يوجد بيننا “صحافيون صناديد”، ومصدر “صنددتهم وصنطيحتهم” لباسُهم لجلباب مهنة الصحافة ليُخفوا “النصب العابر للقارات” المختلط بدمائهم، فحتى عملية تصفية الدم لن تنفع بشيء في علاجهم.
صحافيون من طينة “الرجل البهلوان”، وتارة من طينة “الرجل المطاطي”. أحيانا يتقمصون صفة “المعارضين للنظام”، أو “معارضين لجهاز في النظام”، حتى أنني سمعت يوما أحدهم يقول خلال ندوة صحافية بالدار البيضاء أنه “معارض للجيش”.
أحيانا أخرى تجدهم في أحضان أطر من جهاز الاستخبارات الخارجية “لادجيد”، حتى أن أحدهم لفرط إصابته بفيروس “يخ منو عيني فيه”، سمى موقعه الالكتروني “le desk”، تيمنا بهيكلة “لادجيد” واستخبارات الجيش، المبنية على المكاتب: المكتب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس.
“أكلوا فوق الطاولة ومن تحتها”، وكان شعارهم صحافة جريئة مستقلة حتى عن نفسها، إلى أن أكلت نفسها بنفسها. “أكلوا الغلة وظلوا يسبون الملة”، ولا يزالون.
احترفوا “الغميق الدولي”، و”النصب العابر للقارات”، النصب في تسمية التأويل الصحافي وعرضه على الناس على أنه “تحقيق صحافي صادم”.
حتى أن أبرزهم، وبعد أن أنهى توزيع كتبه المخطوطة بالحقد على أعزاء الأمس، وبالأكاذيب التي لا سوء فهم فيها، ظهر ليُطلق موقعا، بل “مكتبا” أحكم إغلاقه ليُعطي قيمة لتأويلاته لأحداث وقضايا بعينها وتقديمها للقراء المنخرطين على أساس أنها معلومات خطيرة وغير مسبوقة، علما أنها مجرد نميمة رخيصة.
60 درهما في الشهر مقابل الاطلاع على تأويلات الـ”مكتب” المعلوم، الذي يتشبه بـ”المكاتب المعلومة”.
فمن هو صاحب هذا “المكتب المعلوم”؟
“اشتغل صاحب “le desk”، في قسم العلاقات الخارجية في وفا بنك. لكن سنة واحدة بعد توظيفه، وصل فاكس بتاريخ 10 يوليوز 1995 من طرف البنك الألماني “دوتش بنك”، يأمر بفتح تحقيق من طرف المفتشية العامة للبنك المغربي، لتأكيد فاكس آخر أرسل من طرف وفابنك، ورد فيه توقيع شخصين هما عصام بركاش وعلي عمار، حول توقيف تحويل بنكي بقيمة 100 مليون دولار.
بعدها مرت الأمور بسرعة، لم ينف الوقائع، بل اعترف بتزويره لشهادة توقيف التحويل البنكي، مقرا أنه “تلقى تعويضا بقيمة 15 ألف درهم” من الزبون ميغيل فروتورا مقابل توقيف التحويل البنكي.
حينها، خلصت النيابة العامة، بأن علي عمار تلقى رشاوى من أجل تزوير تلك الشهادة، بل إن المفتشية البنكية اكتشفت في مكتب علي عمار، العديد من الوثائق المزورة، ومراسلات مشبوهة مع البنك الوطني لباريس، وشهادة أخرى مرسلة إلى البنك التركي، لتحكم المحكمة الابتدائية للدار البيضاء، في يوم 20 شتنبر 1995 على علي عمار وشريكه، بالسجن النافذ سنة ونصف وغرامة 40 ألف درهم، من أجل “الرشوة، والتزوير، وخيانة الأمانة”. لتؤيد محكمة الاستئناف في يوم 16 يناير 1996 الحكم الحكم الابتدائي، لكن رغم ذلك، لم يمض علي عمار وقتا طويلا في السجن إذ استفاد من عفو ملكي.إذن، فهذا الشخص الذي يصوب رشاشه نحو الملكية، مدين بحريته للعفو الملكي الذي منحه إياه الحسن الثاني، في تلك الحقبة، كان عصيا على علي عمار ، الادعاء أن قضية الشهادات المزورة كانت مكيدة من المخزن، لسبب بسيط، أنه لم يشرع في ممارسة الصحافة بعد.
سنة 1997، رقع علي عمار بكارته، بتأسيسه رفقة بوبكر الجامعي صحيفة “لو جورنال”، ما جعله يلوح بحصوله لشهادة ماستر في الصحافة بلندن (صعب التحقق من صحتها)،لكن لأن من يحتال مرة، يحتال دائما، فإن علي عمار سيكون موضوع شبهة من جديد سنة 2009، عند نشره لكتاب “محمد السادس، سوء الفهم الكبير”، عندما شكر في بداية الكتاب الأمير مولاي هشام وزوجته، مدعيا صداقته وقائلا “الذين لم يبخلوا علي بالمعلومات والبوح بذكرياتهم بشغف كبير”، ما جعل الأمير ينتفض متبرئا من هذه الصداقة المفترضة، وأرسل في ذلك الحين، تصويبا لمجل تيل كيل، قال فيه “انقطعت علاقتي بلعي عمار، منذ سنتين، بسبب “الشك في نزاهته”.
في سنة 2010، حكم على علي عمار بالسجن ثلاث أشهر سجنا موقوفة التنفيذ، وبغرامة 3628 أورو، بعد شكاية من صوفي غولدرينغ، شريكته الفرنسية السابقة، التي اتهمته بسرقة حاسوب وشيك بقيمة 2000 أورو، لتتوالى المصائب على رأس علي عمار، بعدما طرد من الموقع الإخباري Slate Afrique بسبب اتهامه بالسرقة الأدبية”.
أمام كل هذا، كيف للحقيقة أن تعرف طريقها إلى ما يوضع في رفوف “المكتب”/ le desk؟