قال المحلل السياسي ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، محمد بودن، إن الخطاب الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مساء أمس السبت، إلى الأمة بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لعيد العرش المجيد، يحمل تجديدا للإصرار على ترسيخ الإنجازات والبناء عليها سعيا إلى الاعتماد على الذات في أكثر من مجال، إيمانا بتاريخ المغرب وإمكانات مواطنيه وقوة مؤسساته.
وأضاف السيد بودن، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الخطاب الملكي السامي هو “خطاب مواصلة التحرك نحو مزيد من التقدم والتنمية داخليا وتكريس الوضوح خارجيا”.
وبخصوص جائحة كوفيد-19، أشار الخبير إلى أن جلالة الملك أكد على رسائل ثابتة تتعلق أساسا بتثمين جهود الصفوف الأمامية بما يليق بتفانيهم وخدمتهم الوطنية وعملهم الإنساني، علاوة على إبراز تحديات المرحلة وتأثيرات الوضع على الاقتصاد وسبل العيش والقرارات المتخذة، والمتعلقة أساسا بصندوق كورونا التضامني وخطة إنعاش الاقتصاد وصندوق محمد السادس للاستثمار للتخفيف من تأثيرات الجائحة على قطاعات مختلفة وحماية الشرائح الاجتماعية الأكثر تضررا وتحويل التحديات إلى فرص.
وسجل السيد بودن أنه بفضل رؤية جلالة الملك محمد السادس، المغرب مستمر في تحسين الأداء والعمل وسط متغيرات متسارعة، وهذا واضح فيما يتعلق بتأمين اللقاح وسيرورة الحملة الوطنية للتلقيح واقتحام المغرب لسوق واعدة تتعلق بصناعات اللقاحات والأدوية.
واعتبر أن المملكة ترتقي لمستوى الفرص والتحديات لتجنب أي نقص أو خصاص في هذه المرحلة، وما يليها من شواغل في سياق وضع النموذج التنموي على سكته وما يمثله من تعاقد متجدد يتيح المجال أمام التحسين والتطوير دائما بمشاركة مختلف الفاعلين والقوى الحية لاستيعاب التحولات.
وبخصوص العلاقات المغربية- الجزائرية، أبرز الخبير أنه ثمة تأكيد ملكي على أهمية الحوار وفتح الحدود، لأن المرحلة التي تجتازها العلاقات الثنائية ينبغي معها تصور المستقبل بشجاعة وسعة نظر.
وتابع بالقول: ”قد تكون النكسات جزء من رحلة البلدين في مرحلة معينة، لكن إهمال الحلول أمر غير ذي جدوى طالما أن الوضع الراهن للعلاقات ليس نتيجة للعقدين الماضيين”، مضيفا أن الآن توجد بادرة حسن نية وإرادة من المغرب يلزمها ما يشبهها من الجزائر لإحياء روح التضامن بين توأمين.
واعتبر السيد بودن إحياء روح التضامن بين البلدين خيارا استراتيجيا سيمكنهما معا من مواجهة الجيل الجديد من الأعباء والتحديات، واستثمار الإمكانات البشرية واللامادية والمستقبلية للبلدين وصهرها في مجهود جماعي يمكن أن ينعكس إيجابا على الفضاء المغاربي.
وأضاف “هذا تطلع نحو المستقبل وتفسير للأمور لمن لا يدريها أو يعيها مع تفكيك لبعض المزاعم والأحكام المسبقة والاستنتاجات الخاطئة حول المغرب ومواقفه المبدئية والنظرة التي يتوفر عليها لجواره”.
وختم الخبير بالتأكيد على أن الخطاب الملكي “خاطب العقل في الدولة الجزائرية وتمسك بالأخوة مع الشعب الجزائري، لأن الوضع الحالي للعلاقات المغربية الجزائرية لا ينبغي أن تكون له علاقة لا بالماضي ولا بالمستقبل، ويمكن الانتقال إلى مساحة جديدة قائمة على القواسم المشتركة للتغلب على عدم اليقين والحد الأدنى من التعاون”.