قال السيد مصطفى الكثيري ،المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، اليوم الأربعاء بالرباط، إن ملحمة المسيرة الخضراء تعتبر حدثا تاريخيا جيليا ونوعيا ومبعث اعتزاز، بأمجادها وروائعها، للأجيال المغربية المتعاقبة.
وأبرز السيد الكثيري في كلمة خلال مهرجان خطابي نظمته المندوبية السامية تخليدا للذكرى 44 للمسيرة الخضراء المظفرة، أن هذا الحدث الوطني الذي ألهمته العبقرية الفذة لرائدها ومبدعها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني أكرم الله مثواه، شد إليه أنظار العالم باعتباره خيارا سلميا وحضاريا استثنائيا اعتمدته المملكة لاسترجاع حقها المشروع في سيادتها على أقاليمها الجنوبية الصحراوية.
وذكر السيد الكثيري بأن انطلاق حشود المتطوعين وتعدادهم 350 ألف متطوع ومتطوعة نساء ورجالا شيبا وشبابا، وفدوا من كافة فئات وأطياف المجتمع المغربي، بنظام وانتظام في اتجاه واحد صوب الأقاليم الصحراوية لتطهيرها وتحريرها من قوات الاحتلال الإسباني، وإحياء صلة الرحم مع إخوانهم وأهلهم في المناطق الصحراوية المغربية،شكل مشهدا في أوج الروعة وسمو المقاصد ونبل الأخلاق.
وأضاف أن مسيرة القرن قد أثارت انبهار وإعجاب المتتبعين والملاحظين والمحللين السياسيين، بدقة التنظيم والانضباط ومستوى الأداء،بحيث لم يسجل حادث أو طارئ يعكر صفو الأجواء الروحانية والوطنية التي سادت مسيرة شعبية حاشدة ومتدفقة.
وأوضح أن المسيرة الخضراء أظهرت بزخمها ودلالاتها بالحجة والبرهان مدى التلاحم الذي جسدته عبقرية ملك مجاهد وشهامة شعب أبي، وتصميم وتلاحم المغاربة بإجماع شعبي لافت على تحقيق الانتصار، مهما كلف ذلك من ثمن، لقضيتهم المقدسة، كان سلاحهم في ذلك يقينهم بعدالة مطلبهم للوحدة وتجندهم وتعبئتهم للدفاع عن المقدسات الدينية والثوابث الوطنية، والذود عن حمى الوطن وحياضه، من أجل استرجاع الحق المسلوب وتحقيق الوحدة الترابية.
وسجل السيد الكثيري، أن المحطة التاريخية للمسيرة الخضراء عند انطلاقتها يوم 6 نونبر 1975، انتصبت كحد فاصل ومنعطف حاسم في السياق التاريخي لتوحيد أجزاء الوطن، ولم شتاته، إذ ارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976 بجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية، وتم استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979 .
وأشار إلى أن تخليد هذه الذكرى السنوية يشكل لحظة ووقفة تأمل وتدبر، تكرس وتجسد خلالها أسرة المقاومة وجيش التحرير، إلى جانب سائر القوى الحية والإرادات الصادقة، قيم الوفاء والبرور بالذاكرة الوطنية الجماعية، و هي تشكل مناسبة للترحم على أرواح الشهداء الميامين وشرفاء الوطن من المدافعين عن الوطنية، و كذا الإشادة بكل المناضلين والمقاومين الأبرار في شمال الوطن وجنوبه وشرقه وغربه.
وتابع السيد الكثيري بأن أسرة المقاومة وجيش التحرير تؤكد، بهذه المناسبة، تجندها التام تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، دفاعا عن الصحراء المغربية،ولصيانة وتعزيز الوحدة الترابية ، وتثبيت المكاسب الوطنية، كما تثمن عاليا المبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الصحراوية في ظل السيادة الوطنية.
ولم يفت السيد الكثيري التأكيد على أن إنجاح النموذج التنموي الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية يعد من مداخل تعزيز وتحصين الوحدة الترابية لتحقيق تنمية شاملة، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية، ومندمجة تجعل من جهاتها نموذجا وطنيا وجهويا يحقق لأبنائها سبل العيش الزاهر والأرغد.
وتميز هذا المهرجان الخطابي، الذي عرف حضور ممثل والي جهة الرباط سلا القنيطرة، وممثلي الأحزاب السياسية، وفعاليات ومنظمات المجتمع المدني، بتكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير (عددهم 16)، وذلك وفاء وتقديرا و تكريسا لثقافة الاعتراف بجميل تضحياتهم من أجل الوطن.
ويتضمن برنامج تخليد الذكرى 44 للمسيرة الخضراء، الذي تنظمه المندوبية السامية على مدى يومين، تنظيم المعرض الوطني الأول لرموز الوطن، وللمنجزات الملكية في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، بفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بسلا، وذلك بتنسيق مع مؤسسة رباط الأنوار للعلم المغربي.