس عندهم رجل تعرض للتعذيب لكي يعترف بالأسلحة التي هربها إلى المغرب أما عندنا فهو مورد سلاح ضبطت أسلحته في المغرب حتى قبل أن تسلمه لنا إسبانيا و حوكم على ما فعله قبل اعتقاله لا عما كان سيفعله قبل اعتقاله.
هذا هو الغرب لا ُيخرج مخالبه غير الديمقراطية إلا عندما يضرب في عقر داره، و نحن يلهينا بتقارير منظماته و تقارير امتداداتها عندنا حول حقوق الإنسان.