‘واشنطن بوست’: إيران دربت مسلحين من البوليساريو وسوريا تعتقل المئات منهم
بقلم: أحمد الشرعي

يستمد المغرب، الذي يتمتع بتراث قوي ممتد على مدى ثلاثة عشر قرنا من التاريخ، تماسكه واستقراره وهويته من عمق مؤسسته الملكية. إنها ليست مجرد مؤسسة، بل هي الذاكرة الحية للشعب، والعمود الفقري للأمة، وروح استمراريتها التاريخية. لقد عرفت الملكية المغربية، المنقوشة في أعمق طبقات الوعي الجماعي، دائما كيفية الجمع بين الوضوح والرؤية طويلة الأمد. لهذا جاءت اختياراتها مشبعة بالبراجماتية، وكانت قراراتها لا تسترشد بالسهولة، بل بالصواب.
لم تستسلم بلادنا أبدًا لدوار التجارب، وفي كل عاصفة، كان المغرب يقف بكرامة، حازمًا، متحدًا. ولهذا كانت المؤسسة الملكية تحظى بدعم المغاربة الثابت، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا السيادية. لأن الملكية هنا، وربما أكثر من أي مكان آخر، لا يمكن فصلها عن الشعب. إنه لا يحوم فوقها: إنه تعبيرها، امتدادها. الشعب هو الملكية، والملكية هي الشعب.
وبالنسبة لأولئك الذين يزعمون أن قرارات الدولة قد تنحرف عن المصلحة العامة، فإننا نرد بأن هذا التفسير ليس خاطئا فحسب، بل إنه يجهل تماما الينابيع التاريخية والسياسية للمغرب. إن مثل هذه العقيدة – الخبيثة – تنكر الذكاء الجماعي لشعب عرف دائماً كيف يدرك المصلحة العليا للأمة.
ولكن التأكيد على ذلك لا يعني نفي الحق في الاختلاف. يجب على أي مجتمع حر أن يسمح للأقليات المفكرة بالتعبير عن نفسها، والنقد، والاقتراح.
حرية الرأي مقدسة. ولكن لا يمكن أن يتحول الأمر إلى استبداد الأقلية على الأغلبية. وسيكون هذا نفياً لفكرة الديمقراطية ذاتها. الديمقراطية لا تعني فرض صوت معارض على حساب انسجام الكل الأكبر.
إنه التعايش المتوازن بين الأصوات، في ظل الاحترام المتبادل. ولكن من المؤسف أن هذه المبادئ الأساسية تتعرض اليوم للتقويض بسبب دوافع الأنانية، والغيرة التافهة، وأحياناً حتى الكراهية المجانية والمدمرة.
إن هذا المناخ الضار يزعزع استقرارنا، ويهاجم ضمائرنا، ويكسر الروابط الإنسانية الأكثر أهمية.
أنا متردد في الحديث عن نفسي، لأنني أؤمن بشدة بحرية الآخرين، حتى عندما تتجاوز هذه الحرية الحد. ورغم ذلك، فقد كنت أنا وأحبائي، أولئك الذين يشاركونني معتقداتي، هدفًا لهجمات عنف نادرة.
لأي ذنب؟ فقط لأننا تجرأنا على التفكير بحرية، وعبرنا عن آرائنا بصدق وإخلاص. كان البعض يفضل صمتنا. كان البعض الآخر يريد أن يتم مسحنا.
ولكننا لسنا من الذين يستسلمون. الخوف لا يتحكم في أفكارنا أو أفعالنا.
ولكن التأكيد على ذلك لا يعني نفي الحق في الاختلاف. يجب على أي مجتمع حر أن يسمح للأقليات المفكرة بالتعبير عن نفسها، والنقد، والاقتراح. حرية الرأي مقدسة.
ولكن لا يمكن أن يتحول الأمر إلى استبداد الأقلية على الأغلبية. وسيكون هذا نفياً لفكرة الديمقراطية ذاتها. الديمقراطية لا تعني فرض صوت معارض على حساب انسجام الكل الأكبر.
سنواصل مسيرتنا بالاستقامة والهدوء والثبات. لأن إيماننا بالسلام لا يتغير. ليس السلام الموجه نحو أنفسنا، بل السلام الموجه نحو الآخرين.
سلام كريم، بُني من أجل أبنائنا، وأحفادنا. سلام مطرز بالكلمات الصحيحة، ومبنى عليه بالاحترام، ويستمد استمراره بالشجاعة لكي نظل إنسانيين في العمق.
نحن نؤمن بمغرب المستقبل. مغرب واضح، طموح، وهادئ. المغرب الذي يتقدم بثقة، ويبني بجرأة، ويتوارث بفخر. إن المغاربة يتمتعون بالحكمة والبصيرة لاختيار ما هو الأفضل لأنفسهم وبلدهم بوعي، تحت إشراف ملكية مستنيرة ومتبصرة، متجذرة في التاريخ وتتجه بحزم نحو المستقبل..