الحلقة الأخيرة من برنامج "مباشرة معكم" تسيء بكل المقاييس لسمعة المغرب خاصة لمؤسسة إمارة المؤمنين ودولة الإسلام التي ينص عليها الدستور المغربي كما تسيء لصورة المغاربة كشعب متسامح وخلوق، بل و تسيء أكثر لقضية الصحراء، ولحد الساعة لم أستوعب ما سمعته على هذه القناة لدرجة أني لازلت أتساءل كيف يسمح المسؤولون عن القناة الثانية و الضيوف الذين هم صحافيون يا حسرة بأن يسبوا مواطنين غائبين اتفقنا أو اختلفنا معهم بعبارات من قبيل "نصاب" و"محتال" و"حثالة" و"التافهين".
الزميل حميد المهداوي وحيد موقع بديل أنفو، لم يخف تبرمه مما قيل في آخر حلقة من برنامج "مباشرة معكم" التي ينشطها الزميل جامع ڭولحسن، و لم يكتم غيضه إلى درجة أن ما جرى جعله يسحب من الزملاء الصحافيين المشاركين الريادة و لم يعد لهم الحق في اعتبار أنفسهم "هامات صحافية مغربية"، لا شك أن هول ما جرى يبرر رد الفعل السريع هذا و أن الزميل لا شك يزن كلماته و له من التفاصيل ما يجعل حكمه يطال أعمدة من أعمدة الصحافة المكتوبة.
فما حدث حتى ينفعل ويتنرفز حميدهم الذي أصدر فتواه قبل بزوغ الفجر؟ لا شك أن في الأمر خيانة و ربما كبرى و إساءة إلى مؤسسات المغرب و قضاياه الإستراتيجية.
زميلنا الذي ظل طوال عام يسترزق أخبار المومني و المطالسي و نعمة أسفاري في صفحاتهم الفايسبوكية و تصريحاتهم و ذويهم في القنوات العمومية الفرنسية لم تحضره المهنية و أخلاقيات المهنة إلا في فجر الثاني عشر من مارس، الوازع المهني و أخلاقيات المهنة لم تتحرك من قبل عندما كان الإعلام العمومي الفرنسي يستضيف وجهة نظر مهزوزة واحدة كل مرة بدون اللجوء على الأقل إلى صحفيين مغاربة لنقل الحقيقة الأخرى حول الملف و الشكايات التي دفعت المغرب إلى اتخاذ قرار سيادي بتعليق التعاون القضائي والأمني مع فرنسا.
أخونا و زميلنا و حبيبنا حميد كان يعتبر إعادة استهلاك منتوج إعلامي فرنسي ذي المنطق الواحد يستجيب لكل المواصفات المهنية، لم تتحرك مهنيته و أخلاقه المهنية لكي يعيب على أهل فرنسا منطقهم الإعلامي المتحيز الذي يسيء إلى فرنسا الحريات و فرنسا الأخلاق الجمهورية… حينها كان أخونا حميد ترجمان للإعلام الفرنسي و لزكرياء المومني و لغيره من الذين لم يجد الإعلام الفرنسي غيرهم ليخوض به المعركة ضد المغرب و مؤسساته، لقد كان دائما متطوعا لنقل زابور الآخر إلى الرأي العام إلى آخر رمق. أخونا حميد لم يعجبه أن يستعمل المتدخلون في البرنامج مفردات من قبيل نصاب و محتال في حق زكرياء المومني إلى الحد الذي يقض مضجع زميلنا أم أن الأمر حقيقة مستخلصة من ملف حَكَم فيه القضاء المغربي حكما نهائيا. إذا لم يكن زكرياء المومني نصابا و محتالا فمن يكون؟ إنه السؤال الذي أجاب عنه هامات الصحافة المغربية.
الإعلام العمومي الفرنسي في معركته ضد المغرب لم يعد يستضيف المثقفين و النخبة، أصبح متعودا على استضافة " كائنات برية" ليس لها مشروع سياسي أو مواقف مبدئية و امتدادات داخل المجتمع، أصبح مواظبا لدرجة التقزز على استضافة ذوي السوابق، فهل تهريب المخدرات و النصب و الإحتيال و القتل العمد و تمثيل بجثة، رأي سياسي أو معارضة سياسية، إنها الحقيقة و إذا كانت هناك حقيقة أخرى فما على صاحب الموقع الذي يريد أن يعطي لنفسه الحق في الإفتاء إلا أن يفتح صدره و موقعه لكي ينشرها.
