Agora.ma
كشف تقرير أخير صادر عن معهد التفكير الاستراتيجي الفرنسي مونطاني L INSTITUT MONTAIGNE يشيد بأهمية الموقع الاستراتيجي الذي بات يوجد عليه المغرب، في صميم المصالح الإقليمية والدولية. وأرجع التقرير أسباب ذلك إلى دور المملكة كمنصة تجارية ومالية هامة، وبلد يتميز باقتصاد منفتح على التجارة، ومرتبط بأهم التدفقات الاقتصادية والمالية الرئيسية، لأن المغرب بلد يسمح بالتبادل مع كل من أوروبا وافريقيا.
وفي جانب آخر، أوضح التقرير الفرنسي، أن استقرار المغرب السياسي، مكنه من إعادة تمويل ديونه في الأسواق واحتواء نسبة التضخم، مما قد يسمح بإصلاحات اجتماعية أكبر.
وفي الوقت الذي ذكر التقرير أن أوجه التفاوت الاجتماعي قائمة وتتفاقم بسبب الأزمة الاقتصادية والصحية لوباء كورونا، فإنه أشاد بالمقابل بالفكرة الملكية بإحداث لجنة النموذج التنموي الجديد، مشددا أن هذه التفاوتات هي التي عجلت بمبادرة الملك في تعيين لجنة النموذج التنموي الجديد برئاسة شكيب بنموسى، التي عرضت تقريرها أخيرا.
وفي الجانب الاقتصادي، كشف التقرير أن التدفق السنوي للاستثمار الأجنبي المباشر بلغ في المغرب 46.1 مليار درهم في عام 2018 (5.17 مليار دولار) و33.9 مليار درهم مغربي في عام 2019 (3.8 مليار دولار). ومنذ عام 2012، تجاوزت التدفقات السنوية للاستثمار الأجنبي المباشر إلى المغرب 3 مليارات دولار كما بلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر 66 مليار دولار في عام 2019، أي أكثر بنسبة 30٪ عن عام 2010. ولا تزال بلدان جنوب أوروبا هي المصدر الرئيسي للاستثمار الأجنبي المباشر نحو المغرب، ولا سيما فرنسا (35٪ من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2019).
وقال التقرير الفرنسي، إن المغرب بات يحتل مرتبة متقدمة على تونس بعشرين نقطة سواء في ترتيب مناخ الأعمال أو المؤشر التنافسي العالمي وفي معظم المعايير المؤسسية.
ويمكن رؤية هذه الميزة المغربية يضيف التقرير، في تحليل التدفقات السياحية، حيث سجل المغرب نموا أكبر بكثير من تونس أو حتى مصر – حيث تقلص عدد الوافدين خلال احتجاجات عام 2011 والهجمات الإرهابية في 2015 و2016. وبالتالي، لا يزال النمو المغربي واحدا من أكثر المستويات استقرارا في المنطقة، بمعدل سنوي يقارب 3٪ على مدى 20 عاما، مع ارتباط موسمي كبير بثقل قطاعات الزراعة والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي.
ومع ذلك، تباطأت وتيرة النمو الفردي خلال العقد 2010، مع ما يزيد قليلا عن 2٪ من النمو السنوي مقارنة مع ما يقرب من 3.5٪ في سنوات 2000 و هذا التقلص أقل بكثير من الذي شهدته الجزائر (حوالي 0.5٪ مقابل 2٪) وتونس (0.5٪ مقابل 3٪ تقريبا). ومع ذلك، لا يزال دخل الفرد أقل بكثير من دخل تونس والجزائر – استنادا إلى مقياس التكافؤ في القوة الشرائية.
كما استطاع المغرب، حسب التقرير الفرنسي، جذب الرأسمال الأجنبي وبناء نظام مالي أكثر صلابة من جيرانه، مما مكنه من تمويل الاستثمار العام وتغطية العجز في الحساب الجاري – فمشاريع “ميناء طنجة المتوسط ” والاستثمارات الكبيرة لشركات السيارات والطيران الأوروبية (رينو، إيرباص) هي الدليل على هذه الجاذبية. وهكذا، أصبحت السيارة السياحية أول منتج تصديري للمغرب. كما يتمتع البنك المركزي (بنك المغرب، BAM) بقدرة جيدة على التحكم في نسبة التضخم، حيث لم يتجاوز مؤشر أسعار الاستهلاك 2٪ في 2010، مما يجعل من الممكن استقرار سعر الصرف أكثر بكثير مما هو عليه في تونسوحيازة ثقة المستثمرين الأجانب. إن سرعة تداول العملات انخفضت بشكل حاد في أوائل عقد 2000 من 1.23 إلى 0.88 بين عامي 2001 و 2010، قبل أن تستقر في رقم 0,84 منذ بضعة سنوات.
المغرب لديه إمكانية الوصول إلى أسواق رأس المال، مع تصنيف سيادي “BBB -” (“درجة الاستثمار”) التي تمنحها وكالة ستاندرد آند بورز.
وقال التقرير، إن البنوك المغربية لديها هوامش أعلى بكثير من نظيراتها في بعض دول المغرب العربي، ويتضح ذلك في توسعها في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وانخفاض نسب ديونها المهددة بعدم التسديد بشكل ملحوظ (حوالي 7٪ من المبالغ المستحقة قبل الأزمة)، والجهود الرامية إلى مواءمة المعايير المحاسبية وأفضل المعايير الدولية.
وتنعكس هذه الصلابة النسبية للقطاع المصرفي المغربي في ثقل ديون القطاع الخاص المحلي في الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى ب 25 نقطة من متوسط البلدان الناشئة في عام 2017 (صندوق النقد الدولي). والنتيجة هي ارتفاع مستوى التوفر على حساب بنكي عند السكان، الذي يغطي غالبية الأسر المغربية. غير أن التوسع في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى يثير اهتماما متزايدا من وكالات التصنيف والمؤسسات المالية الدولية.