تشرع القناة “الرابعة” المغربية ابتداء من الاثنين 9 يناير الجاري في بث مسلسل “في حضرة الغياب” الذي يحكي عن سيرة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش. يمر المسلسل بجميع مراحل حياته التي ارتبطت بالاحتلال الصهيوني. أحداث ومراحل تاريخية تبرز الصراع العربي الإسرائيلي وعلاقتها بشعر درويش ابتداء من عيشه رفقة أهله في البروة وانطلاقته في عالم الشعر والإبداع وهو لم يتجاوز بعد سن 11 بتشجيع من جده. هذا الأخير الذي زرع فيه حب قراءة الشعر والأدب العربي.
يجول المسلسل بشعر الراحل محمود درويش في جل حلقاته، كما جال الشاعر نفسه بقلمه وأوراقه من وطن إلى آخر.
المسلسل من بطولة وإشراف عام لفراس ابراهيم وسلاف فواخرجي وسوزان نجم الدين وزهير عبد الكريم وفراس نعناع، وإخراج نجدة اسماعيل أنزور. ويبث على قناة “الرابعة” من الاثنين إلى الجمعة ابتداء من 16:45 ويعاد بثه من الاثنين إلى الجمعة في الساعة 23:00 ليلا.
سيناريو وحوار : حسن م. يوسف.. مقدمة بقلم: فراس إبراهيم
قبل سنتين من الآن أوكلت إلى الكاتب الصديق حسن م. يوسف كتابة المسلسل التلفزيوني (في حضرة الغياب) عن حياة شاعرنا الكبير محمود درويش .. وكنت أعرف مسبقاً أن المهمة الموكلة إليه صعبة جداً إن لم تكن مستحيلة لأن قصته هي قصة شعب .. قصة وطن .. نتلمسها في حكايات أصدقائه وذكرياتهم معه في كل مكان، مصر ، باريس ، روما ، سوريا تونس ، لبنان ، الأردن …
كما نعايشها لحظة بلحظة في كتبه «ذاكرة للنسيان»، «في حضرة الغياب»، «أثر الفراشة»
على صفحات «في حضرة الغياب» نعثر على محمود درويش الطفل الهشّ، يعاني من سوء تغذية، ويرغمه أهله على ابتلاع زيت السمك البغيض الطعم، فيما يحاول جده أن يسعفه بالعسل بديلاً، لكن الطفل يجد الطعم جارحاً. هذا العسل الذي كانت تقطفه جدته بشهده وهي تضع المنخل على وجهها لتتفادى عقصات النحل. بقاء الصغير محمود على قيد الحياة حدث محض صدفة، فقد تعرض لحوادث متكررة وكلها خطرة كادت تودي به. وهو حين يسردها يبدو تفصيلياً ومتأثراً وكأنها حدثت للتو. يزداد الطفل هشاشة في «ذاكرة للنسيان» عندما يضطر لمغادرة فلسطين مع أهله لاجئاً إلى لبنان. يسأل الصغير:«ما معنى وطن ما معنى لاجئ؟»، فيأتيه الجواب معقداً وعصياً. ابن السادسة في لبنان، لاجئ يركب الترام في بيروت، يتعرف على البحر في الدامور، يتلقى دروسه الأولى، يقطف الورد والتوت وينام قرب بركة رميش القذرة بجانب الأبقار والخنازير، يتعلم أن التفاح يتدلى من أغصان الشجر ولا ينبت في الصناديق، يشاهد الثلج للمرة الأولى في جزين. لكن العائلة سرعان ما تعود مع صغيرها إلى فلسطين، وتضطر للاختباء في كهف القرية عندما يأتي جنود الاحتلال للتفتيش عمن عادوا متسللين.
حياة صعبة في قرية فلسطينية دمرتها النكبة، داخل «بيت طيني مبني على عجل كقن دجاج يحشى فيه سبعة حالمين، لا أحد منهم ينادي الآخر باسمه، منذ صار الاسم رقماً». يكبر الصغير ويصير شاباً متمرداً على الاحتلال ويسجن. ويعتاد أن يحصي عدد السوس في صحن حساء العدس، وان يتغلب على الاشمئزاز، لأن الشهية تتكيف ولأن الجوع أقوى من الشهية، ولكنه لم يتكيف أبداً مع غياب القهوة الصباحية. يغني محمود درويش في زنزانة لا تتجاوز المترين، لأن تلك «هي الطريقة المتاحة لترويض العزلة وصيانة كرامة الألم».
