بقلم: أحمد الشرعي
ثمة رجال يتركون بصمتهم على عصرهم، ليس رغبةً في الشهرة، بل لقوة قناعاتهم وصدق أفعالهم. كان جمال براوي من هؤلاء الرجال، رجل بسيط ومرح يحب الحياة.
معرفته العميقة بالسياسة، وفهمه الدقيق للقضايا العالمية، وسعيه الدؤوب لتحقيق العدالة الاجتماعية، جعلت منه صوتًا نادرًا وثمينًا. كانت كلماته، المليئة بالحكمة والوضوح، ومقالاته وتحليلاته تكشف الحقائق المخفية وتذكرنا، بقوة وإنسانية، بما يجب أن يكون عليه المغرب اليوم وغداً.
أراد جمال أن يكون مرجعًا، حتى عندما كانت توجه له الانتقادات لوفائه بمبادئه، وقد نجح في النهاية في أن يكون كذلك، أن يكون من أبناء عصره ومن أبناء عصرنا أيضًا. كان جمال يحب وطنه المغرب بعمق، لكن حبه لم يقتصر على ذلك فقط.
كان منفتحًا على العالم، مؤمنًا بالقيم العالمية للحرية والعدالة. كان فكره النقدي وشغفه بالمغرب يجعلان منه ليس فقط مراقبًا دقيقًا للواقع السياسي، بل أيضًا مدافعًا قويًا عن حقوق الإنسان.
كان قلمه، الذي وُصف في كثير من الأحيان بالمبهر، قادرًا على كشف أعقد الحقائق بأقصى قدر من الوضوح والإنسانية. كانت كلماته ترن في الآذان، ليس فقط لعمقها الفكري، بل أيضًا لصدقها والتزامها الذي لا يتزعزع.ولكن إلى جانب مواهبه الصحفية، كان جمال في المقام الأول أبًا مخلصًا. كان حبه لأطفاله محور حياته، وكان قريبًا بشكل خاص من ابنته ياسمين، التي كان يحبها بحنان وعاطفة لا حدود لهما. هذا الحب العميق لعائلته كان يلهم رؤيته للعالم والمجتمع: عالم أكثر عدلاً وحرية، حيث يستحق كل فرد، مهما كانت حالته، أن يعيش بكرامة واحترام.
بالنسبة لي شخصيا، لم يكن جمال مجرد صديق، بل كان أخًا ورفيق الدرب و السند. التقينا العام 1996، ومنذ ذلك الحين أصبح هو الشخص الذي ألجأ إليه في لحظات الشك أو النجاح المهني.
كان دائمًا يشاركني تجربته وحكمته، وكان يكرر لي جملة لا تزال محفورة في ذاكرتي: «استمر في طريقك ولا ترد على الهجمات». وغالبًا ما كان محقًا.
جمال، سأفتقدك بشدة.السلام عليك و على روحك يا صديقي.