كتب “التوارخي المعطي” رسالة مفتوحة حول ما أسماه “فيديو الدوحة”، يعلن فيها تضامنه “البهلواني” مع شخصيات مغربية تظهر في هذا التسجيل، واستنكاره لنشره معتبرا إياه انتهاكا للحياة الشخصية لأبطاله عندما تم تصويره بداخل حانة. وجاء هذا بأسلوب لا يكاد يخفي نبرة التشفي والمكر المبطن.
بعد ذلك انتقل المعطي منجب ليسرد، على إيقاع “دموع التماسيح” أنه كان ضحية انتهاك واستهداف حياته الشخصية على مدى ثلاث سنوات، من طرف جهات، سخرت منابر إعلامية لتنفيذ ذاك الهجوم. ولأن “سي المعطي” “غيور” على الحقوق وحرية التعبير أكثر من اللازم، بادر قبل الحديث عن نفسه، إلى تعداد أسماء “فاعلين سياسيين وحقوقيين وإعلاميين”، كانوا بنظره ضحايا استهداف حياتهم الخاصة، ويتعلق الأمر بـ” نادية ياسين، وفؤاد عبد المومني، وكريم التازي، وعلي أنوزلا، وخديجة الرياضي، وهشام منصوري، والكثير من أعضاء جماعة “العدل والإحسان”، وغيرهم كثير …”.
ما يهمني شخصيا في رسالة “التوارخي المعطي” أنه ذكر اسم “أكور بريس”، الذي أديره. بل إن “صاحبي المعطي” أصر في رسالته على أن يكون موقع “أكورا” أول ما نطق به، حيث جاء في ما كتب:”… والأخطر أن مُعظم “المنابر الإعلامية”، التي تنشر مثل تلك الأكاذيب عن حياتي الخاصة والعامة، يتم تمويلها وأحيانا إدارتها من طرف أجهزتكم. أُعطيكم أمثلًة حتى تفهموا جيداً عما أتحدث عنه. بتاريخ 31 مارس 2015 كتب موقع “أكورا بريس”، المقرب من جهات تعلمونها، أن لدى المعطي منجب عشيقة يضرب لها المواعد في الرباط والدار البيضاء”.
أُخبر “سي المعطي”، مسبقا أن موقع “أكورا بريس” ليس في حاجة إلى شهادته أو شهادة أسماء الذين ذكر، أو شهادة “سماسرة” حقوق الإنسان وحرية التعبير بالمغرب وخارج المغرب، أو شهادة حتى “نعوم تشومسكي”، ليُثبت الموقع مهنيته ونزاهته ومدى احترامه لمبادئ العمل الصحافي المهني. لا “أكورا” ولا مديرها ولا صحافيوها ولا كل العاملين محتاجون لشهادته في حقهم.
ألا يريد “سي المعطي” أن يفهم أن خطوات وحتى همسات أي “شخصية عمومية” محسوبة عليها، وأن شعار احترام الحياة الشخصية “ما بقاش واكل”، في زمن تطور طرق ووسائل كشف كل مستور؟
ألا يعلم أن “فعايل” الشخصية العمومية، حتى لو كانت حميمية، تُحسب عليها لا لها.
بخصوص حكاية “سي المعطي”، التي انتقاها ونسبها لموقع “أكورا بريس”، أقول له: “ألا تعلم أن السر إذا تقاسمه اثنان لم يعد سرا؟ وأنه لا يهم في العمل الصحافي إن كان كاشف السر من شياطين الإنس أو من خصومك الحقوقيين أو السياسيين أو المؤسساتيين…؟ وأن الأهم هو أن يكون الخبر/السر صحيحا لا زائفا كما تريد أن تُفهمنا؟”.
