مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي
غير أن فصل الصيف الذي يرتبط بالسفر والاستجمام، يعتبر بالنسبة لفئة أخرى من الشباب مناسبة سانحة لمزاولة عمل موسمي يمكنهم من جني بعض النقود لتأمين دخولهم المدرسي.
وتختلف المهن الموسمية التي يزاولها هؤلاء الشباب خلال فصل الصيف باختلاف العوامل الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والطبيعية المميزة لكل منطقة. كما تتداخل متغيرات كثيرة في تحديد نوع النشاط الممارس كالفئة العمرية وكذا رأس المال الذي يتم استثماره.
وتمكن جولة بسيطة بمدينة الجديدة من الوقوف على العديد من الأمثلة. فعند مدخل المدينة، يترقب فتية وشباب يشتغلون كوسطاء للكراء كل وارد على المدينة ويقترحون عليهم منازل للكراء، وهو نشاط يمتهنه غالبيتهم في فصل الصيف فقط ،حيث يكثر المصطافون القادمون نحو هذه المدينة.
الفخر بالعمل
يقول مصطفى (26 سنة) وهو طالب جامعي في شعبة العلوم البيولوجية، ينحدر من منطقة سيدي بنور المجاورة، أن هذا العمل الموسمي يمكنه من كسب مبلغ مالي يؤمن له اقتناء بعض حاجياته خلال الموسم الدراسي المقبل، كما أنه فرصة للبقاء قريبا من شاطئ المدينة والاستمتاع بأجواء الصيف.
يضيف مصطفى أنه أصبح يتوفر، بحكم الخبرة التي اكتسبها في هذا المجال، سنة بعد أخرى، على العديد من أرقام ملاك المنازل الذين يكافئونه بمبلغ مهم عن كل زبون يقنعه باكتراء منزل، وترتفع قيمة المكافأة كلما زادت مدة الكراء.
وبمجرد الوصول إلى شاطئ سيدي بوزيد، يثير الانتباه العدد الكبير من الشباب الذين يقترحون على زوار البحر كراء الشمسيات والكراسي، وكذا باعة التين الشوكي والمشروبات الغازية والمثلجات وغيرها من المواد الاستهلاكية التي يكثر عليها الإقبال في موسم الاصطياف، مستفيدين من إضافة بعض الدراهم إلى ثمنها الأصلي بمناسبة ارتفاع النشاط السياحي خلال الصيف.
ويبدو القاسم المشترك بين كل هؤلاء الشباب هو فخرهم بعملهم، حيث تلمس من طريقة كلامهم نوعا من العزيمة والإصرار والشعور بالرضى والاعتماد على النفس من أجل توفير مبلغ يكفيهم لسد حاجياتهم التي تختلف من شخص لآخر، سواء تعلق الأمر بواجبات الكراء بالنسبة للطلبة الذين يتابعون دراستهم في مدن أخرى أو اقتناء الكتب ومستلزمات الدراسة.
عمق التضامن والتحمل المشترك للأعباء
ولا تقتصر هذه الأنشطة على الذكور وحدهم، بل تمتد لتشمل العنصر النسوي حيث تتفنن “النقاشات” في تزيين أيادي الوافدين على الشاطئ.
وفي هذا الصدد، اعتبر محمد المعزوز، وهو باحث في الأنثربولوجيا، أن علاقة المهن المدرسية بتمويل الدخول المدرسي تكتسي بعدا اجتماعيا إيجابيا، يرسخ عمق التضامن والتحمل المشترك للأعباء داخل الأسرة الواحدة.
وأضاف الباحث، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الظاهرة تعبر عن عمق ثقافي مغربي يدخل في إطار التكافل عن طريق التشارك في تحمل المسؤولية، مبرزا أن هذه المزية لها بعد أساسي في تقوية التنشئة الاجتماعية لهذه الشريحة التي رسخت روح المسؤولية لدى الأطفال واليافعين.
وأشار إلى أنها تعكس أيضا نوعا من الاحتفال بالذات في سياق ما يعرف بسوسيولوجيا ربط الطموح المدرسي للطفل بالطموح البراغماتي اللحظي، عن طريق الاكتساب من مهنة التجارة العابرة التي تمارسها هذه الشريحة من الممدرسين.
ضمان دخول مدرسي يسير
وخلص إلى أن هذه الفئة تستفيد من هذا العمل الموسمي على أكثر من واجهة، من خلال اكتساب تجربة واقعية من المجتمع، وروح الاعتماد على النفس والثقة في الذات في علاقتها بطموحها وبعلاقتها بالمجتمع وبالمستقبل.
من جانبه، قال عمر الكتاني أستاذ التعليم العالي في الاقتصاد، في تصريح مماثل، إن المهن الموسمية تعتبر بالنسبة لهذه الفئة المجتمعية النشيطة مفرا من العديد من المخاطر التي تحيط بالشباب والتي من شأنها أن تؤثر على مسارهم في الحياة واندماجهم في المجتمع.
وأضاف أن المهن الموسمية تمكن هذه الشريحة من المجتمع من ضمان دخول مدرسي يسير بالنظر إلى كلفته بالنسبة للأسر ولكونه يشكل عبئا نفسيا وماليا ، مشددا على ضرورة القيام بدراسات سوسيولوجية في هذا الشأن.