مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي
لقد مكنتني مشاهدة شريط “حجاب الحب” لمخرجه المغربي عزيز السالمي ، من إعادة النظر ، على ضوء الراهن المجتمعي، في طبيعة التغيير الذي يطالب به ، منذ مدة ، شباب عربي حائر بين ضرورة الإبقاء على ما هو أصيل والتصدي لكل ما هو معاصر،محاولا التوفيق بين ما هو رباني وما هو شهواني. كل هذه المفاهيم هي التي تحدد المسار الذي يريد كل فرد في المجتمع أن يسلكه شريطة ألا يخل بالقيم الأخلاقية والاجتماعية.
شريط “حجاب الحب” يحكي مغامرة الحسناء الباتول، الطبيبة المتخصصة في طب الأطفال ، عازبة ، تناهز الثلاثين من العمر والتي تاهت بين ضرورة اتباع التعاليم الربانية ونار الشهوة الكامنة بداخلها حيث استسلمت في الأخير وألقت بجسدها بين أحضان عشيق مطلق.
هذه القصة ذكرتني بحكاية جدة مشهورة كنار على علم ، تعيش ربيع عقدها الخامس تحت وطأة ما يصطلح على تسميته بنزوات منتصف العمر، ما فتأت تعتبر نفسها رمزا للفضيلة و قدوة في الطهرانية المفترى عليها.
في نظر الجدة ، ليس من الهين ان تخفي المرأة ، في مجتمع محافظ كالمغرب، “حبها المتحجب” مما أدى بها للمناداة بالدعوة إلى الإبحار ” ولسان حالها يخاطب يوسف الذي “شق طريقه في البحر عجبا” في اتجاه عاصمة الإغريق .فهناك انتهى به المطاف بين ذراعيها على سرير وثير بفندق “بارك” فكانت إقامة ممتعة انتشت طيلتها بفحولة عشيقها وأشبعت نزواتها الشبقية بعد أن لوحت بعيدا بقناع العفاف والطهر الذي طالما خنق أنفاسها تحت رعاية إلاه الحب “إيروس” الذي رحب بلقاء الأحبة و فتح لهما أبواب معبده. ورغم ما كان يعتريها بين مغامرة وأخرى من إحساس بالذنب، تداوم بعدها على الاعتكاف من أجل طلب المغفرة والتوبة ، فإن أغلال بيت الزوجية ، حيث يسود بعل “شيباني” عنين كانت تفضي بها دوما إلى التمرد على كل القيود بغية إضفاء الشرعية على مغامراتها الغرامية الجديدة، أبطالها شباب ممشوقي القوام تبدأ بتلقينهم أبجديات ما تفرضه طقوس مباشرة “دليلة التقوى” من خلال حثهم على قراءة مؤلف “كاماسوترا” الذي تتباهى بكونها تتقن تطبيق كل ما جاء فيه من وضعيات مثالية تذكي نار الرغبة والمتعة.
هذه الجدة المفرطة في “الوقار” والمعروفة بخرجاتها العدائية للفكر العقلاني السائد في الغرب ، لا تتردد ولو لحظة ، في تبني آخر صيحات الموضة الإباحية المنتشرة في الأوساط السينمائية وبين أقطاب صناعة الفرجة بالولايات المتحدة الأمريكية على غرار “مادونا” و”دومي مور” و”شارون ستون” اللواتي يتمتعن بإشباع رغباتهن الجنسية علنا ، مع أخلاء أصغر منهن سنا بكثير ، أطلقن عليهم ألقاب « LIONCEAUX » و « TOY BOYS ».
هؤلاء النسوة اللواتي يطلق عليهن إسم “النمرات” نسبة إلى فصيلة “السنوريات” التي تحمل نفس الاسم ، يشكلن ظاهرة بزغت إلى الوجود سنة 2004. تعبر عن نفسها عبر بوابة إلكترونية من الإمكان أن نزود جدتنا الوقورة بعنوانها إن كانت ترغب في ذلك.
وعلى ما يبدو ، فإن هذه المجموعة النسائية المختصة في قنص وافتراس اللحم الشبابي الطازج هي مصدر إلهام الجدة الفاسقة التي ركبت بكل وقاحة على موقعها داخل جماعة “الإحسان اللاأخلاقي” لكي تنقض بمخالبها على فرائس من الأشبال ، أمضت معهم ليالي حمراء بالمدينة الحمراء وكذا مغامرات بطولية على متن ناقلة نوافذها مزودة بزجاج يحجب الرؤيا ، تقودها “ساترة” سرها التي ليس لها من الصفاء إلا الإسم.
وكلما أشفت الجدة الشابة غليل رغبتها المرضية الحارقة إلا وغمرتها سعادة لا يزيدها نشوة إلا الإطراء المنافق لأخلائها على جسدها الذي لم ينل من حيويته سن اليأس ولم تغير معالمه عوامل الزمن حسب إدعاءاتهم .
فهل لنا أن نشفق لحال امرأة متحجبة زاغت عن الفضيلة وهي التي تحرص على ترويج صورة تقدمها كمرشدة في مجال التصوف والسياسة في حين أنها لا تقوى ، كلما طفا الشبق على ملكة العقل لديها ، على كبح جماح الشهوانية التي تجتاحها بكل سهولة.
وهنا يطرح سؤال : هل تستطيع هذه “الشبقية المحجبة” أن تعي بأن الجنس والسياسة لا يمكن لهما أن ينسجما ، فبين الاثنين يوجد هامش الكذب الذي تتفنن الجدة في إتقانه زيادة على أن خرجاتها لافتعال البلبلة لا تقابل إلا بالازدراء واللامبالاة.
حكاية هذه الجدة ليست من نسج الخيال وإنما هي قصة واقعية لامرأة الخمسين من العمر ولا زالت تتجاذبها موجبات الاستقامة التي يفرضها وضعها الاجتماعي والديني وعشقها الطافح لكل لذة جسدية. هي حكاية تعج بمغامرات طائشة و مثيرة ، تصلح مادة خام لكتابة سيناريو مسلسل تلفزي مطول أو إنتاج سينمائي ستحصل من خلاله بطلتنا بكل تأكيد على جائزة “أوسكار” في صنف أفلام الخلاعة ، ما دام الفن السينمائي هو محور حديثنا.
وإكراما لبطلتنا التي تمكنت من مراكمة العديد من القصص المثيرة في مجال الرذيلة والسفاهة، فإن حكايات الابنة المدللة تستحق أن نعيد تناولها بإسهاب وإفاضة لذلك نعدكم بأننا سنعود إلى هذا الموضوع.
حارس المقدس بواب محراب “اكورا”