فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رسالة إلى المشاركين في الاجتماع رفيع المستوى حول “العمل من أجل حفظ السلام” الذي انعقد، اليوم الثلاثاء، بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وفي ما يلي نص الرسالة الملكية التي تلاها رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني:
“الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
السيد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة،
أصحاب الفخامة والمعالي رؤساء الدول والحكومات،
السيدات والسادة الوزراء،
أصحاب السعادة، حضرات السيدات والسادة،
إنه لمن دواعي سروري أن أتوجه إلى هذا الاجتماع رفيع المستوى، المخصص لمبادرة “العمل من أجل حفظ السلام”.
وأود بهذه المناسبة، أن أتقدم بجزيل الشكر، لمعالي السيد أنطونيو غوتيريس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، على هذه المبادرة الهامة والمحمودة، مؤكدا له دعم المملكة المغربية لدينامية الإصلاحات التي أطلقها في المنظمة.
ولا يسعنا هنا، إلا أن نعرب عن ابتهاجنا بما لمسناه من تعبئة كبيرة من قِبَل إفريقيا لصالح جهود حفظ السلام في العالم؛ ذلك لأن إفريقيا ليست معنية بهذا الشأن فحسب، بل هي منخرطة فيه وبقوة.
وإن المغرب، الذي ما فتئ يولي أهمية خاصة لاستقرار القارة الإفريقية وازدهارها، لا يخامره أدنى شك في أن هذه المبادرة، التي نلتئم في إطارها اليوم، ستمكن من تجديد الالتزام الدولي لصالح هذه القارة، على أعلى المستويات.
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
ليس من قبيل الصدف أن يتزامن اجتماعنا اليوم، مع الاحتفاء بالذكرى السبعين لإطلاق عمليات حفظ السلام. فخير احتفاء بهذه الآلية البناءة من آليات السلم والأمن التي أتاحتها منظمتنا للمجتمع الدولي، هو انخراطنا الفعلي في هذه المبادرات، إيماناً منا بضرورة ضمان استمراريتها، وتعزيز فاعليتها.
لقد كان من الطبيعي أن تدعم المملكة المغربية مبادرة “العمل من أجل السلام”، منذ إطلاقها، لاسيما أنها تشكل أحد المحاور الأساسية لهذا الإصلاح. وقد ساهمت بلادنا بشكل فعلي وبناء وتوافقي، في صياغة إعلان الالتزامات المشتركة، الذي نعتمده اليوم، وانخرطت فيه بصورة تلقائية دون أي تحفظ.
وهو التزام نابع من إيمان المملكة الراسخ بأهمية عمليات حفظ السلام، باعتبارها من أنجع الأدوات المتاحة أمام المجتمع الدولي في هذا الشأن. فنحن مدعوون إلى العمل بسرعة وبجدية، حتى تحقق هذه العمليات أهدافها، في إطار الالتزام بالثوابت التالية :
– أولا : يتعين تكريس المبادئ الأساسية لعمليات حفظ السلام، لاسيما منها، احترام الوحدة الترابية للدول وسيادتها، وموافقة الأطراف المعنية، وعدم التحيز، وعدم استخدام القوة إلا في حالات الدفاع عن النفس أو عن المهمة الموكلة إليها.
– ثانياً : يُشترط في المهام المسندة لعمليات حفظ السلام أن تكون واقعية، وعملية وقابلة للتحقيق، مع مدها بالتمويل المناسب.
– ثالثاً : يجب أن تظل عمليات حفظ السلام مقتصرة على الهدف الأسمى منها، وهي تجاوز الأزمات، مع ما يقتضيه ذلك من حشد المزيد من الجهود لإيجاد حلول سياسية، وتعزيز مختلف مبادرات الوساطة والوقاية من نشوب النزاعات.
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
لا يفوتنا، في ختام هذه الكلمة، أن نشيد بهذا المشروع الإصلاحي الذي يولي اهتماماً خاصاً للقارة الإفريقية، التي تعد مسرحاً لعمليات حفظ السلام بامتياز، مؤكدين التزامنا بدعمه ومساندته.
فالمملكة المغربية كانت وما تزال من شركاء الأمم المتحدة الأفارقة الأكثر انخراطاً في جهودها داخل القارة. فهي تشارك حالياً في عمليتين من أكثر عمليات حفظ السلام تعقيداً، وهما بعثتا الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وكما تعلمون، فالمغرب، منذ عودته إلى أسرته المؤسساتية المتمثلة في الاتحاد الإفريقي، وبعد انتخابه عضواً في مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد، لم يدخر جهداً في سبيل تقوية الشراكة الاستراتيجية بين منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في مجال السلم والأمن.
وستواصل المملكة العمل من أجل مواكبة وتعزيز كل المبادرات الهادفة إلى الحيلولة دون نشوب النزاعات الإقليمية، والحد من آثارها على القارة، في ظل الاحترام التام لسيادة الدول ووحدتها الترابية.
لقد آن الأوان كي تقدم كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الدعم اللازم والمناسب للاتحاد الإفريقي وللبلدان الإفريقية، بما يمكن هذه الشراكة من الوسائل الضرورية لبلوغ المدى المطلوب وتحقيق النجاعة المرجوة. إنه استثمار من أجل المستقبل، طالما أن استقرار العالم من استقرار إفريقيا.
أشكركم على حسن إصغائكم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.