وحين يخرج من فلسطين طريداً أو شريداً تتقاذفه المدن قبل ان يصل إلى بيروت، ليعيش فيها عشر سنوات، اختلطت خلالها ذاكرته بذاكرة المدينة، وعجنت الصور التي رسمها بكلماته بحياة النضال الفلسطيني في لبنان، حتى لحظة الانسلاخ القسري بعد اجتياح 1982. ففكرة الخروج من لبنان «تشبه فكرة الخروج من الجنة أو من الوطن». وفي كتابه «ذاكرة للنسيان» مشاهد حية، وحياة نابضة لفترة تاريخية مفصلية، تراه خلالها تحت القصف، أو مع جيرانه في الملجأ، أو في منزله يحاول أن يفلت من صواريخ تهطل كالأمطار على بيروت، وتعيش معه في الشوارع يبحث عن قطة تموء فلا يجد… يودع أصدقاءه الذين فقدوا أجزاء من أجسادهم أو تشوهوا بالكامل. يرفض محمود درويش ان يخرج مع المقاومين الفلسطينيين في البحر، ويهرب بسيارة دبلوماسية ليبية إلى دمشق.
ويخاطب درويش نفسه:«وحين دخلت إلى حمّام مطعم على شاطىء طرابلس تغسل يديك، ونظرت إلى المرآة، رأيت وجهاً لا تعرفه:«كان أنفاً كبيراً يحمل نظارة طبية، ولا يشبهك! لكنه وجهك». محطات تتلوها محطات، عمومياتها معروفة، لكن المبهر يكمن في التفاصيل والصور المرسومة بعناية، ففي «ذاكرة للنسيان» يعلمك محمود درويش كيف كان يصنع قهوته تحت القصف، وإليك الوصفة:
«ملعقة واحدة من البن المكهرب بالهال ترسو ببطء على تجاعيد الماء الساخن، تحركها تحريكاً بطيئاً بالملعقة، بشكل دائري في البداية، ثم من فوق إلى تحت. ثم تضيف إليها الملعقة الثانية، تحركها من فوق إلى تحت ثم تحركها تحريكاً دائرياً من الشمال إلى اليمين، ثم تسكب عليها الملعقة الثالثة. بين الملعقة والأخرى أبعد الإناء عن النار ثم أعده إلى النار. بعد ذلك «لقّم» القهوة أي املأ الملعقة بالبن الذائب وارفعها إلى أعلى ثم أعدها عدة مرات إلى أسفل، إلى أن يعيد الماء غليانه، وتبقى كتلة من البن ذي اللون الأشقر على سطح الماء، تتموج وتتأهب للغرق، لا تدعها تغرق. أطفئ النار ولا تكترث بالصواريخ».
«في حضرة الغياب» بمقدورك أن تعثر على الشاعر يحيا وكأنما أنت معه. ها هو يتقلّب على وسادته أرقاً رغم حبه الجارف للنوم، وفي مكان آخر يتأهب ليغازل امرأة أعجبته فيتظاهر حينما ترنو اليه انه ينفض قطرة سائلة وقعت على قميصه.
لا عجب أن تقع على وصفات درويشية قد لا تخطر لك على بال. فهو يصف لك كيف يحلق ذقنه مثلاً:«تضع رغوة الصابون وتشرع في الحلاقة. تبدأ من الجانب الأيسر، من أسفل السالف نزولاً إلى الذقن ثم من تحت إلى فوق.
تفتح حنفية الماء الساخن لتنظيف ماكينة الحلاقة، تباشر العملية ذاتها من الجانب الأيمن. تواجه صعوبة في حلاقة العنفَقَة والسامغين. وكالعادة تسيل قطرات من الدم، فتضغط على الجرح الصغير بإبهامك، ثم تنظر في المرآة برضا من يتناسى مخاتلة الزمن».
بمقدورك لو أحببت كذلك أن تعود في الزمن، وتقضي مع درويش يوماً باريسياً حين كان مقيماً هناك، من لحظة صحوه إلى أن يحل المساء، وتكتشف ان شاعرك كان يدخل بيته، ثم يقفل بابه وينزع المفتاح». ويروي:«تفعل ذلك منذ مات صاحبك في غرفة مغلقة: تبقي القفل جاهزاً لاستقبال مفتاح آخر تحتفظ به مدبرة المنزل التي تأتي منتصف النهار».
