الرباط: عبد اللطيف حموشي يستقبل المديرة العامة لأمن الدولة بمملكة بلجيكا
انعقدت بحمد الله وفضله الدورة الرابعة عشرة لمجلس الشورى لمجلس العدل والإحسان، وبعد الترحم والدعاء للإمام المجدد رحمه الله تعالى…. عرفت الدورة مشاركة نسبة 92 في المائة من أعضاء المجلس وتوجت بكلمة جامعة للسيد الأمين العام حفظه الله..
إنها مقتطفات من بيان صادر في المغرب في سنة 2013، أي القرن الواحد والعشرين وليس القرون الوسطى، إنه بيان لتيار إسلامي يتحدث عن الصفة الجديدة لمؤسس الجماعة الذي أصبح إماما مجددا كأن الجماعة لم تتخلص بعد من رواسب تشبع بعض مؤسسيها بثقافة الشيعة الإمامية وترهات آية الله الخميني، رغم أن الجماعة بدأت بتدشين قطيعتها سياسيا مع إيران من خلال إدانة تدخل حزب الله اللبناني في سوريا ومساندته لنظام بشار الأسد، فالموقف السياسي الجديد للجماعة الذي انتصر للتيار الإخواني لم يتخلص بعد من رواسب الإمامية التي استوطنت بلاد فارس، وكان إمامها آية الله الخميني قدوة لأهل العدل والإحسان، كما أن تراثه النظري حول ولاية الفقيه استوطن كل التراث النظري للجماعة حول الخلافة وحول الإمامة.
فشل النموذج الإيراني بعد 34 سنة على ثورة الملالي، الذي لم يعد يغر الشعوب الإسلامية، وظهر بالملموس أنه نظام دكتاتوري مغرق في المحافظة الاجتماعية والسياسية، جعل الجماعة تعيش تيها جديدا خصوصا بعد وفاة المرشد العام للجماعة الذي دفن معه لقبه وترك لخليفته جماعة بدون مرشد تبحث لنفسها عن موقع داخل الساحة السياسية المغربية.
الجماعة تريد اليوم أن تفهمنا أن الإسلام هو القرآن والسنة النبوية وتراث الإمام المجدد عبد السلام ياسين، وأن المذاهب أصبحت ربما خمسا فبالإضافة إلى المالكي والحنبلي والشافعي والحنفي، ها هو المذهب الياسيني، وأن اجتهاد الجماعة في الدين انتهى بوفاة الإمام المجدد وأن خليفته ليس إلا أمينا عاما.
بيان الجماعة التي تعتبر نفسها مغربية أصدرت بيانا تضامنت فيه مع شعب “البورما” وأعطت النصيحة للقوى الوطنية في ليبيا وتونس ومصر و اليمن و تضامنت مع سوريا وانتقدت حزب الله بدون أن تسميه، لكنها لم تتحدث عن قضية الشعب المغربي الأولى قضية الوحدة الترابية للبلاد.
وحده منطق التضامن الإخواني استحكم في بيان الجماعة وحتى عندما تحدث البيان عي القضية الفلسطينية كقضية مركزية نسي البيان أن الإخوان يحكمون في مصر وغزة وليبيا وتونس، وحمل مسؤولية التقاعس فقط للأنظمة والمؤسسات الرسمية الشكلية كأن مصر مرسي توجد في القوقاز.
لأول مرة في تاريخ الجماعة يصدر بيان عن مؤسسة تقريرية للجماعة لا تعرف فيه الجماعة ماذا تريد، يتحدث البيان عن ضرورة تعبئة شعبية تنقل فئات واسعة من الشعب من واقع العزوف و اللامبالاة و السلبية إلى واقع المشاركة و الرقابة و الفعل الجماعي المسؤول.
