بلاغ للديوان الملكي حول ترؤس الملك محمد السادس لجلسة عمل خُصصت لموضوع مُراجعة مدونة الأسرة
بقلم: عبد الحفيظ بوبكري
على إثر التفاعل مع المقال المنشور في النسخة الرقمية بجريدة “أكورا بريس” الإلكترونية والذي تعرضنا فيه لموضوع حرمان أستاذ جامعي بجامعة محمد الأول بوجدة من راتبه مع ما ترتب عن ذلك من أضرار لمدة ثلاث سنوات (وهو الوضع الذي لا يزال مستمرا)، وبعد أن كان القضاء منصفا للأستاذ في كل المحطات التي مرت منها الدعوى التي قام برفعها (القضاء الإداري في مرحلتيه ومحكمة النقض)، وهي على ما يبدو حالة شاذة في الجامعة المغربية، ارتأينا الاتصال بمسؤول سابق بإحدى المؤسسات الجامعية طالبين منه أن يوضح، من خلال درايته بالمقتضيات القانونية ومن خلال ممارسته كمسؤول، أوجه الخلل في هذه الوضعية، حتى لا تتكرر مثل هذه المآسي في جامعاتنا. وكانت إجابته عن تساؤلاتنا كالتالي، وقد طلبنا منه الإيجاز:
سؤال : كيف تتم الإحالة على التقاعد بالنسبة للأستاذ الجامعي ؟
الجواب : عندما يبلغ الموظف العمومي بصفة عامة سن التقاعد، كما هي محددة بالنسبة لكل فئة، فهناك ضوابط وهناك مسطرة يحددها القانون تنتهي بصدور قرار عن الوزير المكلف بالقطاع، يتضمن في شقه الأول المراجع القانونية المعتمدة في إصداره، وفي شقه الثاني فصلا أول يقضي بالإحالة على التقاعد والحذف من أطر الوزارة و فصلا ثان يحدد التاريخ الذي يشرع فيه صرف المعاش.
سؤال : وفي حالة عدم اتباع هذه المسطرة في حق أستاذ جامعي وعدم صدور قرار يقضي بإحالته على التقاعد، فهل يمكن التعامل معه على أساس أنه متقاعد وحرمانه من راتبه، وماذا يمثل ذلك من الناحية القانونية؟
الجواب : لا يوجد فراغ في القانون. ففي غياب قرار يقضي بالإحالة على التقاعد فإن معاملة المعني بالأمر على أساس أنه متقاعد لا يكون سليما من الناحية القانونية ويكون في ذلك خرق للقانون وفي الوقت نفسه تجاوز للسلطة، من طرف من يصدر عنه ذلك. فلا رئيس المؤسسة ولا رئيس الجامعة ولا الوزير ولا رئيس الحكومة يمكنهم التعامل مع المعني بالأمر على أساس أنه متقاعد، في غياب القرار المذكور سابقا.
سؤال : نظرا للعجز في الموارد البشرية في الجامعة المغربية كان الاتجاه مؤخرا نحو تمكين الأساتيذ الباحثين من تمديد مدة اشتغالهم بعد بلوغ سن التقاعد لسنتين قابلتين للتجديد مرتين. فكيف يتم ذلك، وهل يمكن رفض طلب الأستاذ الجامعي الراغب في التمديد، وما هو دور كل مسؤول معني بمسطرة التمديد ؟
الجواب : يجب التمييز بين الجانب القانوني والجانب العملي في الموضوع.
فمن الجانب الأول، هناك ثلاثة أطراف أساسية معنية في مسطرة التمديد في القطاع الجامعي؛ المعني بالأمر الراغب في التمديد والوزارة الوصية ورئاسة الحكومة. المعني بالأمر لكونه بعد توجيه طلبه يكون قد أعطى موافقته على التمديد، الوزارة الوصية لكونها هي المكلفة باقتراح مشروع قرار التمديد على رئاسة الحكومة، ثم هذه الأخيرة التي تمتلك صلاحية إصدار قرار التمديد من عدمه، وتمتلك السلطة التقديرية في ذلك.