ترك لنا هذا الشاعر الفذّ تفاصيل تستحق أن تصور، وحياة يختلط فيها المغرق في الفردية بالذات الجماعية، حتى ليصبح درويش هذا الرجل العادي حتى الإدهاش، والبسيط حد العبقرية، هو فلسطين نفسها، حين يشرب قهوته أو يقرأ الجريدة أو يتابع مباريات كرة القدم التي يدمنها او يتمايل على صوت معشوقته أم كلثوم. أوليس هو الذي قال:«لا حاجة بي إلى الاعتراف، فلا سرّ لي. وفضيحتي هي اللاسرّ، منذ سبق قلبي لساني».
أما مسلسلنا الذي كتبه حسن م. يوسف والذي لا يمكننا الدخول في تفاصيله المثيرة والشيقة إلا بالحدود الضيقة حرصاً على خصوصية العمل ..
فإن حكايته تبدأ في باريس صيف العام 2008 وقد وصلها الشاعر محمود درويش لإجراء تحاليل وفحوصات طبية لقلبه. قبيل الذهاب الى المستشفى تتصل بغرفة الشاعر في الفندق صبية مصرية تدعى رهف أحبته منذ مراهقتها وكرست نفسها لدراسة شعره، وأثناء مشوارهما على شاطئ نهر السين تسأل رهف محمود لماذا لاينظر إلى عينيها فيبلغها أنه يتجنب ذلك لأن عيناها توقظان شوكة نائمة في قلبه.
هكذا دون مقدمات نتلمس ملامح علاقة حب ثلاثية الأطراف حيث يحب الدكتور جمجوم رهف وتحب رهف محمود بينما الأخير متحفظ في عواطفه بسبب المرض وفارق السن وأشياء أخرى نكتشفها تالياً.
يبلغ الدكتور غورمييه الذي أجرى لدرويش عملية القلب المفتوح عام ، 1998أنه يعاني من انتفاخ وتمدد في الشريان الأبهر يبلغ طول ستة وعشرين سنتيمتراً، مما يجعله أشبه بلغم قد ينفجر في أية لحظة. هكذا يجد الشاعر نفسه بين خيارين مُرَّين، فعدم إجراء العملية يجعله كمن يعيش تحت حد السيف، كما أن العملية تنطوي على مخاطر جسيمة لأن رقائق الكوليسترول الزجاجية المسنونة المترسبة على جدران الشرايين، قد تتناثر في الدم كما حدث في عملية سابقة مما قد يؤدي لإصابة الشاعر بجلطات مختلفة قد تنتهي بالشلل او الموت.
يناقش الشاعر خياراته مع رهف ويقرر أن يواجه مصيره بدلاً من أن ينتظر وقوعه. و بناء على نصيحة طبيبه ينوي أن يقصد طبيباً من أصل عربي في هيوستن لأنه أفضل جراح في مجاله يعمل في أفضل مستشفى.
يعترض جمجوم طريق الشاعر،ليسأله عن طبيعة علاقته برهف، فيتعاطف الشاعر مع حبه لرهف ويقرر أن يساعده ” فالعاشقون رفاق ” .
تتأخر الفيزا الأمريكية مما يضطر الشاعر لأن يؤجل موعد هيوستن لأنه مضطر أن يسافر الى فرنسا لإحياء أمسية في مدينة آرل لمناسبة الذكرى الثلاثين لتاسيس دار آكت سود التي تنشر ترجمة دواوينه باللغة الفرنسية.
خلال الأمسية السحرية في مدينة آرل ينشد محمود قصائده بالعربية ثم يلقيها ممثل محترف باللغة الفرنسية بينما يعزف ثلاثي الأخوة جبران على أعوادهم. خلال الأمسية يهدي الشاعر قصيدة “درس من كاما سوترا ” لعاشق بين الجمهور ، وتدرك رهف أن المقصود هو جمجوم مما يفجر مشكلة بينهما.
في طريقه إلى هيوستن يلتقي الشاعر مع جمجوم في باريس، ويودع لديه رسالة يعطيه الحق في فتحها إذا لم تنجح العملية.
خلال رحلة الطيران الطويلة يستحضر الشاعر حياته منذ طفولته الأولى في البروة ..
– يستحضر جده الذي كان الأقرب إليه . حيث كان يصطحبه معه أينما ذهب، إلى عكا والى القرى المجاورة، والى منزل صديقه الأعز خوري القرية، وكيف كان جده يفتخر بكونه يستطيع القراءة وهو في تلك السن المبكرة، قرابة ست سنوات.
– يستحضر ليلة اجتياح البروة ونزوح الأسرة إلى «لبنان». على أمل العودة إليها بعد أن يحررها جيش الإنقاذ ، لكن الانتظار يطول، وعندما ييأس الجد يقرر العودة تسللاً مع أسرته كي لاتضيع الأرض، غير أنه يكتشف أن «البروة» قد هُدمت وأقيمت بدلاً عنها مستوطنة إسرائيلية. ولا يطول الوقت بالفتى حتى يفهم أنه فقد أرض الأحلام الأولى نهائياً.
