بالأرقام: الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني برسم سنة 2024
تميز التحالف التاريخي القائم بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية في سنة 2017 والسنة الجارية، بتبادلات مثمرة على جميع المستويات، مثلت تجسيدا للرغبة المعلنة لقيادتي البلدين “لتعزيز الروابط الاستراتيجية القوية والعميقة والمتعددة الأبعاد التي تجمع القطرين” الذين كانا دائما على نفس الجانب من التاريخ ، ووحدا جهودهما من أجل صون القيم العليا للحرية والتسامح والازدهار.
وشكل التكريم المزدوج للدور القيادي لجلالة الملك محمد السادس ولمكانة جلالته على المستوى الدولي سنة 2017 بكل من واشنطن ونيويورك، لحظة بارزة في مسار هذه الشراكة، حيث تم منح جلالة الملك جائزتين مرموقتين هما “جائزة الاعتراف الخاص للريادة في النهوض بقيم التسامح والتقارب بين الثقافات” و ”جائزة الشخصية المتبصرة في مجال النجاعة الطاقية”. وهو تتويج يعكس عرفان المجتمع الدولي وتقديره للرؤية الملكية في التعاطي مع القضايا الكبرى الراهنة.
ووفاء للمبادئ المؤسسة لهذه الشراكة الاستثنائية ، أكد جلالة الملك محمد السادس والرئيس دونالد ترامب، غداة انتخاب هذا الأخير، رغبتهما المشتركة “في العمل من أجل تعزيز الروابط الاستراتيجية القوية والعميقة والمتعددة الأبعاد التي توحد بين البلدين “، وهي الرغبة التي تم التأكيد عليها مرة أخرى عندما استقبل الرئيس الامريكي في أبريل 2017 بالبيت الأبيض ، سفيرة جلالة الملك في واشنطن ، للا جمالة العلوي.
وفي واقع الأمر ، شكل هذا الاستقبال فرصة لإبراز تميز علاقات الصداقة العريقة التي تجمع بين الشعبين.
وبعد أن أعربت للرئيس الأمريكي عن “التقدير الكبير واحترام صاحب الجلالة الملك محمد السادس”، ذكرت للا جمالة بأن المغرب والولايات المتحدة يجمعهما “حلف تاريخي راسخ، يعود إلى 20 دجنبر 1777، حينما أصبح المغرب أول أمة تعترف رسميا باستقلال وسيادة 13 ولاية أمريكية ناضلت من أجل الحرية”.
ويسجل التاريخ أنه بعد تسع سنوات، وبالتحديد في 15 يوليوز 1786، استقبل المبعوث الأمريكي توماس باركلي من قبل مخاطبه المغربي الطاهر بن عبد الحق فنيش الذي قدم له البروتوكول النهائي لمعاهدة السلام والصداقة بين البلدين”.
وتم التوقيع بعد ذلك على ترجمة مصادق عليها لمواد تلك الوثيقة من قبل جون آدامز وتوماس جيفرسون بصفتيهما وزيرين مفوضين، والذين أصبحا بعد ذلك على التوالي الرئيس الثاني والثالث للجمهورية الأمريكية الفتية.
وقد أكد نائب وزير الخارجية الأمريكي جون سوليفان ،مؤخرا بالرباط ،عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة أن المملكة ” تظل أقرب وأقدم حليف لنا في العالم ، كما تدل على ذلك معاهدة السلام والصداقة ، أقدم معاهدة أبرمت في تاريخ الولايات المتحدة. وتحدونا الإرادة لتطوير هذه العلاقات القوية على مدى ال242 سنة القادمة”.
وأضاف السيد سوليفان أن المملكة، باعتبارها حليفا رئيسيا للولايات المتحدة خارج حلف (الناتو)، تساهم في معالجة مختلف القضايا والإشكالات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرا إلى أن “الولايات المتحدة منخرطة في مشاورات وثيقة مع المغرب حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الأمن الإقليمي والتنويع الطاقي والتنمية المستدامة وتعزيز فرص التبادل في مجال التعليم والثقافة”.
إن الشراكة المتنامية بين الولايات المتحدة والمغرب تحمل في طياتها إمكانيات أكبر، مدعومة بالتزام عميق على أعلى مستوى في الرباط و واشنطن، من أجل مستقبل النماء المشترك والرؤية الموحدة إزاء التحديات المختلفة إقليميا ودوليا.
وقد تم التعبيرعن توافق الآراء بين البلدين بعد أيام قليلة من تنصيب الرئيس دونالد ترامب، من خلال إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي، وهو نهج يشكل، في شقه الجيو سياسي الإفريقي، “إشارة إيجابية للغاية بالنسبة للأهداف الاستراتيجية طويلة الأمد لاستراتيجية جلالة الملك محمد السادس في أفريقيا”.
ويعتبر المراقبون في واشنطن أن الهيكلة الجديدة تتماشى ،بلا شك، والأهداف الإستراتيجية المغربية طويلة المدى في إفريقيا، لا سيما مع عودة المملكة المظفرة إلى الاتحاد الإفريقي، أسرتها المؤسسية.
وانطلاقا من كونها بلدا جعل من تعزيز السلم والامن وإعلاء قيم الاعتدال وحماية الحريات الدينية هدفا رئيسيا لسياستها الخارجية العريقة ، ستواصل المملكة المغربية دعم الجهود المبذولة لمكافحة اﻹرﻫﺎب، وقطع الطريق على اﻟﺘﻄﺮف اﻟﻌﻨﻴﻒ وﺗﻌﺰﻳﺰ فضائل التسامح.
ووفقا لرؤية جلالة الملك من أجل شراكة مغربية-أمريكية تتعزز باطراد، تحلى المغرب دائما بإرادة قوية للعمل مع الإدارة والكونغرس وباقي المؤسسات الأمريكية الأخرى للارتقاء بالعلاقات المغربية الأمريكية الضاربة في القدم إلى مستويات أعلى، وذلك في إطار دينامية إيجابية من شأنها إعطاء دفعة جديدة للشراكة الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والأمنية التي تجمع الرباط و واشنطن.
ومن منظور أمريكي ، كما عبرت عن ذلك مرارا مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة وأوساط الفكر ووسائل الإعلام ، فإن “المغرب يعد ملاذا للاستقرار الإقليمي.والولايات المتحدة تتقاسم معه نفس الرؤية والمصالح المشتركة التي يدعمها تاريخ عريق وفلسفة موحدة تنتصر للقيم العليا لحقوق الإنسان والحريات المدنية والمشاركة السياسية الشاملة”.