العام الثقافي قطر-المغرب 2024: عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية
تطرح التصريحات المتباينة للمسؤولين في واشنطن وباريس حول الوضع في تونس تساؤلات حول ما إذا كان الجانبان يخوضان صراعا جديدا ساحته تونس، وماهية الخلفيات التي تحرك كل موقف.
وفي محادثة هاتفية، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الاستفتاء الذي تم في تونس في 25 تموز/يوليو الماضي مرحلة مهمة، ما اعتُبر تأييدا لتوجهات الرئيس التونسي قيس سعيد.
لكن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قال في تصريحات على هامش تغيير القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) إن ما يحدث في تونس هو تآكل للديمقراطية وأن حلمها لإقامة ”حكم ذاتي مستقل بات مرة أخرى في خطر نتيجة صراعات بين داعمي الديمقراطية والحرية وسيادة القانون وقوى الاستبداد والفوضى والفساد“، بحسب تعبيره.
وأثار ذلك تأويلات واسعة بشأن تحول تونس إلى ساحة صراع جديدة بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
واعتبر النائب في البرلمان المنحل فؤاد ثامر أن ”تونس بالفعل تحولت إلى ساحة صراع بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وهي محل تجاذب من القوى الدولية لكن هذا نحن كسياسيين وتونسيين لا ننتظر من أمريكا أو فرنسا أن تجلب لنا الديمقراطية“.
وقال ثامر لـ“إرم نيوز“: ”نرى أن هذا المسار لا بد أن ينجح ونحن نناضل من أجل ذلك بكل الوسائل السلمية، ولا ننتظر من باريس أو واشنطن أن يفرضوا الديمقراطية في تونس، لأن الديمقراطيات التي فرضوها رأينا مآلاتها، ونحن كمعارضة لا تعنينا هذه الضغوط“.
وشدد المتحدث أن ”ما يعنينا هو شعبنا ودرجة تقبله للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية ومدى دفاعه عن الديمقراطية وما نعمل عليه هو الارتقاء بوعي شعبنا بأنه لا بد من الديمقراطية“.
ليست في معزل
ومن جانبه، رأى المحلل السياسي محمد ذويب أن هناك تباينا في المواقف الدولية من الوضع السياسي في تونس، وقال لـ“إرم نيوز“، إن ”هناك صراعا دوليا أصبح يلقي بظلاله على العالم وقد ساهمت الأزمة الأوكرانية الروسية في المزيد من تفاقمه“.
وأضاف: ”بطبيعة الحال، تونس ليست في معزل عن هذا الصراع، خاصة أن موقعها مهم جدا باعتبارها بوابة قارة أفريقيا التي أصبحت وجهة القوى العالمية الكبرى، إضافة لتواجدها قبالة سواحل القارة الأوروبية وقربها من ليبيا التي أصبحت تكتسي أهمية كبرى في معادلات الطاقة بعد أزمة الغاز التي فرضها الروس على الاتحاد الأوروبي وأمريكا“.
وأوضح ذويب أن ”موقف القوى الكبرى من تونس اتسم باختلاف وجهات النظر فأمريكا الأب الروحي للإخوان تضغط على رئيس الجمهورية لعدم فتح ملفاتهم وإبقائهم كقوة سياسية تلجأ إليها كلما اقتضت مصالحها ذلك، فيما تخلّت فرنسا نهائيا عن الإخوان“.
وختم ذويب: ”في زخم هذا الصراع يتوجب على القائمين على السلطة في تونس الوقوف على نفس المسافة من الجميع والابتعاد عن لعبة المحاور، والبحث أكثر ما يمكن عن مصالح تونس وشعبها والمحافظة على استقلالية القرار الوطني السيادي لكي لا تتحول تونس إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية مثلما حدث خلال العشرية الفارطة“.
دبلوماسية غير عنيفة
لكن المحللة السياسية حذامي محجوب قالت إنه ”لا يوجد اختلاف كبير بين الموقف الفرنسي والموقف الأمريكي، فالموقف الفرنسي معبر عنه بطريقة دبلوماسية ويتناغم مع الدبلوماسية الفرنسية التي هي غير عنيفة وبحكم موقع فرنسا وعلاقتها بتونس دائما هناك لغة دبلوماسية لكن لا يوجد تأييد من باريس للاستفتاء“.
وأضافت محجوب لـ“إرم نيوز“ أن ”باريس تأمل في أن يتبع الاستفتاء خطوات أخرى ليكون هناك طريق للديمقراطية، بينما يبدو أن الموقف الأمريكي فيه أكثر عنجهية، ونعلم أن الولايات المتحدة عندما يكون أمنها القومي مهددا تكون مستعدة لأي تصعيد“.
وقالت إن ”هذا ما رأيناه في موقف تابع لوزارة الخارجية والدبلوماسيين لينتقل إلى وزارة الدفاع لتصبح أمورا دفاعية، وهو ما يمثل تحذيرا بأن كل توتر في المنطقة يشمل أفريقيا برمتها سواء في علاقة بقربها للجزائر الحليف الاستراتيجي لروسيا وأيضا ليبيا، هو إنذار“.
وأكدت أن ”هناك سيناريوهين الآن، رئيس الجمهورية الذي ينفعل في قراراته قد يرد الفعل بتصريحات أو بتكليف وزير الخارجية بالتحرك لاستدعاء السفير الصيني أو الروسي، وهذا قد ما يكون تدفع إليه الولايات المتحدة أي إلى الخطأ، أو يشعر بالضغط ويكون أكثر تشاركية“.
وختمت قائلة إن ”السيناريو الأخير أستبعده لأن رئيس الجمهورية لا يتراجع، وأعتقد أنه لا يدرك حجم ما معنى أن الولايات المتحدة الأمريكية تضغط، لأن خطاب السيادة محمود لكن هناك إكراهات الواقع وهناك ضغوطات خارجية قوية“.
المصدر – إرم