يكتشف أستاذ مدرسة «دير الأسد»، التي تستقرّ الأسرة فيها ، مواهب محمود في الشعر والرسم فينشر له إحدى قصائده في الجريدة، وخلال احتفال المدرسة بذكرى استقلال “إسرائيل” يدعى محمود للمشاركة فيلقي قصيدة بسيطة تزعج الحاكم العسكري ، فيستدعيه الى مكتبه ويهدّده بمنع أبيه من العمل إن هو واصل كتابة هذا النوع من الشعر .
هكذا يدرك محمود الفتي قوة الكلمة مبكراً فيعزم أن يكرس نفسه للشعر.
– انتقاله إلى حيفا وقصة الحب الرقيقة التي عاشها مع ريتا، والتي تنتهي نتيجة التهديدات المتكررة من إبن عمها شلومو، وقد كتب في ذلك قصيدته الشهيرة :
بين ريتا وعيوني بندقية
والذي يعرف ريتا
ينحني ويصلي
لإله في العيون العسلية …
ثم نتابعه وهو يعمل في الصحافة الحزبية، حيث يتعرف على رفيق دربه سميح القاسم الذي يعاني معه الجوع والسجن وتحديد الإقامة .
يذهب الشاعر إلى وزارة الداخلية لاستصدار بطاقة هوية . وبينما الموظف اليهودي يقوم بملء استمارة معلومات عنه. يسأله عن قوميته؟ فيجيبه: (عربي)، يعاود الموظف السؤال بنبرة استنكار، فيجيبه محمود ”سجل أنا عربي” وعقب خروج محمود من المكتب تبقى العبارة في رأسه فيشرع في كتابة القصيدة على قصاصة ورق في الباص وهو في طريقه الى البيت.
يدعى الشاعر الشاب للمشاركة بقصيدة في مهرجان شعري بالناصرة ، ويطلب الجمهور إليه إلقاء قصيدة ثانية ولم يكن لديه، سوى مسودة “سجل أنا عربي” وعندما يلقيها، يشيع في الجو شيء يشبه الكهرباء، ويطلب الجمهور من الشاعر أن يعيد القصيدة ثلاث مرات.
سجل أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألف
وأطفالي ثمانية
وتاسعهم .. سيأتي بعد صيف !
فهل تغضب ؟
سجل !
تنتشر كهرباء شعر درويش في مختلف أنحاء الوطن العربي بينما تستمر سلطات الاحتلال في التضييق عليه وبعد محاولات فاشلة للسفر يتمكن من المغادرة إلى موسكو، وعندما لايجدها جنة الفقراء كما خيل إليه يغادرها إلى القاهرة ويصلها في 9 شباط 1971 لتكون أول مدينةٍ عربيةٍ تطأها قدماه ، وهي التي قال فيها : (( في القاهرة الساحرة الساهرة تحلم بأنك في الجنة ، فتقوم في الليل وتفتح النافذة لتتأكد من صحة الأبدية كلما رأيت النيل )).
تحتضن مصر درويش وتحتفي به الأوساط الرسمية والشعبية ، يعينه هيكل في جريدة الأهرام ويداوم في الطابقِ السَّادسِ من برج الأهرام مع كُتَّابِ الأهرام نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، ويوسف إدريس، ولويس عوض، وزكي نجيب محمود، وبنت الشاطئ، وآخرين. لكن الحفاوة لاتحول دون ارتفاع أصوات هنا وهناك ترى في خروجه نهايته كشاعر وتتمنى لو أنه بقي في الأرض المحتلة.
تتألق صداقة درويش مع الشاعر الأبنودي الذي يصطحبه فور وصوله ليقوما بجولة حضارية في حواري القاهرة العريقة حيث يتعرف على نجلاء – أم رهف- فيحبها من أول نظرة، يفاتح درويش نجلاء بمشاعره تجاهها ، وهي المرة الأولى والأخيرة التي يبادر بها محمود إزاء امرأة ، لكن نجلاء تصده برفق وتبلغه ارتباطها بشاب مصري يعمل في صحافة المقاومة.
ينتقل درويش إلى بيروت حيث يصبح مستشاراً لرئيس تحرير جريدة ” شؤون فلسطينية ” ، وينجو من الموت بأعجوبة بسبب تأخره عن العمل إذ تطلق ثلاثة صواريخ على مركز الدراسات الفلسطيني الذي يعمل فيه قبيل وصوله بقليل.
