بالصور: تفاصيل احتفاء أسرة الأمن الوطني بأبنائها المتفوقين دراسيا ورياضيا وفنيا
شارك مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، اليوم الأربعاء 25 ماي الجاري، في اجتماع الدورة العادية 47 لمجلس وزراء الإعلام العرب بالعاصمة المصرية القاهرة.
وفي ما يلي نص كلمة الوزير التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للاجتماع:
“باسم الله الرحمن الرحيم؛
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛
أصحاب المعالي والسعادة؛
إنها لمناسبة هامة أن يلتئم اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب، وهو اجتماع ينعقد في سياق خاص يتسم بتصاعد التحديات المطروحة على المنطقة العربية والإسلامية على شتى المستويات، وبتطورات كبرى ترخي بضلالها على استقرار المنطقة.
وأستحضر هنا الخطاب التاريخي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، أمام القمة المغربية الخليجية التي افتتحت يوم الأربعاء 20 أبريل 2016 بالرياض، حيث أكد جلالته “ماذا يريدون منا؟ إننا أمام مؤامرات تستهدف المس بأمننا الجماعي. فالأمر واضح، ولا يحتاج إلى تحليل. إنهم يريدون المس بما تبقى من بلداننا، التي استطاعت الحفاظ على أمنها واستقرارها، وعلى استمرار أنظمتها السياسية”. كما أكد جلالته على أننا لسنا محمية لأحد، وعلى أن هناك من يسعى عبر آلية مباشرة أو غير مباشرة لفرض منظومة قيم محددة وفرض تصورات ومفاهيم لصياغة الإنسان في هذه المنطقة وفق ما يريد.
ضرورة التفكير الاستراتيجي في مواجهة التحديات
إن الاعلام يمثل إحدى الجبهات المفصلية والأساسية المرتبطة بمقاومة الأمة لما تواجهه من استهدافات متجددة، وهي مقاومة مستمرة منذ قرون، ولاسيما منذ الهجمة الاستعمارية للقرن 19 عشر والتي مازالت مستمرة، مع تغير في الأشكال والوسائل والآليات. لهذا، فإن مسؤولياتنا ليست بالهينة، بل هي مسؤولية كبيرة ومضاعفة من أجل ضمان حق الأمة في وحدتها، ووحدة ترابها، ورفض المخططات التقسيمية التي لا تستثني أحدا.
إن ما يُحاك من مؤامرات أو مخططات لحماية مصالح استراتيجية أجنبية لا يقع التخطيط له على مدى عشر أو عشرين سنة، بل يمتد لأبعد من ذلك. وإن ما نشهده اليوم من نزوعات وتوجهات في قلب العالم الإسلامي ألا وهو العالم العربي، لهو اشتغال محموم تُستغل فيه العديد من الآليات والأدوات على المستويات الثقافية، والحقوقية، والاقتصادية، وغيرها. لهذا فإننا ندعو الأمانة العامة لمجلس وزراء الإعلام العرب إلى إطلاق تفكير استراتيجي ينقلنا من الاشتغال الجزئي على كل قضية على حدة، وإدماج هذه القضايا كقضايا التطرف والإرهاب أو تهويد القدس وتوسع الاستيطان، أو قضايا الأمن والاستقرار ووحدة الدول، وغيرها من القضايا ضمن رؤية استراتيجية كلية، تؤمن بحتمية الانتصار بإذن الله تعالى.
إننا مدعوون إلى اعتماد رؤية إستراتيجية إعلامية، رؤية تُدمج الإعلام باعتباره حلقة مفصلية في مشروع صيانة الوحدة ومناهضة التجزئة وحماية الاستقرار ومحاربة التطرّف والارهاب.
لقد كان البعض ينظر إلى مشروع الفوضى الخلاقة، وهي في الحقيقة فوضى مدمرة، كمشروع سياسي، في حين أنها ليست مشروعا سياسيا أو اقتصاديا، بل هي مشروع فكري وقيمي، يستهدف المنظومة القيمية الموحدة لهذه الأمة وذاكرتها وقيمها المشتركة، ومصيرها المشترك، ومن هنا وجب إعادة التذكير بضرورة التفكير الاستراتيجي في مختلف أبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية، ذلك أنه كلما برزت قضية مفصلية في واقع الأمة في العلاقة مع الغرب، إلا وبرز معها التناقض الاستراتيجي بين تطلعات شعوبها في الوحدة والأمن والاستقرار والحرية والكرامة، في مقابل المصالح الاستراتيجية لهم والقوى المضادة لها، وهي تناقضات لا تقبل المساومة أو التوفيق أو التوافق لأنها تتعلق بقضايا وجودية ولا بمكن الاشتغال فيها بمواقف ظرفية ومعزولة.
تحديات الثورة التكنولوجية ومستقبل الإعلام
ونحن بصدد هذا الاجتماع، أود التأكيد على نقطة ثانية هامة تتعلق بالثورة التكنولوجية الحالية، فكما هي حاملة لتهديدات، هي أيضا حاملة لفرص، ونحن معنيون بالانخراط في تحديث شامل للمنظومات القانونية التي تؤطر الممارسة الإعلامية، على اعتبار أنها منظومات بُنيت على فلسفة الشاشة والورقي، كوسيطين رئيسيين بالإضافة إلى الإذاعة، في حين أننا اليوم نعيش انتقالا معلوماتيا وتكنولوجيا عميقا في ظل تحول ديمغرافي يرتبط بالشباب العربي الصاعد.
