سنة 2024: التزام قوي ودور فاعل للمغرب داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي
من جديد، يأبى جلالة الملك إلا ان يذكر مغاربة العالم، والفاعلين السياسيين و الرأي العام الوطني بان قضايا هذه الفئة من الشعب المغربي تحظى بدوام عنايته الفائقة ومتابعته الدقيقة.
ونتلقى هذا التذكير، الذي يضع ملف مغاربة العالم ضمن أولويات اهتمامات ملك البلاد، مرفوقا بتنويه ملكي كريم بالأدوار الريادية التي يقوم بها مغاربة العالم في التضامن مع بلدهم الأم في السراء و الضراء، وبحضورهم الوازن في الدفاع عن قضايا ومصالح المغرب، وفي تشبتهم الراسخ بمقدسات الوطن وثوابث الأمة وفي مقدمتها قضية مغربية الصحراء.
وتأتي هذه المبادرة والعناية الملكيتين الكريمتين، كما عودنا جلالته على ذلك، بمناسبة أعياد وطنية تخلد ارتباط الشعب المغربي بتاريخ نضالاته وتضحياته.
لقد جاء الخطاب الملكي الأخير بمناسبة تخليد الذكرى 49 للمسيرة الخضراء، و هي نفس المناسبة التي ألقى فيها عاهل البلاد خطابه التاريخي المؤسس، خطاب 6 نونبر 2005، و بينهما خطاب 20 غشت 2022 بمناسبة عيد ثورة الملك والشعب الذي يخلد لملحمة يعز نظيرها في تاريخ المقاومة والنضال ضد الاستعمار بين شعوب العالم.
ويحق لنا ان نعتبر هذا التزامن في ربط طرح قضايا مغاربة العالم بمناسبة إحياء أعياد وطنية ذات رمزية عالية، بمثابة إرتقاء في سلم العناية الملكية وحرصا شديدا من جلالته على تتبع قضايا مغاربة المهجر وإيجاد الحلول الناجعة لها.
انتكاسات ملف مغاربة المهجر وسؤال المسؤولية
يأتي الخطاب الملكي، لرفع الحگرة على مغاربة العالم، في الوقت الذي تشتد عليهم وطأة الاحتقار والتهميش والإقصاء التي تمارس عليهم من طرف حكومة لا تقيم لهم وزنا، ومن طرف مجلس يراكم الإخفاق منذ تنصيبه إلى غاية اليوم، بعدما تخصص في رفض ومحاربة حق مغاربة العالم في المشاركة السياسية والمواطنة الكاملة.
وبرع مجلس الجالية الفاشل، والحكومة، المشلولة الإرادة، التي لا تعير أدنى اهتمام لقضايا مغاربة الشتات، في إنشاء حلف متين من أجل المناورة والتحايل على التوجيهات الملكية وإفشال كل المبادرات الرامية إلى إنزال مغاربة العالم المنزلة التي تدعو لها الخطب الملكية وتنص عليها مواد صريحة في دستور 2011.
إن مآمرة الإقصاء والتهميش والحگرة، التي يتعرض لها مغاربة العالم، وبالخصوص منذ خطاب 6 نونبر 2005، لم تبق حكرا على تحالف الحكومة ومجلس الجالية بل تفرعت خيوطها لتشمل، باستتناء قلة قليلة من المتدخلين، الأحزاب السياسية، ومجالس الحكامة والإدارة بكل مستوياتها، والهيآت ذات الصلة القريبة او البعيدة بملف مغاربة المهجر، وجل أطياف المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية التي تدافع عن “كل الحقوق” إلا عن حقوق مغاربة العالم.
وللاسف الشديد، يشارك في هذه الحملة ضد مغاربة العالم كثير من الأقلام الجامعية الفاشلة و الصحافة البئيسة ووجوه كثيرة من نخب اليسار التي تنكرت لمبادئها وشعاراتها مقابل امتيازات و إكراميات يتبرع بها مجلس الجالية على مريديه بسخاء . لقد أصبح مجلس الجالية نواة فارغة، بعدما غاب اعضاؤه وصمتوا و دخلوا في نوم عميق، عملا بنصيحة “ما فاز إلا النوم ” في انتظار موائد من أشهى الطعام و أعذب الشراب وحفلات و وفادات كريمة مرتقبة.