تنتشل رنا الشابة الدمشقية الجميلة درويش من كآبة فشله في الحب وتعرضه للموت، وبعد قصة عاصفة يتزوجا ويحضر ياسر عرفات عرسهما.
يسافر درويش إلى روما برفقة ماجد أبو شرار لحضور مؤتمر عالمي لدعم الكتاب والصحفيين الفلسطينيين فيغتال الصهاينة أبو شرار بتفجير سريره مما يسبب صدمة للشاعر. ويطلق صرخته الشهيرة : أصدقائي “لاتموتوا”
يبدأ البرود بين الشاعر ورنا فتغادر بيروت بحجة إكمال دراساتها العليا في كامبريدج وبعد اشهر يقررا الانفصال. يشهد درويش الحرب الأهلية اللبنانية بما فيها من مواقف درامية موجعة ، وعندما تحاصر إسرائيل بيروت يقرر درويش البقاء فيها لأنه ليس مقاتلا، لكنه يغير قراره عندما يعلم أن الإسرائيليين يفتشون عنه،فيتسلل في سيارة السفير الليبي إلى دمشق.
أثناء زيارة الشاعر لفيينا يصاب بأزمة قلبية ويتمكن من طلب النجدة قبل أن يفقد الوعي. فيتم إجراء عملية قلب مفتوح له ويحيي عيد ميلاده مع عدد من الأصدقاء في غرفة العناية المركزة.
أثناء رحلة له الى القاهرة يتعرف الشاعر على حياة ابنة عصام الحيني وكيل وزارة الثقافة المصرية، وبعد قصة حب سريعة يتزوجها ، ليطلقها بعد ستة أشهر.
يكتئب الشاعر عندما يعلم أن زميله معين بسيسو قد غدر به قلبه في لندن عام 1986 ولم يكتشف موته إلا بعد يومين بسبب وضعه للوحة ممنوع الإزعاج على الباب. وخشية أن يحدث له أمر مماثل يتجنب وضع لوحة ممنوع الإزعاج ويعوِّد نفسه على سحب مفتاحه من الباب كي يتيح الفرصة لاستخدام مفتاح آخر.
بسبب حساسيته للألم يكتشف الشاعر الجلطة قبل لحظات من وقوعها مرة أخرى في باريس عام1998 ، فيتم إخضاعه لعملية قلب مفتوح ثانية ، لكن مشكلة الكوليسترول الزجاجي تهدده بجلطات مميتة مما يضطر الطبيب لإبقائه تحت التخدير لمدة يومين ريثما يستقر وضعه . أحداث كثيرة على جميع المستويات تتلاحق بتدفق إنساني وعاطفي ووطني وتأخذنا إلى عوالم جديدة لا مجال لحصرها في ملخصنا هذا ..
نعود إلى شاعرنا وهو يصل إلى هيوستن بعد أن يستعيد حياته في الطائرة ، نرافقه في المدينة واحتفاء أبناء الجالية العربية به . نرصد دخوله إلى المستشفى ونجاح العملية الجراحية ، نتابع تحقق نبوءة الطبيب الفرنسي إذ يهاجم الكوليسترول الزجاجي أعضاء الجسد فتتوقف عن العمل الواحد تلو الآخر بحيث لايبقى في النهاية سوى قلب الشاعر وتنفيذاً لوصيته ترفع عنه أجهزة الإنعاش ويعلن رحيله.
تتناقل وسائل الإعلام نبأ رحيل الشاعر ويتلقى جمجوم النبأ عبر التلفزيون ، فيسارع الى فتح الرسالة التي تركها الشاعر أمانة لديه ، فيجد فيها رسالة له من كلمة واحدة ” وانتظرها ” . كما يجد مغلفاً آخر موجه لرهف . يسلم جمجوم الرسالة لرهف ويتظاهر بالانصراف لكنه يجلس على الدرج ، تقرأ رهف الرسالة التي يبوح لها بها محمود بقصة الحب التي ربطته بأمها في مصر ، ثم يخطبها من نفسها لجمجوم.
مبللة بدمعها تفتح رهف الباب لتجد جمجوم “ينتظرها ” فتبلغه أنها قد خطبت إليه من قبل شخص لاتستطيع رد طلبه، ثم ترفع سبابتها في وجهه قائلة ” يجب أن تعرف إني سأظل أحبه طوال حياتي ” يجيبها جمجوم والدموع في عينيه : “وأنا أيضاً .”