تذكر جون هيغنبوثام كيف بانت الكرة الأرضية حينما شاهدتها من مكوك الفضاء “ديسكوفيري” في 2006. وقالت إنه ما من شيء في الفضاء شوه أو اعترض ذلك المشهد “وحينما تطلعت باتجاه الأسفل على المحيط كانت هناك الألوان الزرقاء والخضراء المتوهجة— فسبحان من خلق.”
وقد أذهلت هيغنبوثام لا الطبيعة الخلابة للأرض فقط، بل هشاشة غلافها الجوي كذلك والذي بدا من المكان الشاهق الذي كانت فيه “ربما بسماكة لا تربو على 3 ميلليمترات.” وأول شيء تبادر إلى ذهنها هو أن “كل ذلك هو الذي يحول دون انقراضنا.”
وحينما انطلقت ديسكوفيري يوم 9 كانون الأول/ديسمبر 2006 في رحلة فضائية مدتها 13 يوما لتهبط في المحطة الفضائية الدولية أصبحت هيغنبوثام ثالث سيدة أميركية سوداء تنطلق في الفضاء. وكان اختصاصها في تلك المهمة توجيه استخدام ذراع آلية كبيرة الحجم في المحطة الفضائية. واستخدم الذراع لنقل حوالي 3 أطنان من اللوازم والمعدات من المكوك إلى المحطة الفضائية كما ساعدت هيغنبوثام الملاحين خلال سباحتهم في الفضاء.
وجرت واحدة من السباحات لأن جهازا شمسيا على المحطة الفضائية لم يرتد. وهذه الأجهزة، كما شرحت هيغنبوثام، تحتوي آلاف الخلايا الشمسية التي تحول طاقة الشمس إلى طاقة كهربائية. وفي تلك الحالة لامس الملاحون الذي كانوا يسبحون في الفضاء طرف الذراع الآلية التي حركتهم ووفرت لهم منصة ساعدتهم على الجلوس والعمل لإصلاح الجهاز الشمسي.
وقالت هيغنبوثام: “كان أمامنا في الحقيقة مهمة أعمال مكثفة لكنها كانت ممتعة فعلا.” وكان ملاحو المكوك السبعة قد تدربوا سوية وكانوا ودودين الواحد مع الآخر. وكانوا التقوا ملاحين من المحطة الفضائية قبل عدة شهور. وأضافت: “الشيء الرائع هو أننا عملنا جميعا سوية كفريق وهذا ما جعل المهمة استثنائية بشكل خاص.”
كيف يصبح المرء ملاح فضاء؟
لم تكن هيغنبوثام تتطلع إلى أن تصبح رائدة فضاء، لكن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) اجتذبتها حينما كانت في طور استكمال دراساتها في تخصص الهندسة الكهربائية بجامعة جنوب أيلينوي بمدينة كاربونديل. وهي تعزو الفضل لبرنامج يعرف اختصارا بـINROADS لاجتذابها لاختصاص الهندسة أثناء حضورها المدرسة الثانوية. ويذكر أن هذا البرنامج يمنح الطلاب الموهوبين من الاقليات العرقية فرصا لدراسة احتمال الإنخراط في تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ويساعدهم على تحضير أنفسهم لدخول الجامعة كما يوفر البرنامج تدريبات بأجر لطلاب جامعيين في كبرى شركات القطاع الخاص.
وبعد 9 سنوات في مركز كينيدي الفضائي التابع لناسا بولاية فلوريدا حيث عملت هيغنبوثام في 53 عملية إطلاق مكوكات ووقع عليها الإختيار لتكون مرشحة للعمل كملاحة فضاء. وتدربت في مركز جونسون الفضائي بتكساس. وهل كانت متوجسة من الركوب في المكوك؟ وجوابها هو: “لا لأنه كانت لدي ميزة وهي أنني كنت أعرف غالبية العاملين في مهمات ومنصات الإنطلاق وكنت أعرف أنهم في منتهى التفاني.”
كانت هيغنبوثام قد أمضت قرابة 20 عاما مع ناسا حينما قررت أنه حان الوقت لها كي تقوم بشيء مختلف. وكان أن شغلت منصبا في مكتب المسؤولية الإجتماعية بشركة ماراثون للنفط وأدارت مشروعا لضبط الملاريا في غينيا الإستوائية؛ والآن تتبوأ منصب مديرة العلاقات الأهلية بشركة “لو” بنورث كارولينا.
وقد أوقفت الولايات المتحدة برنامج المكوكات الفضائية في 2011 “لكن لا تزال هناك فرص لملاحي الفضاء كي يشتركوا برحلات حتى العام 2016 وربما 2020 حينما من المقرر أن تخرج المحطة الفضائية الدولية من المدار.”
والآن يتجه ملاحو الفضاء إلى المحطة ومنها على مركبات فضائية روسية فيما تعمل ناسا مع شركات القطاع الخاص التي تسعى لتطوير خدمات رحلات فضائية تجارية. وإذا كتب لهذه الشركات النجاح، كما ذكرت هيغنبوثام، “سيكون بمقدور ملاحي الفضاء أن يتابعوا استكشاف الفضاء السحيق.”
وتود هيغنبوثام أن ترى مزيدا من الأميركيين من أصول افريقية يصبحون ملاحي فضاء. وقالت في هذا السياق: “جميعنا ينشد مرحلة حيث لا يمكن للمرء أن يقول أنا في المرتبة الثالثة أو التاسعة بل نريد جميعا أن نكون القاعدة العامة وليس الاستثناء. وهي تقوم بالتحدث إلى صغار السن وحفزهم على القيام بأي شيء يركزون تفكيرهم عليه ويبتغون أن يصبحوا.
واشنطن: عن نشرات الأخبار الصادرة عن الخارجية الأمريكية