ولا نتردد في تحميل أعضاء مجلس الجالية المنتهية صلاحيته، قسطا كبيرا من المسؤولية على أدائه الرديئ، واندحاره و فشله حين يقارن بأداء نظرائه من مجالس الحكامة الأخرى، في طريقة عمله و إتخاذ قراراته و نقاشاته و مداولاته، حيث لا نسمع إلا عن مبادرات الرئيس والكاتب العام دون أي إشارة إلى جمعيته العامة و مختلف لجانه، و دون أدنى تحفظ او تعليق من طرف الأعضاء المحترمين، يحفظ لهم ماء الوجه. و لضمان تنزيل مضامين الخطاب الملكي الأخير و وضعه في إطار الحقوق السياسية التي يضمنها دستور 2011 لمغاربة العالم، فإنه يتعين علينا رفض الوجوه التي حاربت و وقفت في وجه المشاركة السياسية و المواطنة الكاملة لمغاربة العالم، و كل من كانت له صلة قريبة او بعيدة بما سببه تسلط مجلس الجالية الحالي من أضرار للمغرب ومغاربة العالم. كما نطالب بتعيين لجنة تقييم للتحقيق في كل ما يتعلق بأداءه ومختلف أنشطته و مبادراته وصرف ميزانيته. و لهذا نتمنى ان تكون الصيغة الجديدة للمجلس حريصة على إعمال مسطرة المحاسبة والمراقبة المالية و الإدارية وضبط معاييرها لتفادي التبذير الشنيع و الهدر الفاحش للمال العام الذي طغى على تدبير مجلس الجالية بمنطق الريع والزبونية و شراء الذمم.
المشاركة السياسية :أم القضايا.
أننا نعتبر القضية الأساسية فيما يخص مغاربة العالم هي التي يطرحها السؤال الآتي الذي يلخص مأساة هذه الفئة من الشعب المغربي، و هو : هل تعتبر الدولة المغربية مغاربة المهجر مغاربة كاملي المواطنة أم لا.إنه دون الإجابة على هذا السؤال و وضعه في سياق الانتقال الديمقراطي بإرساء دعائم دولة الحق و القانون والمؤسسات و الاعتراف بالحق في المواطنة الكاملة لكل فئات الشعب المغربي، داخل الوطن وخارجه و المشاركة في تدبير شؤون البلاد و التمثيل في البرلمان بغرفتيه لمغاربة العالم عبر انتخابات تشمل دوائر انتخابية بكل دول اقامة مغاربة المهجر، و دون تفعيل هذه الحقوق كلها بقرارات سياسية قوية، وفقا للإرادة الملكية، يبقى مشروع الانتقال الديمقراطي الحقيقي حبرا على ورق وواجهة للدعاية يوظف بطريقة ديماغوجية لإلهاء الرأي العام الوطني و قواه الحية.
الفصل بين المناضلين والمسترزقين.
و في نفس الوقت ننتهز مناسبة الدينامية التي خلقها الخطاب الملكي الأخير، لنوجه الخطاب لكل هذه النكرات و الاصوات والزعامات الفاشلة والكائنات الفيسبوكية من سفلة قومنا وجهلة جاليتنا التي تدعي لنفسها الريادة و القيادة والشرعية. هذه باسم فلكلور إيديولوجي أكل الدهر عليه وشرب ، و تلك باسم تهريج شعبوي للاسترزاق بقضايا مغاربة العالم٠نقول لكل هؤلاء واولائك و معهم افواج وداديات سنوات الرصاص والوداديات اليسارية الجديدة التي تدور في فلك رئاسة المجلس، لقد انفضح امركم وانكشفت سوأتكم وسنعمل على التصدي لمؤامراتكم و مناوراتكم مهما كان الثمن بجانب كل الديمقراطيين التقدمين الحقيقيين، و الوطنيين الغيورين الحاملين هم الوطن ومغاربة الشتات، و كل الذين قدموا تضحيات جسام، وذاقوا ألوان العذاب في زنازين التعذيب و يعرفون معنى سنوات الجمر و الرصاص والإضراب عن الطعام و وحشة المهجر و المنفى. فتحية صادقة لهذا الصف من مغاربة العالم، الذين عرفوا، وهم في ظلام زنازينهم وبين ايدي جلاديهم و معذبيهم و في منافيهم، كيف يفصلون بين خيانة الوطن للاسترزاق بها، وبين المعارضة و التضحية بالنفس و النفيس من أجل مغرب أفضل.
ضرورة النقد الذاتي.
إن مسؤوليتنا الأخلاقية و رسالتنا النضالية، كأطر جمعوية تدعي الانتماء إلى صف الديمقراطية و حقوق الإنسان و دولة القانون تلزم علينا القيام بنقد ذاتي، لمحاسبة انفسنا. كما تستدعي استحضار أسباب فشلنا في توحيد صفوفنا و نبذ الأنانية و ادعاء الزعامات و فضح الفاسدين منا و مسائلة مواقفنا و مبادراتنا و منطلقاتنا السياسية و الإديولوجية والفكرية من أجل مراجعتها، والقطع مع ثقتنا العمياء في من يدعي زورا و بهتانا، الوقوف بجانبنا، و قد تبين اليوم أنهم لا يتحركون إلا من أجل مصالحهم الشخصية الرخيصة، لا فرق بين وداديات العهد القديم ووداديات اليسارالجديدة.
عبد العزيز سارت عن سكرتارية التنسيقية الديمقراطيةللشتات المغربي