أما من الناحية العملية فإن ما يبرر التمديد هو الحاجة إلى خدمات طالبه، فيكون رئيس المؤسسة التي يشتغل فيها طالب التمديد هو الأدرى بحاجة المؤسسة لتلك الخدمات، بناء على ما تفيده به الهياكل البيداغوجية من معطيات.
ولهذا نجد أن القرارات الصادرة بالتمديد لا تحيل إلا على الأطراف الثلاث الأولى ولا ذكر فيها لرئيس المؤسسة أو رئيس الجامعة.
سؤال : وما هو إذن دور رئيس الجامعة في هذه المسطرة، وهل يمكنه عدم الموافقة على الطلب ؟
الجواب : كما سبق فإن المؤسسة الجامعية هي الأدرى بحاجياتها وبالتالي فعندما تصدر عنها الموافقة على طلب التمديد فإنه لا يبقى لرئيس الجامعة إلا تزكية ذلك وإرسال الطلب للوزارة الوصية، ما دام أن المراسلات الموجهة للوزارة من المؤسسة تمر تحت إشرافه. أما عدم موافقته على التمديد، رغم صدور الموافقة عن رئيس المؤسسة، فيكون من المسائل التي يجب تبريرها لتتسنى مراقبة ما يصدر عنه، ومعرفة هل أن ذلك يستند على معطيات موضوعية أم غير ذلك من بواعث قد تكون تعسفية أو نابعة عن سوء نية أو رغبة في تصفية حسابات.
سؤال : وإذا حصل أن تقدم أستاذ جامعي بطلب تمديد حظي بموافقة رئيس المؤسسة ودعمته هياكلها البيداغوجية، لكن رئيس الجامعة ذيله بعدم الموافقة وبدون تبرير، فكيف سيكون عليه الحال ؟
الجواب : في جميع الأحوال فإن الرأي بعدم الموافقة لرئيس الجامعة لا يكون ملزما للسلطات التي توجد في أعلى الهرم التسلسلي ولا تكون الوزارة مقيدة برأي رئيس الجامعة، وبالخصوص إذا كان غير معلل.
سؤال : وإذا حصل أن وصل أستاذ جامعي سن التقاعد ولم يتوصل لا بقرار التمديد ولا بقرار الإحالة على التقاعد فما عساه أن يفعل.
الجواب: تبقى حقوق مقدم الطلب مصونة، تلافيا لأي مساءلة قضائية، وإذا تم المس بحقوقه فإنه قد يترتب عن ذلك التوجه أمام القضاء الإداري المعروف عنه صيانته لحقوق الأفراد في مواجهة تجاوزات الإدارة.
سؤال : وهل يكون للأستاذ الجامعي في مثل هذه الحالة من إمكانية غير القضاء؟
الجواب : يجب أن يكون القضاء هو أخر ملاذ. فهناك هياكل داخل المؤسسات الجامعية والجامعات، والتي يمكنها القيام بدور الوساطة. وهناك أيضا الأجهزة النقابية المحلية منها والجهوية والوطنية.
سؤال : أخيرا وبعد كلمات شكر وثناء لشخصكم عن الإجابة عن أسئلتنا، أترك لكم الكلمة الأخيرة.
الجواب : أعتبر بحكم تجربتي أنه من غير الطبيعي أن يدخل أستاذ جامعي في آخر مشواره في مواجهة مع الإدارة، الممثلة ربما في أقرب زملائه. سيكون ذلك مما يؤسف له على مستوى الجامعة، وبالخصوص أن رؤساء المؤسسات هم أولا وقبل كل شيء أساتيذ جامعيين وأن رؤساء الجامعة يتم اختيارهم أيضا من بين الأساتيذ الجامعيين. فمن الأحسن أن ينهوا مشوارهم وهم في ود ووئام وليس في فرقة واصطدام