المغرب يشارك في أشغال الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب بالرياض
وأخيرا تكلم الصامت، وإن كان قد تكلم من قبله كل وجهاء الكتيبة. فقد تكلمت من قبل “هند عروب” وقالت ما تعلمته في مطابخ “وجهة نظر”، وكانت جد ممنونة لصاحب المن والعطاء، الذي يتحمل وزر إقامتها الأكاديمية العلمية في ماما أمريكا. وتكلم معها من تَأَمْرَك على يد الأمير وفي مقدمتهم كبير المُتَأَمْرِكِين، الذي استغل قضية أنوزلا ليمجد نفسه، وسلط على نفسه الأضواء أي بلغة “السمايرية”، يُرَمِّزُ نفسه كبطل وكفاعل سياسي في جبة صحفي، وهو شيء لا يمكن أن يمر مرور الكرام على كبير الكتيبة، الذي يخاف أن يتحول المَتْعَلِّمْ إلى مْعَلِّمْ إذا صمت كثيرا، شريكا له في قيادة “معركة الكامون” وأن تفلت الأمور من بين يديه.
لقد تأخر صاحبنا في الكلام ولم يكن وفيا لضحيته، مقارنة مع جبهة البوليساريو التي أصدرت بيانا تتضامن فيه مع الصحفي المغربي علي أنوزلا، لأن البوليساريو لا تعترف بالقبيلة التي ينتمي لها أنوزلا كقبيلة صحراوية، لكنها تتضامن معه وتعتبر أن اعتقاله مس بحرية التعبير، في انتظار أن يتحرك بوليساريوالداخل لرد الجميل لهذا الصحفي الذي قدم خدمات جليلة لقضية الانفصال.
كلام الأمير هو وجهة نظر تضع الاعتقال في سياق انتكاسة المد الكاموني، ورغم أنه أمير فإن الأمر لا يمكن اعتباره توجيها للقضاء ولا تدخلاً لأمير في القضاء أو محاولة للتأثير على القضاء من طرف أمير… فهذا المقال الذي نشره الرجل ووقعه باسم الأمير مولاي هشام، لا يمكن أن يعتبر تدخلا في القضاء…
فماذا يقول الأمير؟ فبعد مقدمة طللية يكشف لنا صاحب المقال أن موقع “لكم” كان وراء الكشف عن قضية الإسباني “كالفان”، لكن صاحب المقال لم يقل الحقيقة، حقيقة الذي كان وراء هذا الأمر، لم يقل أنه تسريب من الصحفي الإسباني سامبريرو، الذي أراد أن يأكل الثوم بفم صحفي مغربي يقدم “السكوب” الذي فشل الأمير وكتبته في استغلاله لضرب عرش أجداده، وكان يراهن عليه لكي يبعث الروح في جثة 20 فبراير، قبل أن يصاب بانتكاسه ويعود إلى حضن ماما أمريكا.
يقول الأمير أن نشر فيديو القاعدة التي تتوعد المؤسسة الملكية بتنفيذ عدد من الاعتداءَات والتفجيرات هي فرصة أتت على طبق من ذهب بررت اعتقال أنوزلا ومحاكمته بموجب قانون الإرهاب…
فالأمير فهم من فيديو القاعدة بأنهيستهدف فقط المؤسسة الملكية، أي أن القاعدة لن تستهدف إلا فصول الدستور المتعلقة بالملكية ونظام الملكية وأن باقي فصول الدستور المتعلقة بالحق في الحياة والحريات الأساسية فهي محصنة في وجه القاعدة، وأن القاعدة لن تضرب الشعب المغربي، لن تضرب استقرار المغرب لن تستهدف من مؤسساته إلا المؤسسة الملكية… وهذا ما يبرر سكوت كبير الكامونيين عن إدانة تهديدات القاعدة، فهل هذا يعني أنه يتمنى أن تنفذ القاعدة تهديداتها ضد المغرب وتنفذ اعتداءَاتها و تفجيراتها؟ إنه السؤال الذي يجب أن يجيب عنه الأمير حتى يعرف المغاربة هل هو معهم أم مع نموذج تورا بورا.
