(و م ع)
نيويورك (الأمم المتحدة) – أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، السيد ناصر بوريطة، اليوم الجمعة بنيويورك، أن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، لا يألو جهدا للمساهمة في جهود التنمية وتحقيق الاستقرار في إفريقيا، وذلك في إطار سياسته التضامنية والمبادرة.
وقال السيد بوريطة، في كلمة خلال اجتماع وزاري لمجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الإفريقي انعقد بمبادرة من المغرب على هامش أشغال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن “المملكة المغربية تؤمن إيمانا راسخا بأن الاستجابة للتحديات الأمنية وضعف التنمية تتطلب عملا متضافرا على أرض الواقع” .
وناقش هذا الاجتماع الهام موضوع “الترابط بين السلم والأمن والتنمية: نحو التزام جماعي بالعمل”، بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي، وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الذي ترأس بلاده المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، بالإضافة إلى عدد من وزراء خارجية الدول الأعضاء في هذه المنظمة القارية.
وأكد السيد بوريطة، في كلمته، أن “انعدام الأمن، بمختلف تجلياته، يعيق أي أفق للإقلاع الاقتصادي، فضلا عن كون أوجه القصور في التنمية الاجتماعية والاقتصادية تغذي انعدام الأمن وعدم الاستقرار.
وذكر أن هناك اليوم أزيد من 90 بؤرة نزاع في إفريقيا، مسجلا أن “الوضع ليس قاتما بشكل كامل”، وسلط الضوء على نماذج لعمليات الانتقال الجارية اليوم في إفريقيا.
وأشار الوزير، في هذا الصدد، إلى اتفاقية السلام المبرمة بين إثيوبيا وإريتريا، الموقعة في غشت 2018، واتفاقية السلام الشامل بين حكومة جمهورية إفريقيا الوسطى والجماعات المسلحة، الموقعة في فبراير 2018 واتفاقية الانتقال السياسي في السودان، الموقعة في غشت 2019 واتفاق السلام في موزمبيق.
وعن الوضع في ليبيا، قال السيد بوريطة إن اتفاق الصخيرات “كان ولا يزال اتفاقا جيدا”، معربا عن الأسف لكون تكاثر المبادرات يؤدي إلى نوع من التنافر بينها.
وقال “ثمة بالتأكيد طريق ثالث يمر بالضرورة عبر “إعادة تعبئة صريحة وفعالة ومتناسقة”، مبرزا أن للاتحاد الإفريقي دور يضطلع به في هذا الشأن.
وبخصوص إصلاح الاتحاد الإفريقي، الذي وصفه بـ”الورش الكبير”، أشار السيد بوريطة إلى أن “إقلاع إفريقيا يمر أساسا عبر إصلاح مؤسساتها القارية، وعبر مسلسل الاندماج الإقليمي ورفع تحدي التنمية البشرية”.
ومن هذا المنطلق، يضيف الوزير، فإن اقتراح تكليف رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي بإعداد وثيقة إطارية لمقاربة متعددة الأبعاد تعكس الترابط القائم بين السلام والأمن والتنمية، يعد “اقتراحا وجيها على أكثر من صعيد”.
وأوضح الوزير أن المغرب، في مايتعلق بمجلس السلم والأمن تحديدا، يدعو إلى استحضار الترابط القائم بين أبعاد السلام والتنمية، بشكل ممنهج، في العلاقات بين مجلس السلم والأمن ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ومن جهته، أكد موسى فقي، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، في كلمته، على أهمية ووجاهة الموضوع الذي اختاره المغرب لهذه الدورة، بالنطر إلى أن “قضايا السلام والأمن في إفريقيا لا تنفصل عن التنمية والحكامة”، مبرزا أن إقرار العلاقة المنطقية بين احتياجات التنمية ومتطلبات السلام والأمن تفضي بثنائية السلام والتنمية إلى علاقة طبيعية ومنطقية ومتعددة”.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي “لقد عانينا طويلا في إفريقيا من انفصامات خطيرة بين التنمية الاقتصادية الحقيقية والسعي لإقرار الديمقراطية”، موضحا أن التوجه الإفريقي في هذا المجال، والذي تمثل أجندة 2063 مرجعيته، يفتح مسلكين للعمل وللاستراتيجيات الكفيلة بدعم المقاربة الإفريقي لمواجهة هذه التحديات.
وأوضح فقي أن المسلك الأول يهدف إلى تعزيز وتطوير بنية السلام والأمن، من خلال تقوية الخيارات العسكرية ضد أشكال العنف الجديدة، مثل الإرهاب والتهريب بجميع أنواعه، في حين يعتمد المسلك الثاني على فكرة أساسية مفادها أن الردود العسكرية، حتى وأن كانت ضرورية، فهي ليست كافية على الإطلاق.
وخلال هذه الجلسة، أشاد مختلف وزراء الخارجية ورؤساء الوفود الحاضرين بمبادرة تسليط الضوء على العلاقة الحتمية بين السلام والأمن والتنمية، داعين إلى خلق جبهة إفريقية موحدة ومتضامنة لمواجهة التحديات الراهنة.
وتوجت هذه الجلسة باعتماد بيان ختامي يبرز أهمية رفع تحديات السلام والأمن والتنمية، وكذا بيان لمجلس السلم والأمن بشأن الأزمة في ليبيا.