فبحسب دراسة حديثة أُنجزت بالمغرب من طرف فيدرالية الناشرين فإن 71 بالمائة من الشباب المغربي ما بين 15 و24 سنة يتابعون الصحافة الرقمية، وهو معدل غير مسبوق، كما أن هنالك بالمغرب أزيد من عشرة ملايين صفحة فيسبوك. وعندما انخرط المغرب في توسيع شبكة الأنترنت، وصلنا الآن إلى أزيد من 15 مليون مشترك بخدمات الأنترنت، أي حوالي 70 بالمائة من الساكنة، حصل انفجار معلومياتي كبير على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي.
ولهذا فإن مواكبة واستباق آثار هذه التحولات أصبح مسألة وجودية، والمدخل المفتاح لها هو الاستثمار في الشباب عبر التكوين، بموازاة التحديث الشامل للمنظومة القانونية، ولهذا فإننا في المملكة المغربية إلى حدود هذه السنة تم العمل على مراجعة مختلف القوانين ذات الصلة المباشرة بالإعلام، وهي عشر قوانين: قانون الاتصال السمعي البصري، قانون الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، قانون المجلس الوطني للصحافة كآلية للتنظيم الذاتي للمهنة منتخب من طرف الصحافيين والناشرين، قانون خاص بالصحافيين المهنيين بغرض تعزيز كرامتهم واستقلاليتهم وحمايتهم من الاعتداء، وقانون خاص بالصحافة والنشر وضمنه الصحافة الرقمية، قانون خاص بوكالة الأنباء الوطنية والقانون المنظم للمركز السينمائي المغربي، بالإضافة إلى قوانين أخرى فرعية، وضمنهما قانونين تمت المصادقة عليهما في البرلمان بالإجماع، الأول يتعلق بمواكبة الانتقال نحو التلفزة الرقمية الأرضية والثاني يهم صورة المرأة في الاعلام وأخلاقيات الإشهار في المجال السمعي البصري
وبالتالي، فإما أن نراجع بشكل استباقي هذه المنظومات القانونية، وفق مبادئ تقوم على الحرية والمسؤولية والنزاهة والاستقلالية والتنظيم الذاتي، بشكل يستوعب التحولات التكنولوجية، وإلا سنُتجاوز. وهذه مناسبة لأشكر الهيئات المهنية بالمغرب لأن الشراكة معها كانت عاملا أساسيا لتحقيق هذا التقدم، ويتعلق الأمر أساسا بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية والناشرين بالإضافة إلى الهيئات المهنية الأخرى. حيث عملنا على ترسيخ المقاربة التشاركية، بالرغم من الملاحظات الكثيرة التي تم تلقيها من لدنهم في إطار المراجعة القانونية، إذ لا بد من الصبر على ملاحظات المهنيين واستيعابها، قصد المضي قدما في تطوير المنظومة.
اتساع الهوة الرقمية بين الخطاب المدافع عن فلسطين والخطاب المعادي
أما النقطة الثالثة، والتي أختم بها كلمتي، فتتعلق بقضية فلسطين. ولا يفوتني هنا تهنئة اللجنة الدائمة وأمانة المجلس على مقترح اعتبار القدس عاصمة للإعلام العربي سنة 2016.
وهنا يجب أن ننتبه إلى أنه، في السنوات الأخيرة، صارت الهوة الرقمية بين الخطاب المدافع عن قضية فلسطين، وعن حقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة، وبين الخطاب المعادي، تتسع كل يوم. وهو مشكل يتفاقم بكون الأجيال الصاعدة من الإعلاميين لم تعد قضية فلسطين ضمن أولوياتهم وانشغالاتهم، متناسين على أن المدخل لضرب الأمة واستنزافها وتقسيمها وتجزئتها هي فلسطين.
إننا في المملكة المغربية، إذ نهنأ على مقترح اعتبار القدس عاصمة للإعلام العربي سنة 2016، نؤكد على التوجه الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رئيس لجنة القدس، في افتتاح الدورة العشرين للجنة القدس يوم 17 يناير 2014، بمراكش، حيث اعتبر “أن قضية القدس أمانة على عاتقنا جميعا، حيث جعلناها في نفس مكانة قضيتنا الوطنية الأولى، وأحد ثوابت سياستنا الخارجية”. كما أكد جلالته على نصرة القدس، داعيا إلى التجند بمشاريع ملموسة على الأرض في التعليم والصحة والإسكان والتضامن الاجتماعي من أجل دعم صمود المقدسيين ودفاعا عن القدس، ودفاعا عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وهو توجه ثابت بالمملكة المغربية يرعاه ويقوده جلالة الملك محمد السادس نصره الله رئيس لجنة القدس، وتنخرط فيه كافة القوى الوطنية في المملكة.
أتمنى لأشغال هذه الدورة كل التوفيق والنجاح، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.