لقد طرح المساهمون في النقاش نقطا ذات أهمية كبرى مثل ٱستقلال النيابة العامة في فرنسا عن السلطة السياسية، وٱستقلال الإعلام العمومي و عقدة الجزائر لدى نزيل الإليزي و أخطاء السلطة التنفيذية الفرنسية، و احترام السيادة المغربية.
شخصيا ٱستفدت كثيرا من الخبايا التي كشفها صحفيون كبار حول الرئيس الفرنسي وعقدته الجزائرية وتدخل الإيليزيه في القضاء من أيام الرئيس الراحل فرانسوا متيران، وحقيقة كلود لوبوا "المتخصص" في أسلمة المغرب قبل أن يظهر أن الأسلمة طالت فرنسا…
لقد كانت حلقة حضر فيها الكبار و ظهر أن اللوبي المعادي للمغرب داخل الإعلام العمومي و دوائر الحزب الإشتراكي الفرنسي و الدوائر الأخرى المغربية و الجزائرية، لم تعد تجد المعارضة المغربية الأصيلة و لا واحد يمكن أن يلعب دور الكومبارس و اضطرت إلى طلب خدمات عينة من ذوي السوابق لكي يؤتتوا بهم المشهد الإعلامي الفرنسي.
فما على أخونا إلا أن يستعيد في قراءة هادئة و غير متشنجة ما قاله يونس دافقير الذي كشف بلغة واضحة أن الأمر أكبر من مسؤولين أمنيين مغاربة و أن الملف مرتبط في تفاصيله الصغرى و الكبرى بمشروع يروم سحب البساط من يد السلطة المغربية في تدبير الأقاليم الجنوبية بحجة مراقبة حقوق الإنسان .
كان على القناة الثانية أن تستضيف حميدهم حتى يكشف لنا بالأدلة الملموسة حقيقة ذوي السوابق فلا حجة واحدة حول ادعاءاتهم غير مقالات صحفية كتبت عنهم و تعاليق مهزوزة على صفحاتهم الفايسبوكية.
فالعار الحقيقي هو أن يتنكر الإنسان لقضايا المغرب و ينتصر بشكل آلي للآخر و لا تحضر حساسيته للأخلاق المهنية إلا عندما يطرح مغاربة في قناة عمومية حقيقة الأشياء التي تقتضي أن تسمى الأشياء بمسمياتها فالعار هو أن يلهث الصحفي وراء كل شيء حتى يتبث أنه هامة من طينة أخرى و أنه معارض، من حق كل صحفي أن تكون له خلفية يناقش بها القضايا الداخلية أما القضايا التي يحضر فيها ما هو إستراتيجي للمغرب فالإنتماء يجب أن يكون أولا و أخيرا للمغرب و العار الحقيقي هو أن لا يجد الذي يريد أن يدافع عن الآخر المسخر ضد المغرب غير الهراء، هذا هو العار و شهادة المهداوي لا تنال من حميد برادة فتاريخه معروف و لن تنال من عبد المنعم الدليمي فتاريخه معروف و لن تنال من عبد الحميد الجماهري المرتبط بمشروع سياسي و مجتمعي عبر عن هويته منذ الزمن الأول و لن تنال من يونس دافقير و لا من غيره.
إن الدفاع عن الحقيقة حتى و لو تقاطعت مع مصالح المغرب العليا ليس عار لأن العار الحقيقي هو التيه في التبني الآلي لكل ما يظنون أنه يصب في خانة المس بالمغرب و النيل من المغرب الرسمي أما الأخلاق المهنية فهي آخر ما يمكن أن يتبجح به الزميل لأن المهنية خانته و غيبها باسم الضرب تحت الحزام عندما كان يترجم الأعمال و التصريحات التي يبثها الإعلام العمومي الفرنسي ضد المغرب و لم يتحرك يوما للتحري في صحة ما يقوله على لسان البزناس و السكاكري و الإنفصالي و لم يعب يوما على مصادره الفرنسية غياب الحقيقة الأخرى التي ٱنتصرت اليوم و خلقت أزمة نفسية لبعضهم لأنهم كانوا يظنون أنهم و الإعلام الفرنسي و الدوائر الأخرى مسلحون بقضايا حقيقية فإذا بها "كلام جرايد" فهل حميد المهداوي وحده على حق و يملك لوحده سلطة الإفتاء حول الحلال والحرام في الإعلام؟ أم أن الفكر الستاليني يفقد توازنه مع أول ٱنتكاسة….