فيديو: المفوض الأممي لحقوق الإنسان: المغرب نموذج يحتدى به في مكافحة التطرف
هناك شيء لا أستصيغه ولا أفهمه، وأحتاج فعلا لما يريحني من الإرتباك الذي يحدثه هذا الشيء، لدي ولدى كثير من المدريديين، وبخاصة من يتابعون من الزملاء في الصحافة الإسبانية عن كثب ما يحدث داخل القلعة البيضاء، شيء يعبر بصدق عن هذا اللامعقول الذي يسود المشهد الكروي العالمي، وكأننا في مسرح العبث نشاهد ما يعرف في فن التعبير المسرحي بالكوميديا المظلمة أو الكوميديا السوداء، ذاك الشيء مرتبط بانضمام الدولي المغربي أشرف حكيمي لنادي إنتر ميلان الإيطالي في صفقة توصف بالمباغتة أو اللاتوقع، فإن توقع كثيرون منا أو حتى حبذوا أن لا يعود حكيمي لريال مدريد، إن كان سيسجن في جلباب كاربخال المتمتع بالجاهزية الكاملة وبالثقة المطلقة لمدربه زين الدين زيدان، فلا أحد على الإطلاق توقع أن يكون تفريط ريال مدريد في ظهيره الأيمن بهذه السهولة، كما لم يتوقع كثيرون بيننا أن يكون إنتر ميلان الإيطالي تحديدا هو الفريق الذي سيذهب إليه أشرف، وقد ألحت في طلبه أندية كبيرة وعريقة كبايرن ميونيخ والمان سيتي وباريس سان جيرمان، أندية تستطيع أن تحمله للمجد الكروي.
ما لا أستطيع أن أفهمه، أن ريال مدريد باشر منذ سنتين عملية رائدة في استقطاب المواهب الكروية من دون أن يكلفه ذلك صرف أموال ضخمة على صفقات متورمة، شاهدنا ذلك والريال يجلب لصفوفه البرازيليين فينيسيوس ورودريغو والأوروغوياني فالفيردي والمغربي الأصل ابراهيم دياز والإسبانيين سيبايوس وفاييخو والنرويجي أوديغارد، لاعبون في مقتبل العمر يمكن أن يشكلوا قاعدة لبناء فريق المستقبل.
كل هؤلاء ليسوا من خريجي أكاديمية ريال مدريد، والعمل قائم من أجل تطوير ملكاتهم ليكونوا بالمقاسات التقنية التي تسمح لهم بارتداء قميص الريال كما يحدث اليوم مع فالفيردي وفينسيوس وحتى رودريغو، إلا أن ما لا أجد له تفسيرا، أن يتنازل ريال مدريد بسهولة عن أشرف حكيمي، أن يقبل بالتنازل عنه مقابل 40مليون أورو وهو العائد لتوه من إعارة لموسمين من دورتموند وقد غدا بعدها أحد أجود أظهرة العالم.
كيف يضحي الريال بلاعب تدرج في كل فئاته العمرية، ولعب للكاستيا وشكل واحدا من المواهب التي تفخر أكاديمية الريال بإنتاجها؟
كيف يتنازل ريال مدريد بهذه السهولة عن لاعب غدا مالكا للعديد من الأرقام القياسة التي تجعل منه ومن الإنجليزي أرنولد مدافع ليفربول، أفضل أظهرة العالم وهما في سن صغيرة جدا؟
كيف يقبل الريال برحيل حكيمي وهو اليوم أسرع لاعب في البوندسليغا وهو من أنجع الأظهرة الدفاعية هجوميا (سجل 9 أهداف وساهم بشكل مباشر في تسجيل 10 أهداف أخرى)؟
كيف يقامر الملكي بالتضحية بحكيمي، وهو يعرف أن ظهيره الأيمن داني كاربخال الذي وصل سن 28 يقدم هذا الموسم تحديدا مستويات غير منتظمة من حيث الجودة؟
وما سيصيب غدا بالجنون، أن يذهب ريال مدريد باحثا عن ظهير أيمن يستطيع ملء فراغ كاربخال عند الغياب لأي سبب من الأسباب، ويصرف عليه ما يزيد عن 50 مليون أورو، بينما كان في متناول اليد الإبقاء على أشرف حكيمي في قلعة الملوك بالضمانات التي سترضيه وتقنعه بالعودة إلى القلعة التي أحبها.
إن كان علينا نحن، فالأفضل أن يذهب حكيمي لأي فريق يضمن له الرسمية ويمنحه هامشا آخر لتطوير ملكاته الفنية ورفع منسوب جاهزيته وكسب مزيد من التحديات الكروية حتى لو كان ذاك الفريق هو إنتر ميلان الإيطالي، لأن ذلك سيعطينا في النهاية حكيمي المشبع بالجاهزية ليكون قيمة مضافة لأسود الأطلس، وإن أخطأت الريال في حق حكيمي، وفي حق نفسها، فلتتحمل تبعات خطإها الذي لا يغتفر.. ولتندم على ما فعلت، حيث لا ينفع الندم..
بدر الدين الإدريسي – جريدة المنتخب