يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
بقلم: الأستاذة عائشة كلاع (رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الضحايا)
اختار المتهم عماد استيتو والمتابع من أجل المشاركة في جريمة الاغتصاب وعدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر، أن يفر إلى دولة تونس التي أصبحت قبلة للفارين من العدالة المغربية بتواطؤ مع منظمات دولية تتظاهر بدفاعها عن حرية الرأي والتعبير وهي في الواقع منظمات مستأجرة لخدمة أجندات حاولت وتحاول التدخل بكل الوسائل في الشؤون السياسية والأمنية لبعض الدول والدليل على ذلك هو عدم إعارة هذه المنظمات أي اهتمام لملفات مماثلة معروضة أمام القضاء بدول أخرى كفرنسا أو اسبانيا وغيرهما … فهل يمكن للمتهم عماد استيتو أن يوضح لنا لماذا ازدواجية المعايير لدى هذه المنظمات في تعاطيها مع ملفات مماثلة معروضة على القضاء مع وجه الاختلاف الوحيد أنها بدول أخرى، وهل العبرة بتتبع احترام ضمانات المحاكمة العادلة رغم اختلاف المجال الجغرافي أم الأمر رهين بأهداف سياسية أحيانا والسخرة لفائدة المانحين أحيانا أخرى؟
لقد اختار المتهم عماد استيتو أن يلعب دور الضحية وهو الموقع الذي اختاره لصديقه عمر الراضي وسليمان الريسوني، بل وهو الموقع الذي أصبح بتقمصه المتهم النقيب السابق محمد زيان، في حين أن الضحية هي من تعرضت للاعتداء على كرامتها وعلى كرامته، ولو كنت مقتنعا ببراءتك لما اخترت الهرب إلى تونس بدعوى التزامات مهنية كما تقدم بذلك دفاعك أمام المحكمة، فمن ساعدك على الهرب إلى تونس وما دخل نقابة الصحفيين بتونس في هذه العملية، ومن يمول هذه العمليات لفائدتك ولفائدة غيرك، مع أن العالم يعلم واقع الحريات بتونس ووضعها السياسي واحتجاجات منظمات المجتمع المدني على القوانين والقرارات التي تكمم الأفواه.
المتهم سليمان الريسوني
أنكر المتهم سليمان الريسوني بداية معرفته بالشاب ضحية الاعتداء الجنسي، ليتراجع فيما بعد ويعترف بالعكس، وخلال المرحلة الابتدائية رفض إنجاز الخبرة على التسجيل الصوتي الذي يدينه وقاطع جلسات المحاكمة وأضرب عن الطعام بهدف الضغط على القضاء وطمعا في تدخلات خارجية تمس باستقلال القضاء، إضافة إلى الحملات الإعلامية لمسانديه واستجداء الدعم الخارجي لمنظمات موجهة لخدمة أجندات بعض الأطراف وبعض المانحين.
لقد تمتع المتهم سليمان الريسوني بكل ضمانات المحاكمة العادلة وهو ما أكده دفاعه الذي أكد بأن المتهم ارتكب الفعل الجرمي، ولما اقتنع هذا الأخير بتغيير استراتيجية دفاعه خلال المرحلة الاستئنافية، كانت كل الدلائل تثبت ارتكابه لهتك عرض شاب، سواء التسجيل الصوتي الذي رفض المتهم إجراء الخبرة على صوته أو شهادة الشاهد صديق المتهم الذي أكد معرفة المتهم بالضحية وغيرها من وسائل الإثبات التي تؤكد أن الأحكام القضائية التي صدرت في حقه صادفت الصواب فيما قضت به وفي إطار عقوبات منصوص عليها في القانون الجنائي ولا علاقة لها بحرية الرأي أو التعبير، فأن تكون صحفيا أو لك رأي سياسي معارض لا يعفيك من العقاب عند ارتكابك لجرائم حق عام، خاصة وأن ضحية الاعتداء الجنسي من حقه الانتصاف وجبر الضرر، في إطار المساواة بين الجميع أمام القضاء.
المتهم عمر الراضي
أما بالنسبة للمتهم عمر الراضي فقد أقر بالعلاقة الجنسية إلا أنه اعتبرها رضائية في حين اشتكت الضحية من الاغتصاب وهتك العرض بعنف وأثبتت ذلك بالشواهد الطبية وبشهادة الشاهد، وقد حاول المتهم الذي لا يتوفر على حجج مقنعة إثبات العكس عن طريق المس بالحياة الخاصة للضحية، بالادعاء أنها تتناول المخدرات وأنها متعددة العلاقات الجنسية وغيرها من التلفيقات المجانبة، التي تؤكد أن المتهم ارتكب الاعتداء الجنسي في حق ضحيته الذي استباح جسدها مادامت سيدة متحررة حسب تصريحاته التي تبين حقيقة موقفه من حقوق النساء والتي يتم تغليفها بمظهر المناضل الحقوقي، وهو مع الأسف حقيقة الانفصام الذي يعيشه العديد ممن يسمون أنفسهم “المناضلون الجدد”.
