كانت الدموع تنساب من عيون الأشقاء الثلاثة.. بعد أن جمعهم «كلابش» الشرطة، كانوا يبحثون عن كلمات تبرر جريمتهم، لكن قاموس الكلمات الذى علمتهم لهم شقيقتهم الكبرى لم يكن يحوى هذه الكلمات، لقد علمتهم الحب.. وحين كبروا.. كرهوها، أغرقتهم بمشاعر الحنان، لتعوضهم عن غياب الأم، لكنهم قتلوها.
«الشرف».. كانت هذه الكلمة هى بوابة جنهم التى فتحها الشيطان لينفذ من خلالها إلى عقول الأشقاء الثلاثة، وكانت كلمات الجيران حول سوء سمعة الشقيقة الكبرى.. هى السلاح الذى استخدمهوه لتنفيذ جريمتهم، وكانت الظنون هى الدافع لسيناريو التعذيب الذى استمر 15 يوما.. وجاءت النهاية فى كوب عصير مسموم، ليكتب الأشقاء الثلاثة كلمة النهاية فى حياة «صابرين».
«صابرين» كانت تبلغ من العمر ثمانية وأربعين عامًا، فارق والدها الحياة وترك لها 3 أشقاء صغار، لم تنتظر أن يوصيها بهم.. مثلما فعلت والدتها الراحلة، أدركت أنها مطالبة بلعب دور الأم والأب لـ 3 أولاد دخلوا فى دائرة الأيتام، حين جاءها من يطلب يدها للزواج.. لم تبحث فى قاموس البنات عن شبكة ومهر وفستان أبيض وحفل زفاف تتحاكى به بنات الجيران، طلبت منه فقط أن يسمح لها برعاية أشقائها، وأن يعينها على تربيتهم.. قدر المستطاع.
اشتد عود الأشقاء الصغار، واشتدت معهم مشاكل الأسرة الجديدة لشقيقتهم الكبرى، بدأ الزوج يضيق باهتمام زوجته بأشقائها، حاول أن ينتزع زوجته من بيت والدها، لكن المشاكل الصغيرة كبرت مثلما كبر الأشقاء، وأصبح من الصعب تجاوزها، وبسبب تكرار المشادات والمشاجرات، كانت «صابرين» تترك منزل الزوج لتهرب إلى منزل الوالد، وتعرف أنها مضطرة للعودة بعد أيام.
وجد الجيران فى مشاجرات «صابرين» وزوجها.. وزياراتها المتكررة لمنزل والدها.. مادة مسلية للحديث، وسرعان ما تطور الأمر لينسج المتاجرون بأعراض الناس حكايات حول علاقة تربطها بشاب أصغر منها، ووفق منطق الشائعات تتسع القصة.. لتصبح زياراتها لمنزل والدها مجرد ستار لزيارات أخرى تجرى فى الخفاء لمنزل العشيق المزعوم، وتناثرت الحكايات فى كل مكان.. إلى أن وصلت لمسامع الأشقاء الثلاثة.
كبر الأشقاء الصغار.. لدرجة دفعتهم إلى لعب دور القاضى، قرروا تقصى حقيقة الشائعات التى تحيط بشرف شقيقتهم، وضعوها فى دائرة الشك.. وأحكموا مراقبتها، ورغم أنهم لم يروا ما يدينها على مدار أسبوع من المراقبة.. إلا أن دخان الشائعات أشعل داخل عقولهم نيران الانتقام، وهداهم شيطانهم إلى ضرورة إغلاق الباب الذى يأتى منه ريح الشك، قرروا التخلص منها لإخماد الأفواه الناهشة فى عرضهم.
توجه الزوج إلى منزل والد زوجته، طلب استعادتها مثلما كان يفعل فى السابق، لكن الأشقاء الثلاثة رفضوا هذه المرة، ولم يكرر الزوج طلبه.. ظنا منه أنها ربما تعود من تلقاء نفسها.. مثلما اعتادت، ولم يدر أن سيناريو جديدا يحاك لها هذه المرة.
عزم الأشقاء الثلاثة على كتابة كلمة النهاية لمسلسل الشائعات، حبسوا شقيقتها فى غرفة، وأحكموا إغلاقها، استمر الأمر 15 يوما، وقبل هذه المدة بيومين، منعوا عنها الطعام، وفى اليوم الأخير قدموا لها كوب عصير.. مسموم.
ظن الأشقاء أنهم أغلقوا باب الشائعات.. لكن مفتش الصحة الذى جاء ليعاين الجثة تشكك فى أسباب الوفاة، وطلب توقيع الكشف الطبى على الجثة قبل إصدار شهادة الوفاة، وقتها أدرك الجناة أنهم فتحوا باب الجحيم على أنفسهم.. فلاذوا بالفرار.. وتركوا جثة شقيقتهم وحيدة فى منزل الأب.
تلقى مأمور مركز شرطة أطفيح بلاغًا من الأهالى بوفاة سيدة داخل منزلها بعد احتجاز أشقائها لها لمدة 15 يوما، وانتقل العقيد عاطف الإسلامبولى مفتش مباحث شرق الجيزة إلى مكان الواقعة، وتبين أن السيدة تدعى «صابرين.ر» 48 سنة ربة منزل، وأنها ماتت بعد احتجازها 15 يوما داخل المنزل.
وكشفت تحقيقات اللواء محمد أبو الفتوح رئيس قطاع جنوب الجيزة، أن الضحية كانت تلاحقها شائعات تنال من شرفها، وهو الأمر الذى دفع أشقاءها لاحتجازها داخل منزلهم لفترة طويلة، تم إعداد كمين للمتهمين وتمكن النقيب كريم عليان من ضبطهم وأحالهم إلى اللواء كمال الدالى مدير أمن الجيزة، لينتهى بهم الحال أمام النيابة العامة التى تولت التحقيق.