لقد وضعنا المعطي منجب فوق المشرحة ووضعنا فوقها قبله “نادية ياسين وكريم التازي وعلي أنوزلا وخديجة الرياضي، وهشام منصوري، والكثير من أعضاء جماعة “العدل والإحسان”، والأمير الأحمر وكتيبته من الإعلاميين والأنتروبولوجيين، وغيرهم كثير …”. ألا يعرف لماذا؟ لأننا نرى في “أكورا بريس” أن الفساد ينخر أغلب مؤسسات المغرب، وأن أغلب الأحزاب عاجزة، وفي المقابل نعانق ونرحب بكل من يقدم نفسه منقذا لبلادنا في السياسة والأخلاق والإعلام والحقوق وغيرها، لكن لا نتردد في وضعه فوق المشرحة لنتأكد من صدق ادعاءاته. وبحكم جسامة هذه المسؤولية دعونا الله أن يسخر لنا “شياطين الإنس” من الأحزاب والنقابات والجمعيات الحقوقية ومن كل القطاعات الوزارية، والمؤسسات الإدارية، ليمدونا بالأخبار الصحيحة حتى لا نظلم منقذي المغرب المفترضين من الضلال السياسي والأخلاقي والإعلامي والحقوقي…
للأسف أثبتنا وثبت للرأي العام معنا وأثبت التاريخ أن المعطي منجب ومن هم على شاكلته ليسوا البديل السياسي والأخلاقي والاقتصادي والحقوقي والإعلامي الذي تفترض فيه النزاهة، وأنهم ليسوا ولن يكونوا يوما ديمقراطيين بالمعنى الشريف للديمقراطية.
وما هو إلا دليل إضافي على ذلك كون الأستاذ المعطي منجب عجز عن إقناع الضابطة القضائية المكلفة بالبحث في قضيته حول الذمة المالية لمركز ابن رشد للدراسات الذي كان يرأسه.
هذا يجرنا للعودة الآن إلى حقيقة “المعطي التوارخي”: إنه موضوع قضية مرفوعة أمام القضاء تتعلق باختلالات واختلاسات مالية طالت ميزانية مركز ابن رشد للدراسات، حين كان يسيره. ومفروض عليه الامتثال لقرارات المؤسسات الدستورية للبلاد، ومنها القضاء رغما عنه وعن “مروجي عقاقير الدوباج الحقوقي والسياسي بالمغرب والخارج”.
ومعلوم أن المعطي منجب كان أسس هذا المركز على شكل شركة استثمارية وروج لكون هذا المركز مؤسسة أكاديمية للأبحاث والدراسات غير مدرة لأي دخل. سبحان الله متى كانت الشركات الاستثمارية تتخصص في أشياء لا تذر دخلا؟
لن يستطيع المعطي منجب إنكار أنه متخصص في تفريخ الجمعيات والمراكز لضمان تمويلها من الخارج وخلق مناصب وهمية لإضفاء الشرعية على “لهف” المال الخارجي بتسميات شتى. وقد سبق لوسائل الإعلام، بعد افتضاح حقيقة مركزه/الشركة، أن فصّلت في أن الوثائق الخاصة بمركز ابن رشد، والتي وقف عليها محققو الضابطة القضائية، كشفت ما لم يستطع المعطي منجب الإجابة عنه بشكل مقنع.
لم يتطرق الأستاذ رئيس المركز المعلوم إلى أجرته في النضال، وكم راكم من الأموال باسم قضايا نبيلة.
لماذا لم يلجأ المعطي منجب إلى القضاء بخصوص “قرار منعه من السفر” على خلفية هذه القضية، وكذلك بخصوص “استهداف حياته الخاصة”؟ أم أن منتجي “عقاقير الدوباج الحقوقي” منعوه من ذلك حتى يسهل الترويج لـ”مخلوقهم ومنتوجهم الجديد”؟
إن سي المعطي وأمثاله من المدعين أنهم ديمقراطيون وحقوقيون وسياسيون وإعلاميون و”أخلاقيون”، يرفعون مجتمعين هذا الشعار الطويل العريض: “أعطيني لفلوس والمقرات وما تحاسبنيش على القانون وعلا كذوبي وخليني ندير اللي بغيت، أنا مع الإنفصال وضد الملكية وحوايج أخرى، وإذا طبقت القانون وبديتي معايا لحساب نشكي بيك للخاريج”.
هذا هو منطقكم، منطق الدولة داخل الدولة، دولة الحقوقيين الذين هم فوق القانون، فإلى متى يستمر البعض في لعب دور “المغفلين”، إذا كان هناك قانون فليطبق على الجميع وليخضع له الجميع وأولهم لوبيات النضال الحقوقي الذين يتصورون أنهم لا يخضعون للقانون ويعتبرون أنفسهم حماية أجنبية ودولة داخل دولة.