يقول الأمير أن ما نشر يدخل في باب الممارسة الإعلامية المتعارف عليها، وأن القضاء الإسباني لم يتحرك للتحقيق مع جريدة الباييس التي نشرت الشريط نفسه الذي اعتقل بموجبه أنوزلا. لكن الأمير لم ينور المغاربة حول الصحفي السابق بقناة الجزيرة الذي قضى سبع سنوات في سجون إسبانيا من أجل علاقته الإعلامية بالقاعدة ونشر تسجيلات بن لادن المهددة للغرب، فيومية الباييس نشرت رابط الفيديو بلغته الأصلية أي العربية و لم تنشره مدبلجا أو مترجما بالإسبانية لأنه موجه إلى المغاربة ويهدد المغاربة، فلو كان موجها للإسبان وباللغة الإسبانية ومهددا لأمن إسبانيا لتحرك القضاء الإسباني بالسرعة المطلوبة، والأكثر من هذا هو أن يومية الباييس استجابت وبالسرعة الفائقة لإنذارات وزارة العدل الإسبانية وسحب سامبريرو الرابط من صفحته على الفايسبوك كصحفي في يومية الباييس.
يعتبر الأمير أن النخب السياسية الحزبية المغربية لم تحاول قط فرض الإصلاحات على الملكية واكتفت بما تكرمت به عليها الملكية من منح ويخصبالتقريعالاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية، الأمير مصدوم من النخبة المغربية ويعتبر أنها سمحت بتفكيك كل أدواته الإعلامية.
فإذا كان الأمير غير راض عن السلطة والدستور والنخب فليستورد لنا سلطة ودستورا ونخبا من الخارج، يمكن له أن يستوردها بدم بارد من بريطانيا أو بشكل محايد من سويسرا أو من أي بلد يرتضيه سموه لنا، وأن يستورد بالمناسبة شعبا آخر يستوطن المغرب يمكن أن يكون أكثر قابلية لاستيعاب ثقافة الكامون…
أميرنا يرد على كل الذين يقولون أن المغرب شهد اليوم تكاثر وسائل الإعلام وبروز صحف وجرائد ومجلات جديدة ويقول أن الكثرة لا تعني بالضرورة التنوع، والتنوع في عرف الأمير هو وجود صحافة تابعة له تروج لأفكاره وتقبل عطاءَاته ومن هنا يخلص إلى أن العرض الإعلامي في المغرب ضعيف جدا رغم كثرة الصحف والأسماء…
وأن الممارسة المستقلة والاحترافية عملة نادرة فوحدها المنابر التابعة له تعتبر مستقلة ومحترفة فالاستقلالية في عرف الأمير هي أن تَضْرِبَ صباح مساء بمناسبة ودون مناسبة في الملك و أن تقبل مجالسة الأمير و أن تقبل عطاءَاته وأن تكتب عن مداخلاته العلمية وأن تقول الكلام الذي يعجبه في أن الأشياء قاب قوسين أو أدنى من المبتغى وأن تستهويك أخبار النميمة عن علية القوم و هو يتكلف بالباقي…
لكن ما يميز مقال الأمير المكتوب بلغة الانكسار والهزيمة هو أنه يحاول أن يقنع ذويه بأن حركات الاحتجاجات الداخلية فقدت وهجها وقوتها، ويمني النفس بأن الأمور في حالة كمون.
الأمير الذي لا يمكن للقوى الحية في البلاد أن تجاريه في ثقافة التيه ذات الحمولة الشخصية التي لا علاقة لها بمشروع مجتمعي، رغم كل المحاولات اليائسة لإلباس التيه طابعا مجتمعيا، يمكن أن يتنازل عن لقبه فهو مواطن مغربي قبل كل شيء ويخلق له حزب ويدافع عن فهمه وذويه، وكل أتباعه فيرى ميزانه وذويه في مجلس الشعب فالشعب هو مصدر السلطات، عوض أن يلبس كل مرة جبة، جبة الأكاديمي وجبة الصحفي وجبة الأمير، وأن يلبس جبة المعارض الحزبي وأن ينزل إلى المعمعة ليعرف حقيقته وحقيقة الشعب والقوى الديمقراطية المفترى عليها، والتي لم ولن تجاريه في تحقيق طموحاته المتعارضة مع التاريخ، فلا يمكن للتاريخ أن يرجع للوراء حتى يتم توريثه حكم المغرب والشعب المغربي أذكى مما يتصور الأمير، حتى ولو أوهم هو بعض ضحاياه من الصحفيين، بأن المراد لا ينقصه إلا قلم يكتب عن التيه صباح مساء حتى يتحقق المطلوب.