من يتأمل فقرة بهذه الحمولة سيظن أنها تعبر عن رأي تنظيم مشارك ومراقب وله فعل مسؤول ويريد فقط من بعض الشعب أن يلتحق بالركب في الوقت الذي يعرف الجميع أن الجماعة آلية من آليات نشر ثقافة التيئيس و تبخيس العمل السياسي، إلا إذا كانت الفقرة تريد منها الجماعة أن تحمل حمولة المشاركة في الشارع و تطلب من الشعب الذي أظهر أنه غير مبال و سلبي و عازف عن الخروج أن يشارك في التيه الذي عاشته الجماعة قبل أن تستفيق و تنسحب لأنها اكتشفت أن الشعب لا يريد ما تريد الجماعة، فهل وصلت الجماعة إلى حقيقة أن عدم احترامها للقانون و عدم مشاركتها في الحياة السياسية من خلال المؤسسات التي ارتضاها الشعب تزيد من عزلة الجماعة و هامشيتها و أن الشباب الذي جندتهم الجماعة منذ 40 سنة كبروا و كبر معهم خط الجماعة الذي أصبح هرما، فلا هو حقق ثورة كثورة الملالي في إيران و لا هو ارتضى خط المشاركة السياسية على هدى خط الإخوان كما حصل مع جماعة بن كيران الذي ظهر أنه الأذكى بترك الجماعة تتحرك في الشارع و يذهب وحده إلى الشعب في الإنتخابات و يحصد أصوات الصف الإسلامي بعد أن يقدم نفسه على أنه مهووس بإستقرار المغرب، عكس الجماعة التي تفتقد للوضوح في الأمور الأساسية.
اليوم تتحدث الجماعة عن حوار وطني على مرأى و مسمع من الشعب بلا إقصاء و لا خطوط حمراء يفضي إلى ميثاق جامع يضع الأولويات و يوحد الجهود و يجمع الكلمة و يؤسس لدستور يعكس إرادة الشعب و هويته.
كلام جميل، الجماعة تريد أن تصبح ديمقراطية و تريد ميثاقا جامعا يجمع من و من و يضع الأولويات أولويات من و من و يوحد الجهود جهود من و من و يجمع الكلمة كلمة من و من.
فلتبدأ الجماعة بنفسها و توضح لنا رؤيتها للميثاق الجامع لأن تاريخ الجماعة حافل بممارساتها الإقصائية للأطراف التي لا تشاركها الرأي سواء في الجامعة أو غير الجامعة، فلم تكن تسمح للآخر بالتعبير عن نفسه فهل تسمح غدا لغيرها بالدخول إلى الجامعة و التعبير عن موقفه من السياسة التعليمية، و هل سوف تسمح للرأي المخالف أن يعبر عن نفسه داخل الجماعة؟ لأن كل من خالف الجماعة كان يجد نفسه مذموما كما حدث للمرحوم محمد البشيري و كلمته حول المربي المستبد شاهد حي على ديمقراطية الجماعة.
فقبل الدستور و بعيدا عن كتابات مؤسس الجماعة، ما هو برنامج العدل و الإحسان كتنظيم سياسي، فالمغاربة يعرفون دينهم و هو دين المغاربة أجمعين، و لن تضيف الجماعة ركنا غير الأركان الخمس المعروفة، فما يريد المغاربة هو معرفة موقف الجماعة من باقي الإشكالات المطروحة على الشعب المغربي و هاهي الإضافة النوعية التي تقدمها الجماعة للمشهد السياسي المغربي و للنمو الإقتصادي للبلاد بعيدا عن الخطاب البكائي و خطاب المظلمة، فالصور المنشورة مع البيان في موقع الجماعة خير دليل على أنها تجتمع و تعقد نشاطاتها و لها مقراتها و أنها في حاجة فقط إلى الوضوح حتى تعلن قطيعتها مع الفكر الإستبدادي و فكر دولة الخلافة و قطيعتها مع الممارسات الدكتاتورية و العنف، و الفضاء السياسي الذي أقره دستور 2011 هو فضاء ديمقراطي لا ينتعش فيه إلا الديمقراطيون الذين خبرهم الشعب و خبرت ممارساتهم على أرض الواقع القوى الحية في البلاد.