لقد اعتبر المتهم عمر الراضي أن الضحية مندسة داخل موقع le desk في حين أن صاحبا الموقع صرحا بعكس ذلك وشهدا بثقتهما فيها لدرجة إسكانها بالبيت الذي كان مكان العمل خلال فترة الحجر الصحي، في حين استغل المتهم ثقتهما وارتكب جرائم جنسية دون احترام لحرمة المكان، وأذكر المتهم عماد استيتو بتناقض تصريحاته سواءا في ما يتعلق بمشاهدته تبادل المتهم والضحية للقبل ليغير أقواله أنه تصور ذلك ولم يشاهد، والتناقض بين تصريحاته وتصريحات صديقة عمر الراضي عن من التحق أولا بالمرحاض بعد جريمة الاغتصاب، في حين أن المتهم عمر الراضي أكد تصريحات الضحية لكونها التحقت الاولى بالمرحاض، وغيرها من التناقضات العديدة التي تفيد أن العلاقة الجنسية لم تكن رضائية بل كان اغتصابا، وأن كان محاولاتك لتضليل العدالة باءت بالفشل، بل جعلتها تقتنع أنك كنت مشاركا فيما ارتكب من اعتداءات جنسية في حق الضحية، وهي جرائم حق عام واضحة من خلال ما راج أمام المحكمة، إلا أن كل المحاولات خارج المحكمة لتسييس الملف هي محاولات لتهريبه كما اخترت أنت الهرب في حين أن الضحية ظلت صامدة دفاعا على حقوقها وإيمانا منها بقضيتها.
المتهم محمد زيان
أصبح بين عشية وضحاها مناضلا وهرما سياسيا وسمح لنفسه رغم سنه الذي اعتبره أنه سيعفيه من العقوبة الحبسية وأنه سيؤثر على ترتيب المغرب دوليا على المستوى الحقوقي، انتهاك حرمة الفقيدة أسماء حلاوي ضحية الاغتصاب من طرف موكله توفيق بوعشرين وهي حامل، انتهك الجاني توفيق بوعشرين آدميتها خلال حياتها، ولم يرحمها الهرم السياسي المزور وهي بجوار ربها، ونسي هذا الذي يهل علينا في المواقع الصحفية بالنفخة الدينية المزيفة أن الرسول قال: “لا تذكروا موتاكم إلا بالخير”، فأي هرم سياسي هذا الذي أدين بالتحرش الجنسي، أهذه هي القدوة التي تقدم للشباب عن السياسة والسياسيين؟.
أين كان هذا الهرم السياسي المتحرش بالنساء ومن معه من “المعارضين الجدد” عندما كانت السجون تعج بالمناضلين والمناضلات الذين ضحوا وصمدوا خلال سنوات الرصاص، إلى أن استطاعت بلادنا التصالح مع ماضيها من أجل بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات.
لقد اعترف المتهم الهرم السياسي بمسألة مهمة بالنسبة للمسماة عفاف برناني التي تلقت كل الدعم المادي للهرب إلى تونس ومنها إلى أمريكا، ثمنا للتكتم على جرائم الجاني توفيق بوعشرين، في حين أن الضحايا الأخريات يعشن المعاناة بكل أشكالها ورحلت أسماء حلاوي ضحية الاتجار بالبشر وفي قلبها غصة من مغتصبها وفي بلد لا يحمي نساءه من المغتصبين.
ودفاعا على ضحايا الاغتصاب الذين كانت لهم الجرأة لكسر جدار الصمت والبوح وفضح ما يجري خلف الأبواب المغلقة، فإن “الجمعية المغربية لحقوق الضحايا” وهي جمعية حديثة النشأة، إلا أن إرادة وإيمان أعضائها بقضايا ضحايا الاعتداءات الجنسية ودعمهم لهم، قد استطاعت أن تحجز لها موقعا في المشهد الحقوقي لبلدنا، وهو ما أزعج البعض الذي يدعي دفاعه عن حقوق الانسان مع الأسف، وهذا الانزعاج يؤكد لنا أننا في الطريق الصحيح وأن القافلة ستواصل المسير..
وإذا كان المتهمون باعتداءات جنسية ومن يساندهم يحاولون الاختباء وراء يافطة الدفاع عن حقوق الانسان وارتداء جلباب المعارضة الجديدة، فإن واقع الابتزاز والاسترزاق وتبييض الماضي يكذب ذلك، وقد ظنوا أن هذه الأساليب ستنطلي على ذاكرة وذكاء المغاربة، ولذلك أردت أن أذكرهم إن لازالت الذكرى تنفع المومنون بما قاله الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش: “أن تصدق نفسك أسوأ من أن تكذب على غيرك”.
(عن موقع الجمعية المغربية لحقوق الضحايا: AMDV.ORG)