فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
حسب الوزير الجزائري الأسبق علي بنواري، لم يعبّر أي طبيب عن استعداده لمنح الرئيس الجزائري بوتفليقة شهادة طبية تثبت أنّه بصحة تمكّنه من الترشح لولاية خامسة. وفي حوار خص به “تريبين دو جونيف”، أكّد وزير المالية السابق، علي بنواري، الذي يقيم حاليا بسويسرا، أن مسلسل ترشح بوتفليقة لولاية خامسة لن ينتهي بشكل عادي، مشيرا إلى أنه تم الكشف عن تلقي الرئيس الجزائري للعلاج بالديار السويسرية.
* ما الذي يجعلك تؤكّد على أن بوتفليقة لن يكون مرشحا للرئاسة مرة أخرى؟ لأنه لا يوجد في الجزائر، وبكل بساطة، أي طبيب يمكنه أن يسلم شهادة طبية تثبت أن بوتفليقة بصحة جيدة، فكلّنا نعلم أن الوضع الصحي للرئيس الجزائري قد تدهور بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، وهذا أمر صار يعرفه الصغير قبل الكبير، ولم يعد سرا من أسرار الدولة، حيث أنّه يتلقى الآن العلاجات بسويسرا مرفوقا بأخيه سعيد. لقد انتهى عهد بوتفليقة، وخرج الشعب الجزائري إلى الشوارع معبّرا رفضه التام له. شخصيا، أرى أن أيام الرئيس الجزائري أصبحت معدودة، وأن المحيطين به صاروا يبحثون عن منفذ إغاثة للخروج من هذه الأزمة.
*ولماذا أعلن عن ترشحه وهو يعلم أنه ليس بحالة صحية جيدة؟ لا يعتبر ترشح بوتفليقة خيارا بقدر ما هو مناورة لكسب الوقت. نحن نعلم أن المحيطين به قاموا، خلال الصيف الماضي، بكل ما يمكنه من أجل الحصول على تمديد لفترة حكمه وأنشؤوا لجنة خاصة بذلك وفتحوا نقاشا وطنيا، لكن دون جدوى. والآن، فإنهم يسارعون الزمن للعثور على بديل لبوتفليقة قبل تاريخ 3 مارس، وهو ما يجعل هذا الفريق في عجلة من أمره.
* لماذا؟ لقد نهبوا 1000 مليار دولار خلال 20 سنة، وهم الآن متخوفون من إمكانية متابعتهم ومحاكمتهم بعد وفاة بوتفليقة. ولذا، فهم يبحثون عن مرشح يبدو أنه غير مقرّب منهم ولا يتعاطف معهم، لكنه في حقيقة الأمر سيكون نفس الشخص الذي سيضعون ثقتهم في شخصه قصد حماية مصالحهم. نحن الآن نعيش مرحلة خاصة نوعا ما، فالنظام قد فقد قوتّه، وصار يترنّح مثل حيوان أثخنته الإصابات، وهو ما سيجعله يقاوم حتى آخر رمق بحثا عن خروج مشرّف.
* هل يتم تداول بعض الأسماء حاليا؟ أجل، هناك عبد الرزاق المقري، رئيس “حركة مجتمع السلم” المقرّبة من الإخوان المسلمين، وهو الذي كان حليف بوتفليقة خلال سنوات التسعينيات قبل الالتحاق بالمعارضة، غير أن تورّطه في تزوير الانتخابات والممارسات تشكك في استقلاليته وتجعل من الشعب الجزائري يتعامل معه بحذر. هناك اسم آخر: رمطان لعمامرة، وزير سابق للشؤون الخارجية، والذي يقدّمونه على أساس منافس لبوتفليقة، لكنني لا أستبعد أيضا كونه أجرى بعض المحادثات مع معسكر بوتفليقة في مدينة جنيف.
* ومن هم المرشّحون الذين لا تلاحقهم الشبهات؟ أول اسم يتبادر إلى ذهني، بطبيعة الحال، هو علي بن فليس، الذي ينتظر موافقة اللجنة المركزية لحزبه “طلائع الحريات” على قرار ترشحه، وهو ما قد يحدث فعلا خلال هذه الأيام، مع الإشارة إلى أنني اشتغلت بجانبه ووضعت معه برنامجه الانتخابي، كما أنّني سألتحق به هذا الأسبوع. إلى جانب هذا الاسم، هناك الجنرال السابق علي غديري، الذي يتوفر على مساندة جزء من المؤسسة العسكرية، والذي يظهر في الواجهة ضد رغبة قايد صالح، رئيس أركان الجيش الجزائري. وفي رأيي، هذان هما المرشحان الوحيدان اللذان في قطيعة تامة مع النظام، واللذان يتمتعان بالتجربة المطلوبة، ويمكن أن تتوفر فيهما المصداقية.
* لكن هناك العشرات من المرشحين الآخرين، أليس لهما أي وزن في رأيك؟ هناك أكثر من 200 مرشح “أحمق” سيلعبون دور البهلوان ليقال بأن هناك تعددية حزبية في الجزائر، لكن أكثر من نصفهم لن يقدم تشريحه للمجلس الدستوري.
* في رأيك، هل ستزداد حدة الاحتجاجات ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة؟ أكيد، فقد استيقظت الضمائر، غير أنه لا يجب علينا أن نخاف من هذه الموجة. لقد نضج الشعب الجزائري واستفاد من الماضي، وهو الآن يضع مصيره بين يديه. أبانت هذا الاحتجاجات أن المجتمع الجزائري شرع بجميع مكوّناته في التحرك، حيث بدأ العملاق الجزائري يستيقظ من سباته.
* لعل هذا ما جعلك تحتج يوم السبت الماضي بجنيف إلى جانب مراد دهينة، العضو السابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟ إن الاتحاد يمر بالإسلاميين وصولا للعلمانيين، وهذا أمر جديد، لأننا تعلمنا أن نقبل بعضنا. وعكس ما حدث خلال موجة الربيع العربي، فإنه ليست هناك أية مخاوف من قيام جمهورية إسلامية بالجزائر، كما أننا لن نرى مجددا الديمقراطيين في صف الجيش لمنع الإسلاميين من الوصول إلى الحكم. لا يجب الخوف مما يحدث، لكن لا يجب تجاهله في نفس الوقت، حيث يجب أن تعلم فرنسا، ومعها أوروبا بأكملها، أن نهاية عهد بوتفليقة قد دنت.
* لكن التزامكم ليس حياديا، فأنت بدورك مسؤول سياسي… لقد حاولت الترشح خلال الانتخابات الرئاسية سنة 2014، بل إنني تنازلت عن الجنسية السويسرية لأستوفي الشروط المتطلّبة قانونا. ورغم كل ما قمت به، فقد قرّروا أنّه ليس لدّي الحق في أن أكون مرشّحا للرئاسة، وهذا الأمر خلق لي العديد من المتاعب. صرّحت دائما بأنني على استعداد لمساعدة بلدي، وإذا اقتضى الحال، فإنني سأقدّم يد المساعدة كيفما كان حجم المسؤولية التي ستُلقى على عاتقي.