طيلة أربعة أيام، عاشت مدينة الصويرة على إيقاع مهرجان كناوة ، الذي يجذب إليها آلاف الزوار، منهم من أتى من أقاصي المغرب ومنهم أوروبيون وأمريكيون…زوار المهرجان ليسوا كلهم من عاشقي الهجهوج والسنيتر والقراقب و”الليلات الكناوية”…فكل “يغني على ليلاه” في ليالي الصويرة الجميلة ورياحها التي لا تتوقف عن الهبوب.
البحث عن زوج أمي
المكان: أحد فنادق الصويرة المصنفة، تدخل شابة ومعها أمها “الشارفة”، يرافقهما شابذان مغربيان. يبدو منذ الوهلة الأولى أن الأم متفاهمة بشكل كبير مع الشاب الأكبر سنا، فيما يحاول الآخر استمالة الشابة النرويجية، لكن هذه الاخيرة تبدو وكأنها لا تفتخر بما يدور حولها. وفي إحدى اللحظات انتفضت هذه الشابة وخرجت من القاعة، وبعد اللحاق بها أكّدت أنها تأتي لأول مرة إلى المغرب وإلى مدينة الصويرة، حيث ترافق أمها التي ترغب في الزواج من مغربي، “لكن ليس كهذا الذي برفقتنا” معبرة عن امتعاضها من الأمر برمته، وعن إعجابها بالمدينة وفن كناوة.
ندّيها كاورية
يوسف، شاب مغربي من مدينة الدار البيضاء أتى إلى المهرجان للمرة الثالثة على التوالي، هو ليس جديد المعرفة بالمهرجان أو فن كناوة، فهذا لا يهم، بما أنه يأتي إلى المهرجان بحثا عن “الوريقات”، حيث يسعى إلى الإيقاع ب”الكاورية” التي ستأخده إلى بر الأمان. يوسف سمع حكايات عن العديد من الشباب الذين توفّقوا في أن يحوّلوا مدينة الصويرة إلى محطة إقلاع باتجاه اوروبا أو أمريكا. أمثال يوسف كثر، يعرفون ماذا تحب “الكاوريات” فمنهم من يقول إن “الراسطا” تجذب بعضهن، وآخرون يؤكّدون أن القوام الممشوق و”البرونزاج” يجر بعضهن إلى الارتماء في أحضان شبان مغاربة حالمين بالفردوس الأوروبي، فيما يقول يوسف أن الأمر يبقى دائما محجرد “ضربة حظ”.
قبلات مسروقة
وأنت تتجول في مدينة الصويرة، بالليل أو النهار، في الأزقة والدروب وعلى شاطئ البحر وواجهات المقاهي لا بد وأن تقع عينك على شبان وشابات يتبادلون العناق بل والقبلات في بعض الأحيان. المنصات التي تشهد العروض الموسيقية هي بدورها أمكنة لسرقة بعض القبل وعيش لحظات رومنسية على أنغام الموسيقى وفي ظلام شبه مثير. هذه هي مدينة الصويرة التي يريد بعض الشبان والشابات القدوم إليها، فهي بالنسبة لهم فرصة للهروب من “تزمّت” الحياة اليومية في مدن أخرى.
تلاميذ هربوا من ضغط الامتحانات، أمهات يرافقن بناتهن الكناويات، بائعون متجولون أتوا للصويرة لتحقيق ربح محترم خلال أيام المهرجان، زوار قادهم الفضول إلى اكتشاف هذا المهرجان…كل هؤلاء وآخرون أتوا إلى مدينة الرياح لأسباب مختلفة لا تتعلق بالمدينة ومهرجانها، كما أن منهم من سيقع في غرام الصويرة ليعود إليها في أول فرصة متاحة، فيما سيعود يوسف وأمثاله أدراجهم وهم يمنّون النفس بالإيقاع بـ”الكاورية”ن ربما خلال النسخة القادمة من مهرجان كناوة.
الصويرة-نبيل حيدر