فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
خبراء البرنامج أكدوا ذلك بالاستناد إلى حجم ونوع الحفر الواضحة في الصور. لكن هل هذا هو كل شيء؟هل الأمر يتعلق بـ “قصف جوي” أم بـ”هجوم”؟، لم يكد حجم الكارثة التي تعرضت لها قافلة مساعدات إنسانية في حلب تتضح في 19 من أيلول 2016، حتى بدأ الجدل بين القوتين العظميين الولايات المتحدة وروسيا حول الجهة التي تتحمل مسؤولية الاعتداء. وفي الوقت ذاته حدث ارتباك بشأن توصيف الاعتداء، فقد سارعت الأمم المتحدة لاعتبار الحادث بـ “قصفا جويا” ما دفع الروس للاحتجاج، معتبرين ذلك التوصيف اتهاما مسبقا للجيش الروسي. الاحتجاج الروسي أجبر الأمم المتحدة على الاكتفاء باستعمال كلمة “هجوم” بدلا من “قصف جوي”.
عودة الأمم المتحدة لفرضية القصف الجوي وقال لارس بروملي المستشار ببرنامج التطبيقات التشغيلية الفضائية التابع لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث “يونوسات” في تصريحات صحفية بجنيف “من خلال تحليلنا وجدنا أن الأمر كان ضربة جوية وأعتقد أن عدة مصادر أخرى قالت ذلك أيضا”. وبالفعل فإن تحليل صور الأقمار الصناعية بالغة الدقة تقنية تُستعمل منذ سنين لأغراض البحث والتحقيق. كما أن هناك تكنولوجية جديدة تشكل قفزة نوعية تعتمد التوثيق موازاة مع برنامج “غوغل إرث” والذي تمكن صوره بالغة الدقة من إعداد خرائط ثلاثية الأبعاد لأي منطقة في العالم. تحقيقات أوكرانيا وعلم الرأي العام بهذه التكنولوجيا لأول أمرة في صيف 2014، إبان الجدل بشأن نقطة انطلاق هجمات الصواريخ في إطار النزاع الأوكراني الروسي. وآنذاك كشف الصحافي البريطاني إليوت هيغينس نتائج تحقيقاته بهذا الشأن على موقعه “بلينغات” في الإنترنت.
وأظهرت صور “غوغل إرث” مكان انفجار الصواريخ، وانطلاقا من حجم واتجاه أماكن الانفجار تمكن هيغينس وفريقه من تحديد مسار الصواريخ وبالتالي المواقع المفترضة لانطلاقها. وكانت كلها في الأراضي الروسية. تضارب بين التصريحات والأقمار الصناعية وتم استعمال نفس التقنية لكشف النقاب عن خلفيات الهجوم على القافلة الإنسانية في حلب، حيث تمت دراسة صور الأماكن التي وقع فيها الانفجار لتحديد مصدر واتجاه وطبيعة الهجوم. وتتضمن صور الأقمار الصناعية حفرة كبيرة. وقال بروملي بهذ الصدد “في حالة الضربات الجوية ما نفحصه عادة هو حجم الحفرة الظاهرة ونوعها”. وتابع أن من شبه المؤكد أن وجود حفرة ضخمة في الأرض يكون بسبب “إسقاط ذخائر من الجو” على عكس المدفعية أو المورتر. بيد أن إينار بيورجو مدير برنامج التطبيقات التشغيلية الفضائية أوضح بعدها بساعات أن الأمر ليس مؤكدا بنسبة مائة بالمائة. وقال “هناك أضرار بالغة ونعتقد أنها ربما تكون ضربة جوية لكن الأمر لم يحسم”.
وتابع قوله “ملاحظتنا بشأن الصور تظهر مؤشرات على احتمال كونها ضربة جوية. لكنها منطقة متضررة بشدة ولا يمكن أن نستنج بشكل قاطع أنها كانت ضربة جوية”. مؤشرات على تورط روسيا يبدو أن الجيش الروسي كان يعرف تماما مكان تواجد قافلة المساعدات الإنسانية، غير أن موسكو استبعدت بشكل قاطع أي تورط لجيشها في الاعتداءات، بل وأكدت أن طائرة بدون طيار أمريكية هي التي نفذت الهجوم، رغم أنها استبعدت أصلا في البداية فرضية قصف جوي. وبهذا الشأن ذكرت صحيفة “نوير تسوريشر تسايتونغ” السويسرية هذا الاحتمال وكتبت “هذا لا يتوافق مع صور الفيديوهات، التي توثق لقصف جوي عنيف” من المستبعد أن تقوم به طائرة بدون طيار.
إلى ذلك، فإن الطيران الحربي الروسي وحده الذي يستعمل المجال الجوي الذي وقع فيه الهجوم، والذي استهدف عمق البنية التحتية، وهو ما يتوافق تماما مع الإستراتجية الروسية “الحسابات الروسية تقوم على جعل مناطق مقاتلي المعارضة جحيما لا يطاق”، تقول الصحيفة. كما أن صور الأقمار الصناعية تتطابق مع شهادات الفدرالية الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. وقد وصفت المنظمات الإنسانية الدولية منذ الوهلة الأولى الاعتداء بالقصف الجوي. ورغم أن الأدلة ليست دامغة، إلا أن المؤشرات كلها تسير في هذا الاتجاه.